نيويورك تايمز- الأكثر جوعا على وجه الأرض.. سكان غزة يواجهون خطر الموت وإطلاق النار أمام مراكز التوزيع

  • شارك هذا الخبر
Friday, June 27, 2025

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعدته روان شيخ أحمد وآدم راسغون عن المخاطر التي يواجهها الفلسطينيون عندما يذهبون إلى مراكز توزيع المساعدات التي فرضتها إسرائيل ضمن نظام تشرف عليه مؤسسة غزة الإنسانية الغامضة. وأشار الكاتبان إلى مقتل مئات الفلسطينيين منذ الشهر الماضي، حسب المسؤولين الصحيين في غزة.

فبعد شهر من إطلاق نظام مساعدات جديد مدعوم من إسرائيل في غزة، أصبح الوصول إلى مراكز التوزيع الخاضعة لحراسة مشددة مسعى محفوفا بالمخاطر بالنسبة للفلسطينيين، مما يعيق جهود إيصال ما يكفي من الغذاء إلى السكان الجائعين. وقالت الصحيفة إن عمليات عنف متكررة حدثت بشكل متكرر عن مداخل مراكز المساعدات، ومعظمها في غزة، ويديرها متعاقدون أمنيون أمريكيون وتحت حراسة من القوات الإسرائيلية.

وقالت وزارة الصحة في غزة يوم الأربعاء، إن المئات قتلوا خلال الشهر الماضي بالقرب من نقاط التوزيع.

في جهود منفصلة، تقوم منظمات تابعة للأمم المتحدة ومؤسسات إغاثة إنسانية بنقل مواد غذائية قليلة في شمال غزة. ويقوم الناس اليائسون والجياع بالهجوم على الشاحنات التي تحمل الطحين والبضائع الأخرى بعد دخولها القطاع، وذلك حسب شهود عيان.

وقال جينس ليرز، المتحدث باسم تنسيق الشؤون الإنسانية، إن نظام التوزيع الجديد هو بمثابة “مصائد موت” للغزيين. وقال يوم الأربعاء إن غزة هي أكثر الأماكن جوعا على وجه الأرض، و”عندما تستطيع إدخال أي شيء، يقوم السكان بنهبه.. هذا هو مستوى اليأس”.

ولا يتعدى نظام المساعدات الذي تديره مؤسسة غزة الإنسانية سوى مراكز قليلة في الجنوب. وتم تكليفها بعدما فرضت إسرائيل حظرا على وصول المواد الإنسانية للقطاع منذ ثلاثة أشهر. ولم يتم رفع الحظر على وصول المواد الإنسانية إلا في 19 أيار/ مايو وإن بشكل جزئي.

وكان الجهد الجديد هو محاولة لاستبدال نظام فاعل وعامل تقوده الأمم المتحدة بنقاط توزيع تعد بالمئات. وقد انتقدت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية أخرى النظام الجديد، قائلةً إن المساعدات التي يقدمها أقل بكثير من الاحتياجات، وأنه يجبر الناس على السير لأميال في ظروف خطرة للحصول على فرصة للعثور على الطعام. واتهموا إسرائيل بتحويل المساعدات إلى سلاح.

وأفاد شهود عيان في عدد من المناسبات، أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على مداخل مراكز المساعدات الجديدة. فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه كان يطلق “طلقات تحذيرية” عندما اقترب الناس من قواته فيما وصفه بأنه تهديد. ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن مؤسسة غزة الإنسانية ضرورية من أجل حرمان حماس من الانتفاع من نظام المساعدات. وزعموا أن الحركة سيطرت على معظم المساعدات التي دخلت في الماضي إلى القطاع، حيث اقتطعت -كما زعموا- جزءا منها وأعادت بيعه في السوق السوداء.

وفي يوم الثلاثاء، شجبت فرنسا إطلاق القوات الإسرائيلية النار على المدنيين الذين تجمعوا حول مناطق التوزيع في غزة، قائلة إنها خلفت عشرات من المدنيين قتلى وجرحى. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها عالجت أشخاصا أصيبوا بالرصاص يوم الثلاثاء بالقرب من موقع تابع لمؤسسة غزة الإنسانية في مدينة رفح، جنوب القطاع. وأضاف الصليب الأحمر أن مستشفاه الميداني في رفح، القريب من مركز المساعدات، استقبل 149 مصابا بعد تلك الحادثة، من بينهم 16 أُعلنت وفاتهم فور وصولهم، وثلاثة آخرون توفوا متأثرين بجراحهم. ولم يتسن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه “ليس على علم بالحادث المذكور في موقع توزيع المساعدات برفح”. ولم تعلق مؤسسة غزة الإنسانية تحديدا على تلك الحادثة، لكنها قالت إن هناك مزاعم كاذبة بوقوع هجمات بالقرب من مواقع توزيع المساعدات التابعة لها، وإن وسائل الإعلام الدولية تربط عملياتها خطأً بالعنف بالقرب من قوافل الأمم المتحدة.

وقالت في بيان: “في نهاية المطاف، يكمن الحل لإنهاء العنف في زيادة المساعدات، مما سيزيد من اليقين ويقلل من إلحاح الوضع” و”لا توجد حتى الآن قدرات أو غذاء كافيان لإطعام جميع المحتاجين في غزة”.

وناشدت المؤسسة الأممَ المتحدة والجهات الأخرى التعاون معها.

ومنذ أن بدأت مؤسسة غزة الإنسانية توزيع المساعدات في منتصف مايو/ أيار، أفاد الصليب الأحمر بأن مشفاه الميداني في رفح فعل “إجراءات التعامل مع الإصابات الجماعية” عشرين مرة. وقال كريستيان كاردون، المتحدث الرئيسي باسم الصليب الأحمر، يوم الخميس: “ندين بشدة تعرض الناس، منذ شهر، للإصابة والقتل يوميا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء الذي هم بأمس الحاجة إليه في محور حرب”.

وفي بيان منفصل صدر يوم الاثنين، دافع قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي عن أهمية استمرار حرب غزة، التي شنت لسحق حماس بعد أن قادت هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 على إسرائيل. وقال الجنرال يانيف آسور: “لا يمكننا التسامح مع حماس هنا، لن ننهي هذه الحرب حتى يتم القضاء على التهديد”.

ورغم دخول مواد إنسانية من وكالات تابعة للأمم المتحدة والمطبخ العالمي، إلا أن الأمم المتحدة ترى أن غزة تواجه جوعا كارثيا بعد أكثر من 20 شهرا من الحرب وعدم توفر إمدادات كافية مما راكم من العجز في المواد الغذائية. وقالت وكالة الأمم المتحدة الإنسانية في تقرير صدر يوم الخميس: “تخاطر عائلات غزة بحياتها للحصول على الغذاء، حيث يبلغ عن خسائر بشرية جماعية شبه يومية أثناء محاولة الناس الوصول إلى الإمدادات”، وأضافت: “تعيش معظم العائلات على وجبة واحدة يوميا وبدون فوائد غذائية، بينما يتجنب البالغون وجبات الطعام بشكل روتيني لإعطاء الأولوية للأطفال وكبار السن والمرضى وسط تفاقم الجوع واليأس”.

ونقلت الصحيفة عن أحمد سمير قفينة، من مخيم النصيرات وسط غزة، قوله إنه خاطر بالذهاب إلى مراكز التوزيع 3 مرات لأن عائلته الممتدة تعتمد عليه لتوفير الطعام.

وفي كل مرة، كان يترك مكان عيش عائلته في منتصف الليل، وكان يمشي 45 دقيقة باتجاه مراكز التوزيع، وعادة في صحبة الأقارب والجيران، وفي مرة واحدة استطاع الحصول على حصة صغيرة من الطعام، ولكنه واجه إطلاق النار و”رأيت الموت هناك”. وقال إنه كان يخشى التدافع وشاهد أناسا يستخدمون أدوات حادة لسرقة الطعام ممن حصلوا عليه. ورغم المخاطر، فلا خيار أمامه: “ليس لدينا مصادر للحصول على الطعام”.


القدس العربي