ألقى المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان كلمته من منبر مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، بمناسبة حلول شهر محرم الحرام ورأس السنة الهجرية لهذا العام، حيث أكد خلالها على عمق المعاني الروحية والتاريخية لهذا الشهر المبارك ودوره في بناء الوعي الديني والوطني.
وأشار قبلان إلى أن محرم هو شهر الحقيقة والوقوف في وجه الظلم، وذكر كيف أن رأس الإمام الحسين يرمز إلى قربان الحقيقة الإلهية التي حملت أعباء الدعوة منذ اليوم الأول، موضحًا أن هذه الذكرى تجسد النضال ضد الطغيان وجنون السلطة واستغلال الدين لقتل الدين، ولعبة الجشع السياسي والاجتماعي.
وقال قبلان إن ثورة الإمام الحسين ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي رسالة عالمية تؤكد أن الصمت خيانة، والحياد حرام، وأن لا شيء فوق الحق والعدل، وأن الثورة قد تكون فردًا أو أمة، لكنها أبدية في تأثيرها على التاريخ والمكان.
كما أبرز الشيخ قبلان وحدة المسلمين من سنة وشيعة، مؤكداً أن السنة والشيعة جسد واحد، لا حياة لهم إلا بوحدتهم وأخوّتهم التي فرضها القرآن، والتي لا تتعارض مع الأخوة المسيحية، مشددًا على أن الوحدة الإسلامية – المسيحية هي عماد لبنان ومصدر قوته وأخلاقه، وأن لبنان بلد العائلة الوطنية التي تحكمها المحبة والتضامن لا الأقليات.
وأشار المفتي قبلان إلى التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه لبنان اليوم، من فساد وتمزيق طائفي وارتزاق سياسي وإعلامي، داعيًا إلى بناء دولة قوية عادلة تعتمد على الشراكة الوطنية الحقيقية والمؤسسات الفاعلة بعيدًا عن المحسوبيات والفساد.
ولفت إلى أهمية المقاومة الوطنية التي تعتبر فخر العائلة اللبنانية، مؤكداً أن إسرائيل عدو أبدي، وأن إعادة إعمار المناطق التي دمرتها إسرائيل شرط لشرعية السلطة وحفظ السيادة اللبنانية.
وحذر قبلان من خطورة التطبيع مع إسرائيل، معتبرًا إياه خيانة للتاريخ والضمير والإنسانية، ودعا إلى وحدة عربية إسلامية قوية تشمل السعودية وتركيا وإيران وباكستان ومصر، كونها السبيل الوحيد لمعالجة أزمات الشرق الأوسط.
واختتم سماحته رسالته بالدعوة إلى تقديم التضحيات من أجل بناء دولة عادلة تحمي المواطن وتحفظ حقوقه، مستلهمًا من فداء الإمام الحسين في سبيل الإنسان.