دوللي بشعلاني - اوساط ديبلوماسية: على لبنان السعي الى عقد مؤتمر دولي لوضع خارطة طريق لعودة النازحين قبل مؤتمر «بروكسل 4»

  • شارك هذا الخبر
Sunday, March 17, 2019


البيان الوزاري لحكومة «الى العمل»، شدد على تحقيق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم والنازحين السوريين الى بلادهم وفق المبادرة الروسية التي رحّب بها البيان نفسه، وذلك لتحسين الوضع المتردّي في البلاد على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية وسواها. بدوره، اعلن المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي عن أنّه من الضروري أن تواكب مفوضية اللاجئين، النازحين السوريين بعد عودتهم الى بلادهم. غير أنّ المؤتمرات الدولية، وآخرها مؤتمر «بروكسل 3» الذي عُقد في العاصمة البلجيكية من 12 الى 14 آذار الجاري تحت عنوان «دعم مستقبل سوريا والمنطقة»، لم يُشر الى هذا الأمر، رغم اطلاع المشاركين فيه من غراندي عن أنّ «العودة مطمئنة» في العديد من المناطق السورية، على ما شاهد ولمس خلال زيارته الأخيرة الى سوريا، ولا يزال بالتالي يصرّ على أنّ «ظروف عودة النازحين السوريين غير مؤاتية بعد».

أمام هذا الواقع، تُبدي أوساط مقرّبة من فريق 14 آذار تفاؤلها بأنّ «لبنان سيحصل من مؤتمر «بروكسل 3»، على مبالغ أكبر للنازحين السوريين كما للمجتمعات المضيفة، بكثير ممّا حصل عليه في مؤتمري «بروكسل 1» و«بروكسل 2»، إذ طالب بـ 2.6 مليار دولار للنازحين السوريين، وبـ 300 مليون دولار للمجتمعات المضيفة لهم في لبنان للعام 2019. علماً أنّه ذكر بأنّ مساهمات الدول المانحة لخطة الحكومة للاستجابة لأزمة النزوح للعام 2018، بلغت 1.2 مليار دولار أميركي فقط وهي تمثّل 45 % من أساس المبلغ الذي احتاجه لبنان وهو 2.7 مليار دولار.

وهذا الأمر يعني، على ما يقول بعض العارفين، أنّ المجتمع الدولي لا يُنفّذ وعوده كاملة، ولهذا فإنّ أوضاع النازحين السوريين في لبنان تبقى سيئة، كما أوضاع المناطق اللبنانية التي تستضيفهم، لأنّ أموال الدول المانحة لم تكن كافية على مدى السنوات الأخيرة، لا بل أنّ المساعدات للنازحين تتقلّص شيئاً فشيئاً، ما جعل غالبيتهم لا يرزحون تحت خطّ الفقر فقط، بل جعلهم مديونين.

وإذا ما استمرّ الوضع على هذا المنوال، وتوافقت الدول المانحة على مواصلة تقديمها الدعم المالي للنازحين حيث هم، خلال السنوات المقبلة في مؤتمرات «بروكسل 4» و«بروكسل 5» و«بروكسل 6»...، فإنّ هذا سيكون مؤشّراً خطراً، على ما شدّدت المصادر، على «توطينهم» في المجتمعات المضيفة، وعدم البحث في وضع أي خطّة لعودتهم، أو لإعادة إعمار بلادهم.

وتؤكد أوساط «المستقبل»، أنّ الحكومة الحالية قد وافقت على المبادرة الروسية، وهي موافقة على أي مبادرة أخرى من شأنها إعادة النازحين السوريين الى بلادهم. كذلك تؤيّد «العودة الآمنة» للنازحين السوريين بدلاً من «الطوعية» التي قد تبقيهم في لبنان الى أجل غير مسمّى.. غير أنّ لبنان الرسمي في المقابل، لا يُمكنه «مقاطعة» المجتمع الدولي، خصوصاً من خلال سعيه الى مساعدة الدول المضيفة للنازحين، مادياً لكي تتمكّن من مواصلة استقبالهم وتقديم الخدمات الإجتماعية لهم. ويمكن اعتبار هذه المساعدات جزءاً من تحمّل المجتمع الدولي للمسؤولية الملقاة على عاتق الدول المضيفة للنازحين السوريين، ولهذا لا يُمكن للبنان رفضها أو إثارة مشكلة مع المجتمع الدولي.

ولكن إذا كان المجتمع الدولي يصرّ على توفير المساعدات للنازحين السوريين خلال العام الحالي، كما في السنوات المقبلة، فإنّ هذا يجعلهم مرتاحين على وضعهم، بحسب اوساط متابعة لملف النازوح، فلا تعود تفيد معهم استخدام عبارة «العودة الآمنة» الى بلادهم، في ظلّ تمسّك المجتمع الدولي بالعودة الطوعية التي لا تُجبر أي سوري على العودة. فلا «عودة قسرية» في قاموس المجتمع الدولي الذي لا يزال يربط العودة بالحلّ السياسي للأزمة السورية ولو طال انتظاره لسنوات عديدة بعد، في حين أنّ لبنان يئنّ من وجودهم إقتصادياً وإجتماعياً، ولا يمكنه بالتالي تحمّل أعباء مليون ونصف مليون نازح سوري على أرضه، فيما يقف المجتمع الدولي متفرّجاً على أنينه، ولا يقوم سوى بقطع الوعود، وعدم الإلتزام بتسديد المبالغ المستحقّة.

من هنا، تجدد اوساط ديبلوماسية في بيروت بأنّ الحلّ الأفضل يكون بمطالبة لبنان بعقد مؤتمر دولي لحلّ أزمة النزوح السوري فيه وفي دول الجوار، وليس لدعم وجود النازحين السوريين في الدول المضيفة لهم. وهذا يعني طلب وضع خارطة طريق وآلية تنفيذية دولية للعودة، على غرار ما تنصّ عليه المبادرة الروسية بشأن إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، سيما أنّه لا يُمكن للبنان القيام بأي إصلاحات جذرية مطلوبة منه في مؤتمر «سيدر» في ظلّ النزوح السوري وتأثيراته السلبية على الوضع الداخلي ككلّ.

وتكشف الاوساط أنّ لبنان حاول جسّ نبض المسؤولين الدوليين حول إمكانية قبول طلب لبنان بعقد مؤتمر دولي لتحقيق العودة، في حال جرى طرحه، غير أنّه لم يلقَ جواباً إيجابياً عليه. غير أنّ هذا الرفض، لا يمنع، من سعي لبنان الى العمل على عقد هذا المؤتمر الدولي، قبل حلول موعد «بروكسل 4»، انطلاقاً من أنّ المساعدات المالية ليست كافية، وهي لا تُساهم في سدّ الفقر الذي يعاني منه النازحون السوريون في لبنان، ولا عجز المجتمعات المضيفة لهم.

وخلال هذا الوقت، لفتت الأوساط الى أنّ لبنان سيستكمل إعادة النازحين السوريين الذي يبدون رغبة في العودة الى بلادهم، وفق المبادرة الروسية، إذ تحصل الإجتماعات الثلاثية بين اللجنة المشتركة اللبنانية- الروسية والسلطات السورية بشكل متواصل لحلّ بعض العراقيل التي تحول دون عودة بعض النازحين الراغبين فيها الى مناطقهم السورية. أمّا مسألة التطبيع مع سوريا، فترفض الوساط، التوقّف عندها، وخصوصاً أنّ العلاقات بين البلدين مستمرّة ولم تنقطع طوال سنوات الأزمة، كما أنّ لبنان رفض مسألة تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية عندما قرّرت ذلك في تشرين الثاني من العام 2011. علماً أنّ الجامعة نفسها تسعى اليوم الى إعادة سوريا الى حضن الجامعة قبل قمّة تونس التي تُعقد أواخر آذار الجاري، لكنّها لا تعلم حتى الآن كيفية إخراج هذه المسألة.