خاص - سعيد يقرأ في زيارة ترامب إلى السعودية وانعكاسها على لبنان! - هند سعادة

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, May 14, 2025

خاص - الكلمة أونلاين

هند سعادة

لا شكّ أن ما بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية ليس كما قبلها باعتراف الحلفاء والأعداء، فالالتزمات السياسية والاقتصادية والصفقات التجارية الضخمة التي أبرمها سيّد البيت الأبيض في الرياض تنبئ بأنّ المنطقة باتت أمام منعطف كبير، عنوانه "مصالحة العالم العربي عمومًا والإسلامي خصوصًا مع الغرب"، هكذا قرأ النائب السابق فارس سعيد هذه الزيارة.

في حين كان الغرب يُعامل الدول الإسلامية على أنها مصدر عدم الاستقرار في العالم عقب أحداث 11 أيلول المأساوية عام 2001، استطاع العرب وتحديدًا أهل المملكة العربية السعودية، بعد 24 عامًا، تحقيق المصالحة بين العالم العربي عمومًا والإسلامي خصوصًا مع دوائر القرار الخارجية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وفقًا لسعيد.

ولفت سعيد إلى أن "هذه المشهدية هي نتيجة مسار تراكمي، سُجّلت أول خطواته في العاصمة بيروت في 27 آذار عام 2002، حيث عُقدت القمة العربية تحت عنوان "الأرض مقابل السلام"، وتبعتها خطوات كثيرة باتجاه تحسين العلاقات بين الرياض وواشنطن، وصولًا إلى الدور المفصلي الذي لعبه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الذي تميّز عن قادة العرب التقليديين، واضعًا نصب عينيه هدفًا أساسيًا وهو تحقيق هذه المصالحة".

ولدى سؤاله عن مدى انعكاس هذا الحدث على لبنان الذي لم يغب ذكره عن ترامب، شدّد سعيد على أن "لبنان كان أوّل راكبي قطار التغيير الذي سعى له بن سلمان، والمحطّة الأبرز على هذه السّكة، كانت زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي التارخية والأولى من نوعها إلى المملكة عام 2017، التي كان سعيد والصحافي والكاتب رضوان السّيد أبرز المحضّرين لها. هذه الزيارة أثبتت رغبت المملكة بتحقيق مصالحة ليست فقط سياسية إنما أيضًا دينية على المستوى المسيحي تحديدًا".

وفي هذا الإطار، أشار سعيد إلى أنه "كان يتمنّى مشاركة ممثل عن الكنيسة المارونية في هذا الحدث، خصوصًا أنها كانت أوّل من قرأ الإنجيل بلغة القرآن الكريم وأوّل من لعب دورًا في العالم العربي في هذا الاتجاه، ولكن الظروف الصّحية للراعي لم تكن لتسمح له بالمشاركة". وتابع: "علينا كلبنانيين الخروج من "محليّتنا السياسية" التي عزّزتها معارك الانتخابات البلدية، وتوسيع أفاق تطلّعاتنا لتشمل عنواين المنطقة العريضة والعمل على نسج العلاقات مع محيطنا".

وإذ شدّد على أن "غياب لبنان عن هذا الحدث ليس ناتجًا عن إرادة مبطّنة لتهميشه"، ذكّر سعيد بأن "أول زيارة خارجية لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون كانت إلى المملكة، إضافة إلى مشاركة رئيس الحكومة نواف سلام صلاة العيد إلى جانب الأمير بن سلمان، ما من شأنه أن يدلّ على اهتمام المملكة بالدور اللبناني".

ولكن السعيد المتسلّح بالواقعية السياسية، يتمسّك بمقولة "ما حك جلدك مثل ظفرك"، معتبرًا أن "على جميع اللبنانيين القيام بإعادة قراءة لهذه التّطورات".
وقال: "لم يعد ممكنًا للمسيحيين التّمسّك بعدم رضاهم عن توجّهات لبنان الكبير وإظهار رغبتهم بتشكيل "لبنان الأصغر"، ولم يعد يجوز للمسلمين من الطائفة الشيعية، اتّهامنا بعدم الاعتراف بحجم تضحياتهم، كما لا يكفي جلوس زعيم الدروز على حافة النهر بانتظار مسار الأحداث".

من هنا رأى سعيد أن "الأحداث المتلاحقة سبقت حسابات جميع الفرقاء اللبنانيين وفرضت نفسها عليهم، واليوم بات عليهم أكثر من أي وقت مضى التمسّك بالدستور اللبناني لأنه ضمانتهم الوحيدة في سبيل بناء دولة وطنية".

أما على الضفّة السورية، فأكّد سعيد أن "رئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع الحاضر الأبرز في هذه الزيارة، أُعطي "براءة ذمة" سياسية من قبل أهم رئيس في العالم، وقرار رفع العقوبات عن سوريا يدل على إعطاء الضوء الأخضر لدول الخليج لدفع الأموال اللازمة للبدء بورشة إعادة الإعمار التي ستنعكس إيجابًا حكمًا على لبنان".

إذًا، وفقًا لسعيد، "بات العالم الآن على أبواب عالم جديد يتصدره دونالد ترامب ومحمد بن سلمان الذي انتزع بقدراته وصبره وذكائه، موقع "زعيم العالم العربي الجديد" عن استحقاق، ليصبح رمز الجيل الجديد بعد أجيال الرئيس جمال عبد الناصر، أبو عمار، حافظ الأسد وصدام حسين".

أما ترامب، فأكّد عبر هذه الزيارة، "تمايز سياسة بلاده عن سياسة إسرائيل، ولعل المفاوضات التي خاضتها واشنطن مباشرةً مع حركة "حماس" لإطلاق سراح المخطوف الأميركي عيدان ألكسندر من دون المرور برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، هي دليل كبير على هذا التمايز، رغم أن الأخير كان يأمل بأن يفتتح ترامب الحرب على إيران، بدل سلوك خيار الحوار معها"، بحسب سعيد.

وإلى جانب سلّة الإنجازات الضّخمة التي حقّقها، شرح سعيد أن "ترامب أراد من خلال هذه الزيارة أن يثبت استحقاقه لجائزة "نوبل" للسلام، متمسّكًا بدوره كـ "عراب لاتفاقات السلام" بين إسرائيل والدول العربية، التي باتت قاب قوسين من الحصول".

من جهة أخرى، ذكر سعيد أننا "دخلنا إلى زمن بروز "التيار السّني في المنطقة، وبعد أن كان العالم الاسلامي والعربي متّهمًا بالإرهاب، نجحت اليوم المملكة بنزع هذه التهمة عنه، لتصبح بذلك هذه التهمة مرتبطة بإيران التي نسجت تحالف الأقليات وعاثت خرابًا في أربع عواصم عربية".

وبالعودة إلى لبنان، شدّد سعيد على أنّ "التّحول سيلقى ترجمة فعلية ومباشرة في لبنان"، لافتا إلى أن "كل من يصرّ على تمسّكه بسلاح حزب الله، مرّ عليه الزمن، خصوصًا بعد أن أصبحت سوريا بزعامة الشرع حليف أميركا وسقط النظام العلوي في الشام".

وأضاف: "في ظل هذه المعادلة الجديدة، فقد السلاح قيمته وبات عبئًا على حزب الله"، لافتًا إلى أن "الرئيس عون يقدّم له خدمة كبير ما إذا ما كان يحاول إيجاد مخرج لسلاحه".