الغارديان- ماكرون يجب أن يقود الاتحاد الأوروبي لإنهاء الحرب على غزة

  • شارك هذا الخبر
Thursday, June 12, 2025

قالت جو آن مورت، الكاتبة الصحافية المختصة في الشأن الإسرائيلي الفلسطيني، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بات الهدف الأول لهجمات الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو، بسبب مساعيه الواضحة لإحياء فكرة حل الدولتين، القائمة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة بجانب إسرائيل تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأضافت الكاتبة في صحيفة "غارديان" البريطانية "تستعد فرنسا للمشاركة في رئاسة مؤتمر في الأمم المتحدة في نيويورك منتصف يونيو (حزيران) الجاري، مستفيدة من وجود رؤساء الدول المشاركين في قمة مجموعة السبع في كندا. ويسعى لأن تشمل هذه القمة حضوراً عربياً كبيراً، وعلى رأسه المملكة العربية السعودية. غير أن مشاركة السعوديين ما زالت غير مؤكدة، إذ إنهم يدرسون مدى جدوى الانخراط في هذه المبادرة دون التعرّض لخسائر دبلوماسية أو سياسية".

ورغم هذا الغموض، فإن مشاركة السعودية ستبعث رسالةً قوية، وقد كان ماكرون يعقد الآمال على أن يشارك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نفسه. فوجوده إلى جانب ماكرون سيمنح الجهود الدولية زخماً، وسيكون له أثر على مواقف الرئيس الأمريكي، الذي يبدو أنه ليست لديه إستراتيجية واضحة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

قبل أيام، منعت حكومة نتناياهو وفداً عربياً يضم وزير الخارجية السعودي من دخول رام الله للقاء القيادة الفلسطينية، في خطوةٍ عُدَّت غير مسبوقة. لذلك، فإن مشاركة السعوديين في المؤتمر ستكون رداً مباشراً ومؤثراً على تعنّت الحكومة الإسرائيلية، حسب الكاتب.

ماكرون ودور فرنسي تاريخي
وقالت الكاتبة إن تحركات ماكرون لا تمثل خروجاً عن تقاليد السياسة الخارجية الفرنسية، بل تأتي استكمالاً لأدوار تاريخية أدّتها شخصيات مثل ميشيل روكار خلال عهد ميتران. والعنصر الجديد اليوم يتمثل في أنَّ ماكرون يقود هذه المساعي علناً، بدعمٍ داخلي كبير يشمل حتى تيارات اليسار الفرنسي.

وفي المقابل، تُصعِّد الحكومة الإسرائيلية هجماتها عليه. فوزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر اتهم ماكرون بأنه يشن "حملة صليبية" ضد إسرائيل، وهو خطاب خطير وغير مسبوق ضد رئيس دولة تربطها علاقات قوية بإسرائيل، وتحتضن أكبر جالية يهودية في أوروبا.

وبالتزامن مع اقتراب المؤتمر، تشير بعض التقارير إلى تراجعٍ في سقف التوقعات، إذ بدا أن المواقف الفرنسية تفقد بعضاً من حزمها. لكن هذا لا يجب أن يثني ماكرون أو السعودية أو أوروبا. فالظروف لا تحتمل التراجع.

دور الاتحاد الأوروبي
ويعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، إذ شكّلَ في عام 2024 ما نسبته 32% من إجمالي تجارة السلع، و29% من صادرات إسرائيل. لذا، من الضروري استغلال هذا النفوذ التجاري لفرض ضغوط مؤثرة على إسرائيل.

وأكدت الكاتبة ضرورة أن تشمل العقوبات كل ما يتعلق بالتوسّع الاستيطاني، بدءاً من المستوطنات الجديدة التي أُعلن عنها مؤخراً في الضفة الغربية، وصولاً إلى الشركات والمنصات الثقافية والتعليمية التي تعمل خارج الخط الأخضر.

وشددت الكاتبة على ضرورة التفريق بوضوح بين إسرائيل داخل حدود 1967، وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو الخط الفاصل الذي تتجاهله حكومة نتنياهو عمداً. ويجب أن تشمل العقوبات أيضاً قيادات المستوطنين المتطرفين، وعلى رأسهم جماعات "شباب التلال" الذين يهددون حياة الفلسطينيين وممتلكاتهم باستمرار.

لكن الضغط الاقتصادي وحده لا يكفي. فنتنياهو ووزراؤه لا يمتلكون قاعدة شعبية حقيقية خارج نفوذ نتنياهو، ويستمرون في شيطنة القادة الدوليين لتحفيز الداخل الإسرائيلي بخطابات "العالم ضدنا".

يكمُن الحل البديل، برأي الكاتبة، في مخاطبة غالبية الإسرائيليين، الذين أنهكهم التطرف والخوف، ويتطلعون إلى إنهاء حرب لا تبدو لها نهاية. فمستقبل فلسطين لا يهم الفلسطينيين وحدهم، بل الإسرائيليين أيضاً الذين يريدون الإفلات من سيطرة نتنياهو.

السلام وصنع الفرص
ولخّص المغني والناشط الشهير "بونو" هذا المعنى في خطابٍ له حين قال: "السلام يصنع الفرص حتى في خضم أكثر الظروف تعقيداً... أطلقوا سراح الرهائن. أوقفوا الحرب. أُطلقوا سراح إسرائيل من قبضة نتنياهو والمتطرفين الدينيين الذين يحرِّفون نصوصكم المقدسة".

تزخر الصحف الإسرائيلية يومياً بتكهنات حول قرب سقوط حكومة نتنياهو، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أنّ أي انتخابات قادمة ستُسفر عن حكومة لا تضم نتنياهو أو حلفاءه المتطرفين، بل ائتلافاً وسطياً يضم أطيافاً من اليمين واليسار.

ورغم أن الدولة الفلسطينية لن تُقام غداً، تضيف الكاتب، على العالم ألا يفقد الأمل. يجب إنهاء الحرب على غزة، وإعادة الأسرى الإسرائيليين إلى عائلاتهم، بعد أن تخلّت عنهم حماس وكذلك نتنياهو بسياساته الانتهازية.

واختتمت الكاتبة مقالها بالقول: "لا يمكن تهميش حماس إلا بفتح أفق سياسي للفلسطينيين. هذه هي مهمة ماكرون وحلفائه الأوروبيين الآن: اتخاذ خطوات ملموسة، لا تبني محض شعارات، لوضع الأساس لعالَم ما بعد نتنياهو وحماس".


24.AE