ناشونال إنترست- تصدير الذكاء الاصطناعي ميزة إستراتيجية.. لا مخاطرة أمنية
شارك هذا الخبر
Thursday, June 12, 2025
أكد جاك برنام، محلل أبحاث في برنامج الصين لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، أنه ينبغي للولايات المتحدة كي تتصدى للصين أن تشجع على انتشار الذكاء الاصطناعي، وأن تضع أسسَ النمو العالمي.
وقال برنام في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست": كي تتفوق الولايات المتحدة على الصين، لا يسعها أن تتخلى عن أقرب حلفائها وأصدقائها. ويبدو أن إدارة ترامب تتوق لاستخلاص العبر من هذا الدرس، إذ تَعْمَد إلى إيجاد بديل لإطار عمل إدارة بايدن الخاص بتعميم الذكاء الاصطناعي، الذي يتمثل في جملة من إجراءات التحكم في التصدير الهادفة لحماية الابتكار الأمريكي، وأصابها الجمود في نهاية المطاف فأمست جملة من المحظورات التي طالت وارسو ووهان على حدٍ سواء.
الذكاء الاصطناعي..ساحة معركة بين واشنطن وبكين ترى إدارة ترامب أن الذكاء الاصطناعي يشكِّل ساحة معركة محورية في صراع أوسع نطاقاً مع بكين، وتمثِّل هذه النظرة فرصة لجذب حلفاء الولايات المتحدة وشركائها إلى المواجهة على أساسٍ متكافئ. وبتخفيف بعض قيود التصدير على تقنيات أساسية بشكلٍ انتقائي، يمكن لواشنطن أن تضمن أن يَحدُث التقدُّم في الذكاء الاصطناعي داخل بيئة مغلقة، بما يعزز انتشاره ويُبطِئ في الوقت ذاته التقدم التكنولوجي الصيني.
إستراتيجية الصين تهدِّد الريادة الأمريكية أحرزت الصين تقدماً كبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي، مما أتاح لها تعزيز قوتها الاقتصادية والعسكرية، في ظل تشجيع السوق العالمية للذكاء الاصطناعي سعياً لتحقيق مزيدٍ من النمو. وبضخّ الدعم في جميع مفاصل سلسلة التوريد، من البحث والتطوير إلى مصنعي الرقائق والشركات الوطنية الرائدة، أصبحت لدى الصين صناعة ذكاء اصطناعي مزدهرة قادرة على دفع عجلة الابتكار العلمي، وتحديث القطاع الصناعي، وتعزيز الجاهزية العسكرية.
وفي ظل دعم مكانة الحزب الشيوعي داخل الصين، تستعد شركات الذكاء الاصطناعي الصينية للتوسع عالمياً، وربما إقصاء الولايات المتحدة من المشهد التقني. فقد أدّى الجمع بين دعم بكين للتقنيات مفتوحة المصدر والبراعة التقنية للشركات الصينية إلى ابتكار نماذج منخفضة التكلفة وعالية الجودة قادرة على منافسة أنظمة الغرب التجارية. وهذه النماذج قد تمنح الصين حصةً أكبر من السوق، وتزيح الولايات المتحدة بحيث تصبح الصين بؤرة البنية الأساسية لتطوير الذكاء الاصطناعي عالمياً.
واشنطن والابتكار في الذكاء الاصطناعي بين الشركاء وشدد الكاتب على ضرورة أن توسع واشنطن نطاق نفوذها في سوق الذكاء الاصطناعي العالمية بغية بناء تحالف دائم قادر على مواجهة بكين. ويتطلب هذا التوجه أن تسمح الولايات المتحدة لشركاتها الخاصة بنقل خبراتها التقنية إلى أقرب الحلفاء والشركاء، مما يتيح للمؤسسات العامة والشركات الخاصة شراء المكونات الأساسية بحريةٍ لتطوير صناعاتها المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي.
سيُمكِّن هذا النهج واشنطن من الاستفادة من أفضل ما تقدمه الدول الشريكة من ابتكاراتٍ تقنية، وهو نوع من تقاسم الأعباء المسؤول الذي يعود على الولايات المتحدة بفوائد مزدوجة. وفي ظل تخفيف قيود التصدير، يمكن لواشنطن أن تستثمر في الابتكارات التي طورتها أوكرانيا وإسرائيل في ظل الظروف العصيبة التي يعيشها البلدان، رغم القيود الحالية المفروضة على حصولهما على مكونات الذكاء الاصطناعي الأمريكية.
وقال الكاتب إن تمكين كييف والقدس من الوصول بِأريحية إلى الموارد التي تعزز نمو شركات دفاع ناشئة رائدة — تعمل في مجالات حيوية مثل الطائرات المُسيرة وتقنيات الاستهداف الدقيق — يُعدُّ استثماراً مجانياً في أمن الولايات المتحدة. كما أن هذه الاستثمارات ستساهم في إعادة تنشيط القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية، وستدعم شبكة إنتاج أثبتت فعاليتها من خلال شراكات وعمليات اندماج إستراتيجية.
تأمين إمدادات الذكاء الاصطناعي يمثل التزام واشنطن بنشر التكنولوجيا ميزة إستراتيجية أساسية في بناء تحالف عالمي للتصدي للنمو المتسارع لقطاع الذكاء الاصطناعي في الصين. وفي مقابل منح إمكانية الوصول إلى مكونات الذكاء الاصطناعي الحيوية، ينبغي لمكتب الصناعة والأمن الأمريكي أن يفرض متطلبات أمنية صارمة على المشترين المحتملين، بما يضمن سد جميع الثغرات التي قد تستغلها بكين لسرقة التكنولوجيا الأمريكية عبر عمليات شراء تتم عن طريق دول وسيطة.
ونوّه الكاتب إلى ضرورة أن تمتد هذه التدابير بحيث تشمل جميع مراحل سلسلة تطوير الذكاء الاصطناعي، بدءاً من التمويل التأسيسي وصولاً إلى النشر الشامل. لقد عكفت بكين، سعياً منها لتجاوز القيود الأمريكية على التصدير، بشكلٍ منظم على تطوير قدرتها في الحصول على المكونات الأساسية من الخارج، عبر تمويل مختبرات البحث، ودعم الشركات الصاعدة، وتهريب المعدات من الدول المجاورة.
ولتحقيق التوازن، يقول الكاتب: "يتعين على مكتب الصناعة والأمن الأمريكي أن يجعل الوصول إلى التقنيات الأمريكية مشروطاً بتبنّي الدول والشركات الراغبة في اقتناء تلك التقنيات إجراءات أمنية مشددة. ويجب أن تشمل هذه الإجراءات أنظمة لفحص الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الإستراتيجية، مثل تطوير الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تمويل المختبرات الأكاديمية الخاصة".
وأضاف "كما ينبغي على المكتب أن يطلب من الدول الساعية إلى الاستفادة من مكونات الذكاء الاصطناعي التوفيق بين أنظمتها التصديرية وتلك المُعْتَمَدَة في الولايات المتحدة، ولا سيما فيما يتعلق بالتقنيات ذات الاستخدام المزدوج، مثل وحدات المعالجة الرسومية المتطورة وآلات الطباعة الضوئية. وستُسهم هذه التدابير، إضافةً إلى حماية العناصر الحساسة من التجسس الصناعي الصيني، في دعم جهود واشنطن الرامية إلى ضبط التقنيات الناشئة، وترسيخ نموذج طويل الأمد للحد من انتشارها".
وفي حين لا تزال الولايات المتحدة تتفوق في مجال الذكاء الاصطناعي عموماً، تواصل بكين تضييق الفجوة من خلال محاكاتها المدعومة من الدولة لمسارات الابتكار الأمريكية.
ويتعين على واشنطن، حفاظاً على هذا التفوق، يقول الكاتب، أن تستفيد من شبكتها غير المسبوقة من الحلفاء والشركاء بوصفهم ميزة إستراتيجية، ولا تتعامل معهم وكأنهم يشكلون مخاطر أمنية محتملة.