رسالة من أنطوان حبيب إلى جوزاف عون: السيادة أولاً… وخدمة لبنان فوق كل اعتبار

  • شارك هذا الخبر
Saturday, June 21, 2025

لمناسبة عيد الأب، وجّه السيّد أنطوان حبيب إلى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الكتاب الآتي:

"في وطن طالما أرهقته الانقسامات، والأزمات، وانهيار المؤسسات، برز الرئيس جوزاف عون ليقود ليس بالشعارات أو الاستعراضات، بل بوقار رجل صقله سنين من التضحيات في صفوف الجيش. لقد سبقت سمعته كقائد للجيش اللبناني وصوله إلى سدّة الرئاسة، وكان محل احترام من المواطنين والعسكريين على حد سواء — إرثٌ صاغته السيادة والانضباط والانتصار. أما في موقع رئاسة الجمهورية، فقد حمل معه ذلك الوضوح ذاته، وتلك العزيمة ذاتها، في مهمة أسمى: استعادة مكانة لبنان في العالم، وإحياء روح مؤسساته المنهارة.

منذ الأيام الأولى لتوليه الرئاسة، بيّن الرئيس جوزاف عون أن قيادته لن تقتصر على البروتوكولات الشكلية. ففي فراغ الثقة الذي هيمن على الحياة السياسية اللبنانية، وقف رمزًا للاستمرارية والحسم والنزاهة الأخلاقية.

انطلق في سلسلة من الزيارات الدبلوماسية الرفيعة، لا من باب المجاملة، بل انطلاقًا من أهداف واضحة. ففي العواصم العربية، ذكّر الأشقاء بروابط التاريخ، ودعا إلى تجديد أواصر التضامن. وفي الدول الغربية، استُقبل لا كسياسي يستجدي المساعدات، بل كشخصية ذات مصداقية تحمل آمال شعب بأكمله. لم تكن زيارته إلى فرنسا ومصر ودول الخليج مجرد محطات دبلوماسية — بل رسائل بأن لبنان عاد إلى الساحة بكرامة، وحياد، ورؤية واضحة للسيادة.

في المؤتمرات الدولية، مثّل الرئيس عون لبنان بكلمات حازمة وقوة هادئة، طالبًا الدعم من دون أن يسمح بأن يُساوَم على كرامة لبنان مقابل مكاسب مؤقتة. أعاد تموضع لبنان كدولة ملتزمة بالإصلاح، والحياد، والحُكم الرشيد، مبتعدًا عن التشابكات الإقليمية، ومُعيدًا توجيه البوصلة نحو المصلحة الحقيقية: السلام، والازدهار، والشراكة.

وفي الداخل، تحرك لإعادة تفعيل مؤسسات الحكم التي طالها الشلل. بخطوات مدروسة، عمل على تعيين شخصيات قضائية وأمنية أساسية، ودفع قدمًا بإصلاحات طال انتظارها. قدّم المصلحة الوطنية على الضغوط الطائفية، فاكتسب احترام من أنهكتهم المناورات السياسية. وقف بحزم في الدفاع عن استقلالية القضاء، وواجه محاولات التسييس وتعطيل مسارات المحاسبة.

ووفاءً لجذوره العسكرية، واصل الرئيس عون لعب دور الحامي الصامت للمؤسسة الوحيدة التي لا تزال تحظى بثقة اللبنانيين — الجيش اللبناني. فرغم خروجه من الزيّ العسكري، سعى للحفاظ على الجيش بمنأى عن التجاذبات السياسية، وحرص على تأمين الدعم الدولي له، ليس فقط من حيث التسليح، بل من حيث الاحترام. وفي عهده، تلقّى الجيش مساعدات جديدة من حلفاء خارجيين، دعمت قدراته وعززت صورته.

حتى في خضمّ الأزمة الاقتصادية المستمرة، لم يكتفِ جوزاف عون بالكلمات. فقد دعم بصمت جهود التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وسعى لفك عقد الإصلاحات المتعثرة، ورسم مسارًا نحو الاستقرار المالي. دعا إلى خطة تعافٍ وطنية توازن بين الإصلاح والسيادة، رافضًا بيع مستقبل لبنان مقابل راحة وقتية تُفرض من الخارج.

وربما الأهم من كل ذلك، أنه في زمنٍ طغى فيه الغضب واليأس والتشاؤم على الشارع اللبناني، بقي متمسكًا بهدوئه واتزانه، مذكرًا الشعب أن لبنان لم يُفقد، بل خُذِل — ولا يزال قابلًا للإنقاذ من خلال قيادة صادقة.

لم تكن رئاسة جوزاف عون عهدًا للعناوين الفارغة، بل فترة من الخدمة الهادئة. لم يسعَ لأن يكون بطل حزب، بل خادم وطن. أثبت أن الرئيس يمكن أن يكون حازمًا وعادلاً، فخورًا ومتواضعًا في آن — جنديًا في روحه، ورجل دولة في أفعاله".