تقرير: أميركا اللاتينية تواجه ضغوطا اقتصادية من إدارة ترامب للاختيار بين واشنطن وبكين
شارك هذا الخبر
Friday, February 14, 2025
أصبحت أمريكا اللاتينية ساحة صراع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والصين ما يعرضها لضغوط من واشنطن تدفعها لاختيار أحد الطرفين. حتى الآن، فضلت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سياسة العصا على الجزرة في إستراتيجيتها لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة والذي تعتبره تهديدا للأمن القومي والاقتصاد الأمريكي. وهدّد ترامب مرارا «باستعادة» قناة بنما التي شقّتها الولايات المتحدة إذا لم تعمل بنما على الحد من النفوذ الصيني المفترض في هذا الممر المائي الذي تمر عبره نحو 40% من حركة الحاويات الأمريكية. وإلى ذلك تعد الصين هدفا غير مباشر للرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على واردات بلاده من الصلب والألمنيوم من دول حليفة مثل المكسيك. ويؤكد البيت الأبيض أن المنتجين الصينيين يستغلون اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية من خلال شحن الألومنيوم إلى الولايات المتحدة عبر المكسيك من دون رسوم جمركية. وندّدت الصين بـ«عقلية الحرب الباردة» التي تعتنقها واشنطن، واتهمت الولايات المتحدة باستخدام «الضغط والإكراه لتقويض» استثماراتها في أمريكا اللاتينية. وقال أرتورو ساروخان، الذي شغل منصب سفير المكسيك لدى الولايات المتحدة من 2006 إلى 2013، لوكالة فرانس برس إنه «ليس هناك شك في أن إدارة ترامب ترى في وجود الصين في الأمريكيتين تهديداً لأمنها القومي واقتصادها ومصالحها في السياسة الخارجية». وأضاف أن «هذا يفسر بشكل أساسي الترهيب الدبلوماسي الذي يمارسه الرئيس ترامب على بنما، وسياسته التجارية القائمة على مبدأ أمريكا أولاً… وتهديداته بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية» (نافتا)». وعلى امتداد ققرنين عتبرت الولايات المتحدة أن أمريكا اللاتينية جزء من دائرة نفوذها، لكن تمكنت الصين من تحقيق اختراقات فيها. انضم ثلثا دول أمريكا اللاتينية إلى مبادرة «الحزام والطريق» الصينية للبُنى التحتية، وباتت الصين الشريك التجاري الأكبر للبرازيل والبيرو وتشيلي وعدة دول أخرى في المنطقة متقدّمة على الولايات المتحدة. ويبدو أن الاهتمامات الفورية لإدارة ترامب تتركز على النفوذ الصيني في محيطها المباشر، وخصوصاً في بنما، وفي المكسيك أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة. وزادت الاستثمارات الصينية في المكسيك بشكل كبير منذ ولاية ترامب الرئاسية الأولى (2017-2021)، عندما نقلت شركات في قطاعات مستهدفة بالرسوم الجمركية الأمريكية أجزاء من سلاسل توريدها إلى المكسيك. ورداً على إعلان واشنطن بأنها أقرت اتفاقية تجارة حرة «مع المكسيك، وليس الصين»، أعلنت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم عن خطط لتقليص الواردات الصينية مع تعزيز الإنتاج المحلي من السيارات والمنسوجات وغيرها من السلع. كما تشارك الصين بشكل عميق في اقتصاد بنما، وتملك شركة من هونغ كونغ امتيازاً لإدارة اثنين من موانئ قناة بنما الخمسة ما يثير مخاوف واشنطن. ورأى المدير الأول لمركز أمريكا اللاتينية التابع للمجلس الأطلسي في واشنطن، جيسون ماركزاك، أن أجزاء من البلاد «أغرقها الصينيون الذين يحلون محل رواد الأعمال البنميين المحليين». وهنا أيضاً يبدو أن تكتيكات الضغط التي تنتهجها واشنطن تؤتي ثمارها: فقد انسحبت بنما من مبادرة «طرق الحرير الجديدة» الصينية بعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى البلاد. ويتوقع الخبراء منافسة شرسة في أمريكا الجنوبية، حيث استثمرت الصين بكثافة في معادن إستراتيجية مثل النحاس والليثيوم. وقبل وصوله إلى السلطة في العام 2023، وعد الرئيس الأرجنتيني الليبرالي المتطرف خافيير ميلي الذي يتوق إلى ابرام اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة، بأنه «لن يتعامل تجاريا مع الصين أو مع أي (دولة) شيوعية». لكن وبعد مرور عام واحد فقط، أشاد ميلي بالصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم واصفاً إياها بأنها شريك تجاري «مثير للاهتمام جداً» ولا يطلب أي شيء في المقابل. من جانبها، تحافظ البرازيل على علاقات وثيقة مع كل من واشنطن وبكين. ورأى السفير المكسيكي السابق ساروخان أن تهديدات دونالد ترامب واستفزازاته لدول أمريكا الجنوبية «قد تدفعها أكثر إلى أحضان بكين».فعلى سبيل المثال، أعلن الرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بيترو عن خطط لتعزيز العلاقات مع الصين بعدما هدّد ترامب بوغوتا بعقوبات ورسوم جمركية عقب رد بيترو في البداية طائرتين عسكريتين أمريكيتين تحملان مهاجرين تم ترحيلهم. وقال ماركزاك «لا تريد أي دولة أن تكون في خضم معركة جيوستراتيجية عالمية من نوع ‘إما نحن أو هم’، ولكن عندما تُمنح الخيار، وبحكم التوافق مع القيم الأمريكية والغربية…فإن الاستثمار الأمريكي هو المفضل».