التعلّق المرضي بحزب الله أصبح حجر عثرة أمام تحرّر لبنان ونهوضه- بقلم دانيال القهوجي

  • شارك هذا الخبر
Friday, May 16, 2025

تحت عنوان، " التعلّق المرضي بحزب الله أصبح حجر عثرة أمام تحرّر لبنان ونهوضه.. طواحين دون كيشوت… والتعلّق المرضي"، كتب دانيال القهوجي:


اعتبر الشاب اليافع دانيال القهوجي حفيد الشهيد الصحفي "مصطفى جحا" أنه في علم النفس، تُصنَّف أنماط التعلّق بين الأفراد إلى أنواع مختلفة، منها: التعلّق الآمن، القلق، والتجنّبي. غير أن هناك نمطًا رابعًا يستحق الوقوف عنده، وهو التعلّق المرضي أو اللامنطقي.
هذا النوع من التعلّق العاطفي ينشأ عندما يتمسّك الإنسان بشخص أو كيان يظنه قويًا ومهمًا في حياته، بينما تُظهر الحقيقة عكس ذلك. ينبع هذا التعلّق من الخوف والأوهام، فيخشى الإنسان فقدان ما لا يستحق التمسّك به، حتى وإن كانت إمكانية التخلّي عنه سهلة وممكنة. يؤدي ذلك إلى التوتر والقلق، ويحبس صاحبه في دوامة وهم الحاجة.
ولا يقتصر هذا التعلّق على الأفراد فحسب، بل يظهر كذلك في العلاقات السياسية، حيث تتمسّك بعض الأطراف بكيانات فقدت قوتها الفعلية، لكنّها لا تزال تعيش في ظلال خوف قديم. فيتحوّل الخصم الضعيف إلى بعبع وهمي، ويصبح التعلّق به شبيهًا بما فعله دون كيشوت، حينما خاض معركة شرسة ضد طواحين الهواء، معتقدًا أنه يواجه جيشًا جبارًا.
هنا، يطلّ المشهد اللبناني بحقيقته الموجعة. فالدولة اللبنانية تبدو أسيرة تعلّق مرضي بحزب الله، كأنها لا تزال ترى فيه قوة لا تُقهر، رغم أن الواقع يؤكد أنه استُنزف في الحرب الأخيرة، فتضررت بنيته التحتية، وتراجعت قدرته المالية والعسكرية. سوريا، المعبر التقليدي لأمواله وسلاحه، تحوّلت إلى حليف سعودي–أميركي بعد موجة استثمارات ضخمة لإعادة إعمارها. أما الحزب، فقد أُنهك إلى الحدّ الذي لم يعد قادرًا، لا هو ولا الدولة، على إعادة إعمار ما تهدّم.
من الناحية العسكرية، تضاءلت قدرته إلى حدّ جعل تكرار أحداث 7 أيار أمرًا غير وارد. ومع ذلك، تستمر الدولة اللبنانية في مهادنة هذا “الوهم” المسلّح، بل وتكرّسه في خطابها، وتتوعد بالإصلاح دون تنفيذ، وكأنها تخاف من ظلّه أكثر من واقعه.
جاءت القمّة التي عُقدت في الرياض لتكشف حقيقة هذا التعلّق. فالرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، خلال كلمته هناك، منح لبنان فرصة أخيرة، وصفها بأنها لا تتكرّر إلا مرة في العمر، كي ينهض من كبوته، ويستعيد ازدهاره. لكنّ لبنان لم يُدعَ رسميًا، في رسالة واضحة مفادها أن الدولة لا تستحق دعمًا ما دامت أسيرة سلاح خارج شرعية القرار 1559 و1701.
بالتالي، نستنتج أن التعلّق المرضي بحزب الله أصبح حجر عثرة أمام تحرّر لبنان ونهوضه. فبدلًا من اغتنام الفرص، ما زالت الدولة تلهث خلف وهم القوة، وتضحّي بمستقبلها لإرضاء طرف مُنهك لم يعد يملك زمام المبادرة.
لقد آن الأوان أن يخرج رئيس الجمهورية والحكومة من عباءة الخوف، وألّا يُضحّى بلبنان في سبيل وهمٍ شاخ وضعُف، بينما العالم يفتح أبوابه لمن يملك الجرأة على التحرّر والانطلاق نحو الازدهار والحياة.