شهادات مواطنين من داخل طهران... تضامن وقلق وأمل بالتغيير

  • شارك هذا الخبر
Sunday, June 22, 2025

على رغم التحذيرات التي صدرت من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإخلاء العاصمة الإيرانية طهران، فلا يزال عدد من سكان طهران في منازلهم.

تحدثت "اندبندنت فارسية" إلى عدد منهم وسألت عن أسباب قرارهم بالبقاء، ودوافعهم وآمالهم في شأن مستقبل إيران.

ألمیرا، صيدلانية تبلغ من العمر 32 سنة وتعمل في إحدى صيدليات وسط طهران، قالت ونحن نطوي اليوم التاسع من هجوم إسرائيل على منشآت النظام الإيراني "صراع طويل دار في داخلي حول ما إذا كان يجب عليّ مغادرة طهران أم أمكث هنا، لكن عندما رأيت أن كثيراً من الصيدليات تعاني نقصاً في الكوادر بسبب مغادرة عدد كبير من الناس، قررت البقاء".

وذكرت ألميرا أنها تعمل في صيدليتين، وفي فترتين مختلفتين. وأكدت "من واجبنا الوطني والأخلاقي أن نساعد أولئك الذين لم يتمكنوا أو لم يرغبوا في مغادرة طهران".

فاطمة، شابة أخرى قررت مع عائلتها البقاء، وقالت "الواقع أننا نثق في الجيش الإسرائيلي أكثر بكثير من النظام الإيراني، هذه مدينتنا ولا يوجد سبب لترك منزلنا، والسبب الرئيس لبقائنا هو رغبتنا في أن نكون من أوائل من يشهد سقوط النظام بأعيننا، وأريد أن أكون في شوارع طهران في تلك اللحظة التاريخية، لأرقص وأحتفل".

وتحدث هادي، وهو سائق تاكسي في غرب طهران، عن القلق الذي يساور الناس من الانفجارات المتتالية في مختلف أنحاء العاصمة، لكنه أكد أنه على رغم تزايد المخاوف "أرى في عيون الناس بريق الأمل".

وأضاف هادي "صحيح أن هذه الحرب تسببت بمشكلات عدة مثل نقص الغذاء والدواء والبنزين، وانقطاع الإنترنت، لكننا نحن الشعب الإيراني بذلنا جهداً كبيراً خلال هذه الأعوام لإسقاط النظام، من دون جدوى، والآن، إذا كانت هجمات الجيش الإسرائيلي ستؤدي إلى انهيار النظام، فنحن على استعداد لتحمل هذه المعاناة لننال الحرية أخيراً".

أما مبين وهو شاب يبلغ من العمر 17 سنة من شمال طهران فقال "لم نرغب لا أنا ولا والدي في خوض تجربة النزوح أو الفرار من منزلنا، ولهذا خاطرنا بالبقاء في طهران"، مضيفاً "قراءاتي ودراساتي تقول إن كل الديكتاتوريين سلكوا الطريق نفسه الذي يسلكه خامنئي، وفي النهاية انهاروا فجأة، لا أريد أن أضيع شبابي في ظل النظام الإيراني".

وتابع مبين "هذه الهجمات العسكرية ألغت بالكامل خطتي للهجرة، لذلك، أعد الثواني لأعيش فترة ما بعد حكم رجال الدين، انظروا كيف يعملون، فقد قطعوا الإنترنت بالكامل وسط الحرب".

سحر، ممرضة تبلغ من العمر 44 سنة تعمل في أحد مستشفيات طهران، روت قصة مشابهة قائلة "لم نعد إلى منازلنا، لأن المرضى بقوا في أسرتهم، لو غادرنا أنا وزملائي، من كان سيعتني بهم؟ في رأيي، هذه اللحظات تشبه اللحظات الأخيرة لأية ديكتاتورية".

وتابعت سحر "الناس لم يعودوا خائفين، بل مرهقين وحسب، مرهقون من 46 سنة من الإذلال والفقر والرقابة والشعارات الفارغة، نأمل بكل قلوبنا أن نشهد نهاية هذا الكابوس بأنفسنا في طهران".

في شوارع طهران خيم صمت ثقيل، لكن سكان مناطق مثل جمهوري وصادقية ونياوران وشوش يقولون إنه على رغم أصوات الانفجارات المتواصلة والطائرات والدفاعات الجوية، فقد ازداد الشعور بالتضامن والصمود بين الناس.

الرسائل التي وصلت إلى "اندبندنت فارسية" عبر خدمة "ستارلينك" أو عبر اتصالات متقطعة، تشير إلى أن الشباب في كثير من الأحياء يساعدون بعضهم بعضاً، حتى إن المواطنين أنشأوا ملاجئ منزلية بإدارة متطوعين في بعض المناطق.

ومع ذلك فإن أحد أكبر التحديات هذه الأيام هو انقطاع الإنترنت الكامل بأمر من الحكومة، وهو قرار يرى كثر أنه لا يهدف إلى حفظ الأمن، بل لقطع التواصل مع العالم الخارجي ومنع انتشار المعلومات والصور المتعلقة بالحرب والهجمات على المؤسسات الحكومية.

في غياب الإنترنت يواجه المواطنون مشكلات في الوصول إلى الأخبار الدقيقة والأدوية والغذاء، وكذلك التواصل مع الأقارب في الخارج، وعمَّ جو من القلق والارتباك البلاد.

كثير من سكان طهران لم يتمكنوا من متابعة أحوال المدن الأخرى إلا عبر الإنترنت الفضائي "ستارلينك" المحدود أو المكالمات القصيرة.

في ظل هذه الظروف، تذكر روايات من بقوا في طهران لحظات تاريخية في دول أخرى انهارت فيها الديكتاتوريات فجأة، يؤمن هؤلاء أن أياماً مصيرية قادمة، وأن ثمنها وإن كان باهظاً، فإن البقاء في طهران لرؤية لحظة السقوط يستحق أكثر من الخوف.

وقالت إحدى المشاركات في المقابلات "بقينا، لأن هذه الأرض لنا، لا لأولئك الذين حكموها بالسلاح والاغتصاب والقتل والكذب".


اندبندنت عربية