لبنان وسوريا و"الشرق الأوسط الجديد": إنهاء الصراع مع إسرائيل؟

  • شارك هذا الخبر
Friday, June 27, 2025

فتح اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، بإصرار أميركي، الباب أمام احتمالات وقف التصعيد في المنطقة ككل، أو بالحدّ الأدنى هذا ما يسعى إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفق ما يصرّح به هو والمسؤولون في إدارته. ما يعلنه ترامب هو إرادته لوقف الحروب، ولكن الأساس يبقى في الشروط التي يسعى إلى فرضها على كل دول المنطقة، بما يضمن الحماية الكاملة لإسرائيل والحفاظ على تفوقها الأكبر على غيرها من الدول.
تسعى الإدارة الأميركية حالياً، لوقف الحرب على غزة، واقتراح لتسوية الوضع في لبنان، إلى جانب المسار المفتوح بشأن سوريا.

فصل الساحات
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على المنطقة، تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى فصل الملفات عن بعضها البعض، أو فصل الساحات. فأبقت على غزة جبهة مفتوحة، فيما عملت على وقف الحرب في لبنان، وفرضت وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، كما أبرمت تفاهماً مع الحوثيين على الوقف العمليات العسكرية مقابل وقف الضربات.
تبقى جبهة غزة هي الأكثر تعقيداً، نظراً للشروط السياسية والعسكرية والأمنية والاجتماعية، التي من المستحيل تطبيقها طالما أنها تفضي كلها إلى تهجير سكان القطاع وإعدام الحياة فيه. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال الادعاءات قائمة بضرورة وقف الحرب.
أما بالنسبة إلى لبنان وسوريا، فإن المنظار الدولي لهما يربط مساريهما ببعضها البعض. وهو ما يتردد على ألسنة المسؤولين المعنيين، الذين يشددون على ضرورة التفاهم بين البلدين، والدخول في مسار واضح. وهو ما تجلى في مضمون وفحوى زيارة المبعوث الأميركي إلى تركيا وسوريا -ولبنان ضمناً- توم بارّاك، الذي يستعد لزيارة ثانية إلى بيروت للقاء المسؤولين والبحث معهم في تفاصيل المقترح الذي قدّمه، والاستماع إلى ردودهم.
على المستوى السوري، فإن المواقف الأميركية واضحة لجهة التقارب مع الرئيس أحمد الشرع، إلى حدود التعبير عن وجود "أخصام أو أعداء مشتركين". والمقصود هنا هي إيران وحلفاؤها، لا سيما أن كل النظرة الدولية والإقليمية ترتكز على أن التغيير الذي يحصل في المنطقة، او اقتراح الشرق الأوسط الجديد، يمرّ حتماً (بالمعنى الاستراتيجي) عبر سوريا وانطلاقاً منها، والتي تلاشى فيها إلى حدود بعيدة النفوذ الإيراني. هذا النفوذ الذي تعرض لضربة قوية في لبنان، ولا تزال المساعي قائمة لإضعافه أكثر فأكثر، أو لتغييب تأثيره عن المسارات السياسية والاستراتيجية.

طروحات لبنان
يستعد لبنان لتقديم رؤيته حول المقترح الأميركي، وهو بلا شك يتضمن طروحات قديمة وجديدة، تتصل بإنهاء حالة الصراع مع إسرائيل، وسيطرة الدولة على أراضيها، ما يعني حصر السلاح بيدها وحدها، وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب بشكل كامل بالتنسيق والتعاون مع قوات اليونيفيل ولجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، التي من الواضح أن هناك سعياً أميركياً إلى تعزيز دورها، ولو على حساب قوات اليونيفيل. وذلك لا ينفصل أيضاً عن ضرورة إنجاز "الإصلاحات"، سواء الإصلاحات الجوهرية في بنية النظام الاقتصادي والمالي والمصرفي، أو الإصلاحات المقصود منها اتخاذ كل الإجراءات في الداخل والخارج وعلى المعابر والمرافق العامة، لتجفيف المنابع المالية لحزب الله، لعدم السماح له بإعادة بناء قوته العسكرية.

المسار السوري
أما مع سوريا، فإن الأميركيين يولون اهتماماً خاصاً لتطوير مسار العلاقات بين البلدين، مع تحفيز لبنان على التنسيق أكثر مع دمشق، في سبيل التفاهم معها حول ملفات عديدة، وخصوصاً ضبط الحدود ومنع التهريب، ولا سيما الأسلحة والمخدرات، بالإضافة إلى البحث في اتفاق على ترسيم الحدود البحرية والبحرية بما فيها مزارع شبعا، والتي يريد الأميركيون حلاً نهائياً لها بما يزيل أي أسباب موجبة للبنان للتمسك بمبدأ المقاومة في سبيل تحرير الأرض.
يطرح الأميركيون مساراً متقدماً من المفاوضات بين سوريا وإسرائيل، للوصول إلى اتفاق على ترتيبات أمنية وعسكرية تخص الجنوب السوري، من خلال العناية بالمجموعات العسكرية التي سيتم نشرها هناك، بما يضمن أن لا يكون لها أي خلفية عقائدية ضد إسرائيل.
مثل هذا الاتفاق يسعى الأميركيون إلى تكريسه في لبنان أيضاً، وذلك من خلال توسيع نشاط لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية وتعزيز انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، بالتعاون مع قوات اليونيفيل، وبإشراف تام من اللجنة، وذلك لضمان عدم حصول أي تصعيد عسكري في المرحلة اللاحقة، بما يضمن استقراراً طويل الأجل.
وحسب المعلومات، فإن الأميركيين يعملون على فتح مسار جدي من الضغط مع إسرائيل للوصول إلى وقف الاعتداءات ضد لبنان، ووضع برنامج واضح للانسحاب من النقاط التي لا تزال تحتلها، في مقابل التزام لبناني علني بسحب سلاح الحزب.

المصدر: المدن