شارل الحاج وزير الاتصالات بمهمة محددة: الإنجاز - بقلم دنيز عطالله

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, February 12, 2025

كانت أولى خطوات شارل الحاج وهو يعبر من عالم الأعمال إلى وزارة الاتصالات إعلان الانسحاب من كل الشركات التي يرأسها، أو يشغل عضوية مجلسها، وعددها 32، وصولاً إلى المؤسسات الخيرية والتطوعية. فعل ذلك قبل أن يطلب رئيس مجلس الوزراء نواف سلام من سائر أفراد الحكومة تعليق عضويتهم في الشركات والمصارف. وفي أولى جلسات مجلس الوزراء اعتبر سلام أن الحاج "قدوة" في هذا المجال.
ليست "الخدمة العامة" جديدة على الحاج. فابن بتدين اللقش في قضاء جزين، الذي نشأ في الحدث وعاش عمراً في الولايات المتحدة لا يعترف بـ"الانتماء النظري" للبلد. يترجم حبه له أفعالاً والتزاماً. وتسلمه اليوم وزارة الاتصالات، هي بكتابه، "خدمة عامة ومسؤولية محددة الأهداف والمهل".

العائلة والبدايات
انتقل والده جورج، كما غالبية الجنوبيين الباحثين عن الرزق في أوائل الستينات، إلى ضاحية بيروت الجنوبية. كان الخيار الأمثل جنوب طريق الشام التي ينطلقون منها سريعاً إلى بلداتهم الأم. اختار جورج وزوجته سميرة نصرالله منطقة الحدث التي كانت لا تزال محاطة بأشجار الحمضيات والأراضي الزراعية. ومع ذلك لم تنافس بالنسبة إلى الفتى شارل بتدين اللقش في مساحة اللهو والحرية و"الشيطنة" الطفولية. مساحة حرم منها مع إحكام إسرائيل قبضتها على المنطقة. عاش مع اخوته الأربعة (ثلاثة أشقاء وشقيقة) في الحدث حيث كان والده يملك "معمل موبيليا"، وهو إلى اليوم يحتفظ بقطع من شغل يديّ والده. سبقه أخويه للتخصص في الولايات المتحدة ولحق بهما بعد أن أنهى دراسته في "مدرسة الفرير" ولاحقاً في "المون لا سال". درس الهندسة الكهربائية في جامعة جورج مايسون في فيرجينا. وحين كان يتابع دراسته "كان لدي وظيفتان موازيتان" كما يقول لـ"المدن" . الأولى كانت العمل كنادل في المطاعم وترقى إلى أن أصبح مسؤولاً في الهيلتون. أما الوظيفة الثانية فيقول ضاحكاً "المشاركة في كل التظاهرات، في كل الولايات، ضد الوجود السوري في لبنان".

بعد التخرج، دخل سوق العمل مع شركة MCI في تكساس وتدرج فيها. لم يقتصر عمله على الشؤون الهندسية. كانت الشركة تحتاج إلى من يعمل في قسمها التجاري أيضاً، فجمع بين العملين. وحين اتيحت له فرصة تأسيس شركته الخاصة، لم يتردد. كان في الثالثة والثلاثين من عمره. اغتنم فرصة رفض الشركة التي يعمل فيها الانخراط في مجال جديد (VoIP). باع أسهمه فيها وخاض تجربته الخاصة. كان المجال جديداً وواعداً فتوسعت أعماله وتطورت إلى خارج الولايات المتحدة.

لمن يسمع شارل الحاج؟
كان دائماً مشدوداً إلى لبنان؛ إلى بتدين اللقش التي أصر والده أن يبنوا بيتاً جديداً فيها، وهو ما فعله. عاد عام 2002. تعرف على اختصاصية التغذية الدكتورة كارلا يردميان. تزوجا وأنجبا أربعة أبناء: كارل، كريستوفر، كاري ولويس. يبتسم وهو يقول "يوم التزمت بتعليماتها خسرت 10 كيلو من وزني. لكن بعد سنوات من الزواج ما بعود الواحد يسمع من مرتو".

ممن يسمع شارل الحاج إذاً؟

في السياسة هو مستقل. "سيادي" تجمعه علاقة جيدة، وإن متفاوتة، بكل الأحزاب المسيحية. هو من حصة رئيس الجمهورية الذي لا تربطهما معرفة وطيدة، لكن يعرف أحدهما الآخر من سيرته ومسيرته. قريب من الكنيسة منذ زمن البطريرك نصرالله صفير. ففي زيارة الأخير لواشنطن عام 2001 ورفض استقبال الإدارة الأميركية له، نجح في تأمين مقابلتين لصفير توجه فيهما إلى الشعب الأميركي في "الواشنطن بوست" والـ"سي. أن. أن".

وعام 2005 وعند استقباله للبطريرك صفير الواصل إلى الولايات المتحدة، بادره الأخير بالسؤال: "كيف كانت التظاهرة (يقصد 14 آذار) فأكد له أنها كانت ضخمة جداً... ولا ينسى إلى اليوم وجه صفير ورضاه و"الابتسامة التي احتلت وجهه".

وكعادته، ترجم علاقته التزاماً بالرابطة المارونية ولاحقاً بـ"المؤسسة المارونية للإنتشار". وكان هدفه إعادة ربط اللبنانيين المغتربين بوطنهم. وعمل مع النواب على قانون استعادة الجنسية "من رآني أنزل يومياً إلى ساحة النجمة لمتابعة الموضوع ظنّ أنني عاطل عن العمل. لكن القضية تستحق".

مؤمن هو. مارونيّ حتى النخاع الشوكي. لكنها تلك "المارونية الأصيلة المنفتحة على كل تنوع مغني". في رأيه "لا لبنان من دون موارنة، لكن لا موارنة من دون لبنان أيضاً. بالنسبة إليه "لا مسيحيو لبنان يشبهون سائر المسيحيين في العالم، ولا مسلموه يشبهون سائر المسلمين. هي خلطة لبنانية شديدة الخصوصية والغنى".

تيليكوم والهيئة الناظمة
يدخل شارل الحاج إلى وزارة الاتصالات ولديه إرادة حاسمة بالإنجاز. منفتح على كل الآراء والأفكار، لكنه، وهو الخبير بالقطاع يلخص واقعه من منظور الناس، بعبارة: "كلفة عالية وخدمة ضعيفة". يجزم أن وزارة الاتصالات "ليست وسيلة لفرض الضرائب وسرقة الناس. هي عصب كل اقتصاد حديث. من دونها لا إمكانية لتكبير حجم أي اقتصاد".

خطوته الأولى "تطبيق القوانين. تيليكوم والهيئة الناظمة، وتجيير الكثير من صلاحيات الوزير إليهما".

وهل الخصخصة هي خيار أول، هو الآتي من عالم الأعمال؟ يجيب "الخصخصة الخاطئة تُخسّر، تماماً كما الإدارة الخاطئة. وبين هذه وتلك هناك الكثير في الوسط. والمهارة هي في الجمع بين الإثنين وتطبيق الأفضل للمواطنين وللدولة".

يطول الحديث مع الحاج ويتشعب، لكنه يختصر مهامه كوزير بأنها "مرحلية. أؤدي خدمة عامة في مجال أتقنه على أفضل وجه. سقفي القانون ومصلحة الناس، وسأعمل جاهداً بأعلى قدر من الشفافية والصراحة".
حين ترأس الحاج "المؤسسة المارونية للانتشار"، التي تقوم على تبرع أعضائها بمبالغ كبيرة لتسيير شؤونها وتقديم المساعدات حيث يجب قال لهم: "على الأرجح 90 في المئة من الناس سينتقدوننا، 5 في المئة سيشكروننا و5 في المئة سيذكروننا في صلواتهم. من لديه مشكلة في تقبل ذلك لا يجب أن يكون جالساً على هذه الطاولة". وبسؤاله عن هذه الحادثة، وهل يمكن أن تنسحب على العمل الوزاري اليوم، يبتسم مجدداً ويحسم أن "الزمن هو للعمل، ومبكر جداً الحديث عن الأصداء، ومن حق الناس أن تكون انتظاراتها كبيرة على قدر خيباتها".