البيان الوزاريّ: الطّائف العربيّ والدولة لتحرير الأرض..- بقلم جوزفين ديب

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, February 11, 2025

وُصفت معركة التشكيل بأنّها أنتجت حكومة “أفضل الممكن” بعد كلّ الأجواء السلبية التي رافقت المفاوضات. عاد القصر الجمهوري وأمسك زمام الأمور مع رئيس الحكومة المكلّف، وأرسوا معادلات مختلفة عن سابقتها، فنجح الرئيس جوزف عون في معركة التشكيل بالقبض على أكثر من إشكالية وحلّها. نجح أيضاً الدكتور نوّاف سلام في معموديّة تشكيل أوّل حكومة بعد سنوات وفق معايير جديدة.





عمليّاً، يمكن القول إنّ السفينة جاهزة للانطلاق، وعون وسلام تنتظرهما استحقاقات كثيرة سيخوضانها معاً لكسب ثقة المجتمع الدولي. فهما سبق أن نجحا في نزع لغم احتكار الثنائي للوزراء الشيعة عبر الوزير الشيعي الخامس، ونجحا في منع احتمالية مواجهة الثلث الضامن بأيّ شكل. ولكن على الرغم من ذلك، جاء في أوّل التعليقات الخارجية التي وصلت إلى لبنان على تشكيل الحكومة: conditional mabrouk، أي المباركة مشروطة. وأبرز شروطها البيان الوزاري والإصلاحات واستحقاقات يُمنع على لبنان عدم خوضها. وعليه، ستطلّ الحكومة بثوابتها الثلاث: الطائف والتحرير ولبنان.. لا يهدّد محيطه العربي.

وُصفت معركة التشكيل بأنّها أنتجت حكومة “أفضل الممكن” بعد كلّ الأجواء السلبية التي رافقت المفاوضات
بيان وزاريّ بلا مقاومة

أصبح معروفاً أنّ البيان الوزاري لا يمكن إلّا أن يكون انعكاساً لخطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية جوزف عون في جلسة انتخابه. وهو سبق أن رسم خريطة الطريق في الإصلاح القضائي والإداري والأمني والسياسي أيضاً. ولكن، كما يقال في المثل الشائع لا سيما في الاستحقاقات اللبنانية، العبرة بالتطبيق والشيطان بالتفاصيل.

في معلومات “أساس” أنّ البيان الوزاري سيركّز على عدّة عناوين:

– أوّلاً: الطائف بعناوينه الإدارية والسياسية وانتماء لبنان إلى عمقه العربي.

– ثانياً: خطاب القسم بكلّ بنوده.

– ثالثاً: تحرير لبنان من كلّ احتلال، وتحديداً الاحتلال الإسرائيلي، لكن تحت سقف الدولة والجيش اللبناني.

– رابعاً: أن تتحوّل المادّة التي ذُكرت في الطائف وجاء فيها “أن لا يكون لبنان ممرّاً أو مقرّاً لتهديد سوريا”، إلى أن لا يكون لبنان ممرّاً أو مقرّاً لتهديد أمن محيطه العربي.

– خامساً: تأكيد تنفيذ الإصلاحات الدولية، لا سيما بعد موقف البنك الدولي الذي رأى أنّ الوقت مناسب في لبنان بظروفه الحالية لتنفيذ الإصلاح ومساعدة لبنان بقطاعاته كافّة، تحديداً القطاع المصرفي وهيكلته واستعادة أموال المودعين.

– سادساً: تطبيق القرار 1701 واتّفاق وقف إطلاق النار على كلّ الأراضي اللبنانية.

– سابعاً: إجراء الانتخابات البلدية والنيابية وعدم المسّ بالاستحقاقات الدستورية.

معلومات “أساس”: الموفدة الأميركية مورغن أكّدت لرئيس الجمهورية أنّ بلادها تضغط على إسرائيل لتنفيذ انسحابها في 18 شباط
انسحاب غير مؤكّد لاسرائيل..

الانتخابات والأمن هما العنوانان الملازمان لحكومة العهد الأولى، بالإضافة إلى الإصلاح. في الأمن تقول معلومات “أساس” إنّ الموفدة الأميركية مورغن أكّدت لرئيس الجمهورية أنّ بلادها تضغط على إسرائيل لتنفيذ انسحابها في الثامن عشر من شباط. ومعنى هذا الكلام أنّ عون استحصل على ضمانة أميركية بذلك، ولو كانت هذه الضمانة نفسها غير مؤكّدة بسبب سياسة نتنياهو التصعيدية.

في الأمن أيضاً، بدأ لبنان بشقّ طريقه عند طول الحدود مع سوريا. وفي المعلومات أنّ الموفدة الأميركية توقّفت عند الوضع الأمنيّ في مضمون نقاشاتها، وذلك لتطبيق القرار 1701 واتّفاق وقف إطلاق النار. وهي كما تعهّدت بضرورة انسحاب إسرائيل، حصلت على تأكيدات لبنانية بتنفيذ القرارات الدولية.

أمّا الانتخابات فهي عنوان لا يقلّ أهميّة عن كلّ ما سبقه. يتعهّد لبنان رسمياً في بيانه الوزاري بإجراء الانتخابات البلدية أوّلاً ولو تحت الردم، وإجراء الانتخابات النيابية التي ينتظر كثيرون خوضها تحت عنوان “لبنان الجديد”.

في العمق الدولي أهمّية كبيرة وتطلّعات إلى الاستحقاقات الانتخابية انطلاقاً من أنّها ستمهّد لفتح باب جديد في الحياة السياسية اللبنانية. فكما جرى كسر احتكار الثنائي للتمثيل الوزاري في الحكومة، يتطلّع كثيرون إلى أنّ استحقاق الانتخابات البلدية سيمهّد الطريق لخلق مساحة متنوّعة من الانتماءات لخوض التجربة، وحين تأتي ساعة النيابة عسى أن تصبح الساحة مفتوحة لأكثر من قوّة سياسية شيعية للتنافس.



بطبيعة الحال، لا يمكن لأحد أن يتخطّى دور “الحزب” والحركة السياسي في السياسة، لكن في عرف المجتمع الدولي لم يئن الأوان لتحويل “الحزب” من حزب عسكري إلى سياسي وحسب، بل لتحويله إلى قوّة سياسية تتنافس كغيرها على الساحة السياسية اللبنانية.

مهمّة هذه الحكومة هي ضمان حصول الانتخابات بأمان لكلّ من يريد المشاركة، وأمّا النتائج فهي للصناديق وحدها.

إذاً المباركة، كما يؤكّد الخارج، مشروطة للّبنانيين. وعسى أن تنال الحكومة ثقة المجلس، وهي في الحسابات الداخلية والخارجية ستنالها لأنّه لا خيار بديلاً للبنان لبدء مسيرة الإقلاع.


أساس ميديا