هل تخسر مصر المساعدات الأميركية؟

  • شارك هذا الخبر
Thursday, February 13, 2025

مع تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب حرمان مصر والأردن من المساعدات الأميركية إذا لم تستجيبا لطلبه باستقبال الفلسطينيين الذين يريد طردهم من أرضهم في قطاع غزة، ومع إلغاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي زيارة البيت الأبيض لمناقشة قضية غزة يبقى السؤال، هل يمكن أن يفعلها ترمب وينفذ تهديده بوقف المساعدات إلى القاهرة؟

في الإجابة عن هذا السؤال، يشير طارق الشامي المتخصص في الشؤون الأميركية والعربية ومراسل "اندبندنت عربية" في واشنطن إلى مجموعة من العوامل والمعطيات، تتمثل في الآتي...

أولاً، إن ترمب الذي يستخدم نظرية الرجل القوي يمكن تحت تأثير غالبية مساعديه اليمينيين، أن يعلق هذه المساعدات العسكرية إلى مصر بالإجمال، أو في الأقل يعلق جزءاً منها ويهدد بتعليق الجزء الآخر إذا لم تستجب لطلبه بترحيل الغزاويين.

ثانياً، في غياب أي تأثير للمؤسسات الأخرى مثل البنتاغون والخارجية الأميركية ومؤسسات التفكير، وفي خضم تصارع ممارساته ضد الحلفاء وضد الخصوم على حد سواء، يصبح من المرجح أن يميل ترمب لتنفيذ تهديده، فمصر ليست أفضل من أوروبا أو كندا أو المكسيك، وهم أقرب الحلفاء. فضلاً عن أنه ينفذ أجندة يمينية محافظة تتماهى تماماً مع الأجندة الخاصة باليمين المتطرف في إسرائيل. وهو يريد مشروع الطرد بصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى.

ثالثاً، إن شعور ترمب بالانتشاء وقوله إنه حصل على تفويض من الشعب الأميركي بفوزه بالتصويت الشعبي، يجعل جموحه بلا قيود في الداخل والخارج، ومنها هذه المسألة بالتأكيد.

وفي المقابل، يرى الشامي أن هناك أيضاً قيوداً قد تحد من رد فعل ترمب الشديدة، يأتي في مقدمها أن تأثير وقف المساعدات لن يغير على الأرجح موقف القاهرة، فقد أوقفت المساعدات العسكرية جزئياً لمصر خلال فترات سابقة، مثل ما حصل في عهد باراك أوباما وفي عهد جو بايدن بسبب قضايا تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن من دون أن يحدث ذلك أي تأثير يذكر على مصر.

كذلك، فإن الولايات المتحدة من الممكن أن تخسر مع سياسة التصعيد حليفاً استراتيجياً مهماً تتحصل منه على مكاسب جيوسياسية، منها أولوية مرور القطع العسكرية الأميركية في قناة السويس، وبخاصة خلال وقت الأزمات الساخنة، والأمر ذاته بالنسبة إلى أولوية المرور في المجال الجوي المصري الذي يعد أقرب طريق من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر ومنطقة الخليج وإيران والسودان وغيرها، وهو أكثر الطرق أماناً.

ويشير الشامي إلى أن خسارة مصر يمكن أن يترتب عليها خسارة دول عربية أخرى، فلا تزال مصر على رغم مشكلاتها الاقتصادية تتمتع بتأثير في العالم العربي، وهي الدولة الأكثر سكاناً وثاني أكبر دولة في أفريقيا وسيزيد العداء معها عداوات مماثلة عربياً وربما في العالم الإسلامي أيضاً.

ولعل النقطة الأهم هنا، أن إسرائيل الدولة التي عقدت أول سلام لها مع دولة عربية هي مصر ربما لا تريد توتير الأجواء مع القاهرة، لأن قطع المساعدات الأميركية يمكن أن يشكل توترات في سيناء، إذ إن الولايات المتحدة ملزمة بحسب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، بتقديمها للمساعدات الحيوية للجيش المصري، من ثم قد يشجع التصرف الأميركي مصر على التصعيد برفع قوات أكثر على الحدود مع إسرائيل، وتشجيع مصر على تحريض العرب ضد إسرائيل.

أخيراً، يرى الشامي أن رفع المساعدات الأميركية عن مصر سيدفع مصر إلى تحالفات مع خصوم أميركا مثل الصين وروسيا، والتسلح بأسلحة أكثر تطوراً مما يثير حفيظة الإسرائيليين.

ولهذا هناك تصورات في واشنطن الآن بأن هذه الخطوة من قبل ترمب ستعد حماقة كبيرة وستغير العلاقة مع حليف ظل مقرباً من الولايات المتحدة على مدى 50 عاماً، ومن المرجح أن يتردد ترمب تحت هذا الوضع في تنفيذ تهديده أو يكتفي في الأقل بتعليق جزئي يرفعه بعد وقت قصير.


اندبندنت عربية