خاص- لماذا طالب البيان الوزاري بـ "استراتيجية" للدفاع عن لبنان.. وهل يمهّد لتأمين غطاء "الشرعية" للمقاومة!
شارك هذا الخبر
Wednesday, February 19, 2025
خاص- الكلمة أونلاين
هند سعادة
رغم أن الخارج والداخل أصبحا على يقين أن لفنّ "الوعود الفارغة" أربابه في لبنان، وأنه لا مجال لاستخلاص العبر عن الواقع اللبناني إلا بـ "التنفيذ"، إلا أن البيان الوزاري الذي صدر عن حكومة الرئيس النواف سلام كانت محطّ ترقّب غير مسبوق فالجميع راح يبحث بين سطوره عما يرضي تطلّعاته على اختلافها.
لا شكّ أن خلوّ البيان الوزاري من أي بند متعلّق بـ"المقاومة" للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين من الزمن، هو التّحول الأكبر الذي سيتخطّى وقعه حدود الحبر والورق، هو الذي وُصف تارةً بـ "مسمار جحا" الذي تخلّصت منه الحكومة وطورًا وصف بالمسمار الأخير في نعش "السيادة اللبنانية" . وفي حين حرص سلام على وضع النقاط على حروف الكثير من المهمات العسكرية والأمنية والسيادية والاصلاحية والاقتصادية التي شكّل إغفالها ثغرات استغلّها البعض على مدار سنوات للالتفاف على منطق الدولة، توقّف البعض عند الفقرة المتعلقة بالدفاع عن لبنان، والتي جاء فيها "الدفاع عن لبنان يستدعي إقرار استراتيجية أمن وطني على المستويات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية" علما أن مسودة البيان الوزاري لم تأت على ذكر هذه الفقرة إنما أُضيفت لاحقًا بعد جلسة المناقشة التي دامت أكثر من أربع ساعات. هذا الشّق من البيان الوزاري وبما يحيط به من غموض أعاد الى أذهان البعض "الاستراتيجية الدفاعية" التي لاطالما أمّنت غطاء "الشرعية" للمقاومة وسلاحها، وفي هذا الإطار برز التّساؤلان التّاليان: هل تشبه هذه الاستراتيجية ما سبقها؟ وما الهدف من ذكر هذا المصطلح في البيان الوزاري الذي كان واضحًا وحاسمًا لجهة حصرية احتكار حمل السلاح للدولة وامتلاكها قرار الحرب والسلم؟
رئيس تحرير موقع "أساس ميديا" والكاتب السياسي زياد عيتاني، أوضح في حديث عبر برنامج "بكلمة من الآخر" أن "المجيء على ذكر الاستراتيجية في البيان الوزاري يختلف تمامًا عما درجت عليه مضامينُ الاستراتيجيات الدفاعية للحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ عام 2006"، لافتا الى أن "الاستراتيجية المذكورة هي أمنية، اقتصادية، وسياسية، وليست دفاعية ما يعني أنها ذُكرت وفقًا لمقاربة مختلفة عما كان يحصل في السابق".
وأشار عيتاني الى أن "البيان الوزاري ربط هذه الاستراتيجية بمسألة تمكين القوات المسلحة الشرعية أي الجيش اللبناني من خلال تجهيزه، زيادة عديده وتدريبه، وكأنها أقرب الى العقيدة القتالية للدولة اللبنانية، خلافًا لما كانت عليه للاستراتيجية الدفاعية قبل حرب الاسناد على قاعدة الشراكة بين المقاومة أي حزب الله وبين القوى الأمنية الرسمية".
وتابع: "البيان الوزاري واضح لجهة احتكار السلاح من قبل الاجهزة الامنية الشرعية بما يتناسب حرفيًا مع مضمون خطاب القسم"، لافتا الى أنه "عندما تكون الدول في مرحلة إعادة البناء لمرحلة جديدة فهي تضع استراتيجية سياسية وأمنية وعسكرية لها".
وشدّد الكاتب السياسي على أن "الاستراتيجية المذكورة في البيان الوزاري لا تهدف لتكريس الشراكة بين حزب الله والدولة كما كان يُطرح في السابق بل هي استراتيجية من صنع الدولة تكون فيها مهمات الدفاع عن الحدود وبسط السيادة من مسؤولية الجيش اللبناني".
تجدر الاشارة الى أن مصطلح "الإستراتيجية الدفاعية" طُرح في لبنان للمرة الأولى على طاولة الحوار الوطني عام 2006 التي دعا إليها آنذاك رئيس مجلس النواب نبيه بري لمناقشة مسائل أساسية على رأسها سلاح حزب الله والسلاح الفلسطيني. منذ ذلك الحين إلى اليوم تعدّدت واختلفت الرؤى بين الأقطاب السياسية حول مفهوم هذه الاستراتيجية وفحواها وهدفها.