تشديد العقوبات على إيران سيضيق الخناق الاقتصادي على العراق
شارك هذا الخبر
Thursday, February 20, 2025
يبدو أن تشديد الخناق الاقتصادي على إيران الذي اتبعته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يلق ظلاله على إيران وحسب وإنما انسحب الأمر على الوضع في العراق، لا سيما لناحية توفير الطاقة الكهربائية التي يعاني العراق نقصاً شديداً فيها نتيجة عوامل عدة، أبرزها ضرورة توفير إمدادات الغاز للمحطات التي تعمل بالغاز الذي يستورد بغالبيته من إيران، مما سيوقع العراق في مشكلة كبيرة إذا رفضت إدارة ترمب تمديد استثناء العراق من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران لاستيراد الغاز الذي يراجع كل ستة أشهر، ومن المقرر أن ينتهي بعد أسابيع قليلة، وسط تأكيدات بعدم رغبة الإدارة الأميركية فيف تجديد هذا السماح، مما سيضع بغداد في موقف حرج بحال عدم إيجاد بدائل خلال الفترة المتبقية، لا سيما مع اقتراب فصل الصيف، حين يزيد الطلب على الطاقة الكهربائية نتيجة زيادة معدلات الحرارة في العراق التي تتجاوز 50 مئوية. وظهرت أولى بوادر تشديد الخناق الأميركي بعد سلسلة عقوبات متوقعة على مصارف عراقية متهمة بتهريب الدولار إلى إيران.
تجفيف منابع التمويل
يشير أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية عصام الفيلي إلى أن "إدارة ترمب تسعى إلى تجفيف منابع التمويل التي تعزز الوجود الإيراني"، داعياً العراق إلى "إيجاد بدائل بعيداً من إيران". وقال الفيلي "إن ترمب يدرك تماماً أن إيران نجحت في الالتفاف على العقوبات الأميركية طوال العقد الديمقراطي ولفترات طويلة، بالتالي تذهب باتجاه تصدير النفط وهذا لم يجد له الديمقراطيون علاجاً"، مشيراً إلى أن "ترمب يريد تجفيف منابع التمويل التي تعزز الوجود الإيراني، فكثير من المصارف العراقية تمول إيران بصورة غير مباشرة بالدولار، ولذلك جرت معاقبتها".
الربط الكهربائي
ولفت الأستاذ الجامعي إلى أن "إدارة ترمب تضغط على إيران في مجال الغاز، مما سيجعل العراق يفكر في إيجاد مصادر أخرى غير إيران ومن ضمنها الربط الكهربائي مع دول الخليج ومع الأردن"، مبيناً أن "إيران تعيش وضعاً اقتصادياً حرجاً، ولذلك فإن ترمب يسعى إلى تحريك الشارع الإيراني".
العراق والربط الاقتصادي بإيران
"يرتبط العراق اقتصادياً بإيران كونه سوقاً أولى بالنسبة إليها، وهي تعمل على الاستثمار الأمثل بقدرات العراق المالية بطريقة تذهب معها معظم الدولارات إلى جعبتها في هذه المرحلة"، بحسب الفيلي الذي لفت إلى أن "العراق يجب أن يفهم أنه لا يوجد شيء يمر من دون علم الولايات المتحدة وأن كل حركة الأموال، سواء عبر المنصة والماستر كارد يجب أن تخضع للتمحيص والتدقيق، ولذلك عليه أن يبحث مع خبراء الاقتصاد ليكون في منأى عن هذه العقوبات".
العراق سيخسر 8 آلاف ميغاواط
بدوره يؤكد الباحث في مجال الطاقة كوفند شيرواني أن "العراق سيخسر 8 آلاف ميغاواط في حال جرى وقف إمدادات الغاز الإيراني إليه"، فيما شدد على "ضرورة إيجاد بدائل". وأضاف شيرواني أن "الحكومة العراقية طلبت من الإدارة الأميركية تمديد الاستثناء الممنوح لها لشراء الغاز الطبيعي من إيران لتشغيل محطات الكهرباء، وبحسب ما تسرب من أنباء، لم توافق واشنطن على الطلب كما كان معمول به في زمن إدارة بايدن، إذ كانت تمنح سماحات وتمدد كل ستة أشهر". وبين المتحدث أنه "من الواضح أن إدارة ترمب تنوي زيادة الضغط على إيران من خلال استخدام الورقة الاقتصادية كوسيلة ضغط سياسية، وربما ينسحب الضغط على صادرات النفط الإيراني بمقدار 10 في المئة إضافية، إلى جانب التخفيضات خلال الفترات السابقة".
صيف ثقيل
وأشار الباحث في مجال الطاقة إلى أن "إنتاج الطاقة الكهربائية بالعراق يصل إلى 27 ألف ميغاواط، ولكن الطلب يصل إلى 45 ألف ميغاواط، وهذا يجعل العجز في الإمداد كبيراً، وربما يكون الصيف المقبل ثقيلاً، لا سيما في وسط العراق وجنوبه".
ودعا شيرواني الحكومة العراقية إلى "توفير بدائل للغاز المستورد من إيران الذي يخضع لعقوبات، مثل استيراده من السعودية والتعجيل في مشاريع عزل الغاز المصاحب لاستخراج النفط، الذي وصلت نسبة استثماره إلى 70 في المئة وبات ما يحرق نسبته 30 في المئة فقط".
6 مليارات دولار
وخلص شيرواني إلى القول إن "واردات الغاز الإيراني للعراق تصل إلى 50 مليون متر مكعب باليوم، فيما تقدر كلفة استيراد الغاز من 5 إلى 6 مليارات دولار سنوياً، والإدارة الأميركية معترضة على إرسال أموال إلى إيران في مقابل الغاز، وهذا يعني أنه إذا توقفت الإمدادات سيؤدي ذلك إلى تراجع بإنتاج الطاقة الكهربائية من 10 إلى 8 آلاف ميغاواط، مما سيعمق أزمة الطاقة الكهربائية بالعراق ويزيد من عجز إنتاجها".
ضغوط لمنع تسرب الدولار
ختاماً يرى الخبير في الشؤون المالية محمود داغر أن "إصدار قوائم جديدة لمصارف عراقية متهمة بتسهيل توفير الدولار إلى إيران، يعد بمثابة حملة من الضغط الأقصى لمنع تسرب الدولار". وبين إذا ما صحت تلك الأنباء وصدرت قائمة بهذه المصارف، فسيكون عدد المصارف المعاقبة نحو 35 مصرفاً ممنوعاً من دخول سوق التحويل.