ناشونال إنترست- كيف تُقوّض الحرب مع إيران إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه الصين؟
شارك هذا الخبر
Saturday, June 21, 2025
قال آدم غالاغر، باحث مساهم في مؤسسة أولويات الدفاع وزميل القادة الإستراتيجيين بـ "جمعية جون كوينسي آدامز"، إنه لا توجد مصلحة إستراتيجية حقيقية للولايات المتحدة في الانخراط في حرب مع إيران التي تقع على بُعد آلاف الأميال من الأراضي الأمريكية، ولا تُشكّل تهديداً مباشراً أو وجودياً للمصالح الجوهرية لواشنطن.
ورغم أن إيران دولة أضعف نسبياً، فإنها تملك قدرات عسكرية تفوق تلك التي واجهتها الولايات المتحدة في العراق أو أفغانستان، إذ يبلغ عدد سكان إيران نحو 90 مليون نسمة، وتمتلك جيشاً أكثر تعقيداً وتنظيماً، مما يجعل أي تدخل عسكري هناك محفوفاً بالمخاطر.
وأضاف الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست"، إن إسرائيل تبدو عازمةً على جرّ الولايات المتحدة إلى حرب شاملة مع طهران، مشيراً إلى أن التورّط الأمريكي سيُعرّض المصالح الأمريكية للخطر، ويستنزف الموارد، ويصرف الانتباه عن أولويات واشنطن، وعلى رأسها التصدي لتصاعد النفوذ الصيني.
تراجع الردع الأمريكي ومنذ هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، سارعت الولايات المتحدة إلى تعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط، إذ أرسلت سفناً حربية وقوات ومنظومات دفاعية لدعم إسرائيل وردع إيران وحلفائها.
لكن اللافت أن كثيراً من هذه الموارد نُقلت من منطقة الهندي والهادئ، وهي المنطقة التي تمثل التحدي الإستراتيجي الأكبر لواشنطن بسبب تنامي التهديد الصيني.
وكان القادة العسكريون الأمريكيون أعربوا في وقت سابق عن خوفهم من اضطرارهم إلى تحويل مخزون الأسلحة بعيدة المدى المخصصة لمنطقة آسيا إلى الشرق الأوسط، في ظل استهلاكٍ كثيف للذخائر في مواجهة ميليشيات مثل الحوثيين. فكيف سيكون الوضع إذا اندلعت مواجهة مع دولة بحجم إيران؟
ومع تصعيد إسرائيل الأخير ضد إيران، يصبح التهديد واقعاً قد يَجرُّ الولايات المتحدة إلى حرب لا طائل منها، تُشتّت انتباهها عن التهديد الأكبر الذي لطالما وصفته إدارات متعاقبة بأنه الأولوية القصوى، وهو الصين.
مصالح الصين ويضيف الكاتب، أن نشوب حرب بين أمريكا وإيران قد يصبّ في صالح الصين بشكلٍ غير مباشر، إذ إن انشغال واشنطن بهذه الحرب يمنح بكين فرصةً عظيمة للتحرّك بأريحية أكبر في محيطها الإقليمي، خصوصاً في مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي.
كما أن نقل الموارد وانصراف أمريكا عن آسيا يُوفّر متنفساً إستراتيجياً حيوياً للصين في الوقت الذي تحاول فيه تعزيز نفوذها الجيوسياسي.
كما تستطيع بكين استثمار هذا الصراع لتكريس روايتها بأن "النظام الدولي القائم على القواعد" ما هو إلا أداة انتقائية بيد واشنطن، تُطبّقه على خصومها وتتجاهله حين يَخدم مصالحها، فالولايات المتحدة التي تدين غزو روسيا لأوكرانيا، تُقبِل على حرب مع إيران بلا ستار قانوني واضح، وهذه الازدواجية تؤجج مشاعر السخط في دول الجنوب العالمي، وتُعزز تقاربها مع الصين.
ويشتهر الرئيس دونالد ترامب بأنه لم يُشعل أي حرب خلال ولايته الأولى، وهو ما يتفاخر به كثيراً، أما الآن، فإن التورّط في حرب دعماً لإسرائيل ضد إيران سيُدمّر ذلك الإرث.
أزمات الشرق الأوسط ولسنوات طويلة، تعهّد رؤساء ديمقراطيون وجمهوريون بتوجيه تركيز السياسة الخارجية الأمريكية نحو آسيا، في ظل إدراك متزايد بأن الصين هي المنافس الوحيد الذي يمثل نداً لأمريكا. لكنهم يجدون أنفسهم كل مرة غارقين في أزمات الشرق الأوسط مجدداً.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: "إذا أراد ترامب الحفاظ على إرثه، فعليه أن ينأى بنفسه عن إيران. وذلك لا يعني تجنّب حرب جديدة وحسب، بل يُمنحه أيضاً فرصةً ليكون الرئيس الذي أعاد فعلياً توجيه البوصلة الأمريكية نحو المحيطين الهندي والهادئ، حيث تتشكَّل ملامح المواجهة الكبرى المقبلة مع الصين".