اللبنانيون يترقّبون الأسوأ: هل تخفّض الحكومة الضرائب؟

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, June 18, 2025

استسهلت الحكومات المتعاقبة فرض الضرائب لتحصيل إيرادات للخزينة. وعوضَ أن تستدعي الأزمة الاقتصادية إجراءات تخفِّف العبء عن المواطنين، كان الإصلاح والاتفاق مع صندوق النقد الدولي شمّاعة لفرض المزيد من الضرائب تحت ستار تعزيز الإيرادات التي لم يستفد منها المواطنون بحجّة خفض الإنفاق العام. وسلكت الحكومة الحالية الطريق عينه، إذ فرضت ضريبة على المحروقات لتحصيل إيرادات تغطّي الزيادات المقررة للعسكريين. (راجع المدن)
ومع اختلال الاستقرار الأمني في المنطقة إثر اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية، يتخوّف اللبنانيون من الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية التي ترافق أي تصعيد عسكري. وبالتالي، يبحث هؤلاء عمّا يخفِّف عنهم وطأة الانعكاسات، ولا يعوّلون على إجراءات الحكومة التي سارعت لفرض ضريبة ما إن وجدت استقراراً في أسعار النفط، قد يستفيد منه المواطنون. فهل تستدعي الحرب تحوّلاً إيجابياً في نهج الحكومة تجاه الناس؟

سقوط ضريبة المحروقات
على غرار سياسة الدعم التي رافقت الأزمة الاقتصادية ولم يستفد منها الفقراء وذوي الدخل المحدود، إذ ذهبَ الدعم إلى كبار التجّار، أتت ضريبة المحروقات التي أثقلت كاهل الفئات الضعيفة كضريبة مباشرة يدفعونها بشكل يوميّ في محطّات المحروقات، وبشكل غير مباشر عبر ارتفاع أسعار السلع بحجّة زيادة أسعار المحروقات كونها سلعة أساسية تُحتَسَب ضمن كلفة الإنتاج.

وإذا كانت الحجّة لفرض الضريبة، هي انخفاض أسعار النفط عالمياً عمّا كانت عليه عند تشكيل الحكومة في شباط الماضي، فإن الأسعار ترتفع في الوقت الراهن، ما يعني أنّ "هذه الضريبة سقطت ولم تعد تشكِّل مورداً"، وفق ما أكّده عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي صادق علوية.
وأشار علوية في حديث لـ"المدن"، إلى أنّ "مبدأ الإجراءات المباشرة بحجة مساعدة الناس، لم يعد مجدياً، سواء بفرض ضريبة أو بدعم، فالدعم السابق تمّت سرقته". كما أنّ هدف ضريبة المحروقات كان تأمين إيرادات إضافية للعسكريين، لكن في الوقت نفسه "التضخّم مرتفع، وأسعار معظم السلع زادت بنحو 30 بالمئة مقارنة بالعام الماضي"، ما يعني أن التضخّم امتصّ مسبقاً أي زيادة يمكن أن تُعطى للموظفين. وبرأي علوية، فإن الأسعار والخدمات مرتفعة مسبقاً، ولذلك "لا يفترض بها أن تزداد بحجة ارتفاع أسعار النفط".

بالتوازي، لا يفضّل علوية لجوء الحكومة إلى أي إعفاءات ضريبية لأنّ "الناس لم تستفد يوماً من الاعفاءات. فعلى سبيل المثال، يقتطع ربّ العمل ضريبة الدخل سلفاً من راتب الموظّف، ولا يعلم الأخير إن كانت الضريبة تذهب إلى وزارة المالية أم لا. وفي حال الإعفاء، لا يلتمس الموظّف ذلك، فربّ عمله لن يعيد له قيمة الضريبة". والأمر عينه ينسحب على أسعار السلع والخدمات، فأي إعفاء ضريبي أو تخفيض سيحتفظ به أصحاب العمل ولن ينعكس انخفاضاً في الأسعار، بل ستخفِّض الدولة إيراداتها بدون أن ينعكس ذلك على المواطنين.

دعم الإنتاج الوطني
في أعقاب التوتّر الأمني والسياسي في المنطقة والذي قد يؤدّي إلى تقليص حركة التجارة الدولية في حال التصعيد، وتالياً ارتفاع أسعار المواد المستوردة "يمكن للحكومة دعم الإنتاج الوطني وإعطائه الأفضلية بنسبة 20 بالمئة بالسعر في عمليات الشراء العام". والدعم بنظر علوية لا ينحصر بالسلع الغذائية، بل يشمل أيضاً الصناعات الدوائية ومختلف قطاعات الإنتاج.

وكذلك، "على الدولة تكثيف إجراءاتها الرقابية، لناحية مراقبة الأسعار ومراقبة أرباح كبار التجّار. كما عليها الإفراج عن مرسوم غلاء المعيشة الذي يعطي انطباعاً بأنّ الحكومة تعمل بإيجابية خلال الأزمة". (راجع المدن)

اللبنانيون اليوم بحاجة إلى التفاتة إيجابية من الحكومة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، فالعالم يترقّب نتائج الحرب الإقليمية ويتخوّف من توسّعها عبر انخراط الولايات المتحدة الأميركية فيه لصالح إسرائيل، واللبنانيون خارجون لتوّهم من حرب إسرائيلية مدمّرة لم تنتهِ تداعياتها بعد، فآلاف العائلات لا زالت خارج قراها في الجنوب والضاحية بسبب عدم القدرة على إعادة بنائها، الأمر الذي يفاقم أحوالها المعيشية سوءاً. على أنّ إيرادات أي التفاتة قد تقوم بها الحكومة، يمكن تأمينها من خلال "الحَدّ من التهرّب الجمركي وتحسين جباية الضرائب"، وفق ما اقترحه وزير الطاقة جو الصدّي الذي أعلن مراراً رفضه ضريبة المحروقات. فضلاً عن موارد أخرى باتت معروفة لكنّ الحكومات لا تمسّ بها، وفي مقدّمتها استعادة الدولة حقوقها بأملاكها البحرية، سواء عبر تعديل بدلات إيجاراتها لتتوافق مع الأسعار الفعلية لتلك المساحات، أو عبر استعادتها من المعتدين عليها، وتأجيرها لمستثمرين جدد. لكن، يبدو أنّ الحكومة ليست في وارد اتخاذ خطوات جريئة في هذا السياق، في حين ينتظر اللبنانيون الأسوأ.

خضر حسان
المدن