خاص- الشرع يدخل اوروبا عبر الاليزيه... فهل تعود فرنسا الى الشرق عبر دمشق؟ مرقص يكشف خفايا الزيارة- تقلا صليبا
شارك هذا الخبر
Wednesday, May 7, 2025
خاص الكلمة اونلاين
تقلا صليبا
في أوّل زيارة له إلى القارّة العجوز، ومن الباب الفرنسي، دخل الرئيس السوري أحمد الشرع قصر الاليزيه للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حاملًا معه عدّة ملفات أساسية، أهمّها الأمنية التي تهدف لحماية السوريين، ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، بالإضافة إلى إعادة الإعمار ومجموعة من المواضيع الشائكة التي يجب بحثها.
في حديث خاص لموقع "الكلمة أونلاين"، يقرأ الاستاذ الجامعي في القانون الدولي، السيّد مارك مرقص، مؤشرات هذه الزيارة، ويرى فيها وجهين لهذا الحدث، يتعلّق الأوّل بالسياسة الداخلية الفرنسية، والثاني بدور فرنسا في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما في سوريا ولبنان.
أدركت الحكومة الفرنسية، بحسب مرقص، أن سوريا اليوم أما واقع جديد، وعليها التعامل معه، لا مواجهته، بالرغم من أن الحكومات الفرنسية المتعاقبة، لم تكن متحمّسة جدًا لتغيير النظام في سوريا، وكانت تفضّل بقاء الأسد، ولو أن لديها تحفّظات كثيرة عليه، لكنه بالنسبة لها كان يضمن، على الأقلّ، حقوق الأقليات السورية، بالأخص بعد ظهور المجموعات المسلّحة عقب ثورة 2011، وبدأ المطالبة الشعبية الواسعة بإسقاط الأسد، وكان اليمين المتطرّف الفرنسي ودودًا مع الأسد، الأمر الذي يفسّر التقرّب والعلاقة الطيبة التي حصلت بين الدولة الأوروبية والمحور الإيراني.
يضيف مرقص، ان المقاربة الفرنسية تجاه سوريا حسّاسة جدًا، والأمر الواقع الذي فرض نفسه، حيث تولّى الشرع زمام الرئاسة، واسمه حتى اليوم على لوائح الإرهاب، بل هو ممنوع من دخول أوروبا أصلًا، وقد "سُمح" له بهذه الزيارة، ومازال التعامل معه دقيقًا، ودولًا عدّة لم تعترف به بعد، وأنظمة كثيرة تتعامل معه بحذر شديد، لاسيما أن الواقع السوري تطوّر بسرعة كبيرة، وترافق مع أحداث جوهرية غيّرت وجه المنطقة كلّه، وبات الإقليم لا يشبه نفسه الذي كان قبل ثلاث سنوات.
يُكمل في نفس الاتّجاه، ويلقي مرقص الضوء على التراجع في الحضور الفرنسي الخارجي، لاسيما في الدول الشرق أوسطية، التي جمعتها بفرنسا علاقات طيبة على مدار سنوات، وكانت مركز ثقل للنفوذ الفرنسي والحضور السياسي، الاقتصادي والثقافي، واليوم عادت فرنسا للبحث عن هذا الموقع، وربما تكون اتفاقية الاستثمار في مرفأ اللاذقية، والتي وقّعتها إحدى أهمّ الشركات الفرنسية، دليل على الرغبة بعودتها إلى المنطقة.
خسارة فرنسا للمنطقة ليست وليدة الأمس، بل تعود لفترة تتعدّى العقدين، حيث ابتعدت عن خطّها التاريخي، الذي كان يدفعها للتحالف ودعم من يشبهها بالمبادئ والثقافة والالتزام بحقوق الإنسان، والتوجّه لمن هو الأقوى والحاكم بسطوة السلاح والقوة، فتقرّبت من الخطّ الإيراني، ودعمت الأسد خلال مراحل معيّنة، كما وقفت في ظهر حزب الله في لبنان، أي أنها بحثت عن علاقات انية تأتي بأرباح مؤقتّة، من خلال تحالفات، لا مع الدولة، بل مع "الأقوى" على الأرض، وكلّ ما ذُكر، يؤكّد غياب الحضور الفرنسي، وضعف السلاح الديبلوماسي الذي ترتكز عليه موازين القوى، والتي حتى اليوم، ليست لصالح فرنسا. بالانتقال إلى حضور لبنان في هذه الزيارة، يعود مرقص بالحديث إلى جملة قالها وزير خارجية فرنسا، الذي اعتبر ان "وضع لبنان معلّق بوضع سوريا"، ولكن مرقص يؤكّد ان الربط بين البلدين أدّى إلى خسائر كبيرة، وكلّف البلدين الكثير، لذلك لا يجب إلصاقهما ببعض، بل التعامل مع لبنان على انه دولة مستقلة، تحكما "الجيرة" مع سوريا، لا "التبعية"، ويُدرَس أي ملف مرتبط بلبنان، بما يحترم السيادة اللبنانية، وتتمّ مناقشته مع الجانب اللبناني قبل اتّخاذ أي قرار.
زيارة مهمّة، هكذا يصف مرقص وجود الشرع في فرنسا، لها أثرها، وهي بالفعل مفتاح عودة سوريا-الشرع إلى أوروبا، وعلى الأوروبيين بالمقابل تلقّف هذه الزيارة والتعامل معها بجدّية، فالمنطقة التي تشمل سوريا، توجّهت – يذكّر هنا بكلام الأمين العام السابق لحزب الله السيّد حسن نصرالله – نحو الشرق، وعلى الغرب استعادتها، ويختم بالتأكيد على حقّ الشعوب بتقرير مصيرها، وضرورة التماشي، سياسيًا وقانونيًا، مع رغبة الشعب السوري، الذي يختار من يريد أن يمثّله، وإذا كان الشرع هو خيار السوريين، فعلى الدول احترام قرارهم، والتعامل معه على هذا الأساس، شرط إثبات التزامه بالدساتير وكل ما يتماشى مع حقوق الإنسان.