تحديات كبيرة أمام حكومة "الفرصة الأخيرة"

  • شارك هذا الخبر
Monday, February 10, 2025

تواجه حكومة «الفرصة الأخيرة» اللبنانية، برئاسة نواف سلام، مجموعة من التحديات لا يُستهان بها، لكنها ليست مستعصية على الحل في حال تضافرت الجهود، بدعم أميركي، لإلزام إسرائيل الانسحاب من الجنوب فور انتهاء مهلة التمديد الأول للهدنة في 18 شباط الحالي. فمن دون هذا الانسحاب، فلا يمكن نزع السلاح غير الشرعي وحصره في الدولة، لتثبيت وقف النار، تمهيداً للشروع في تطبيق القرار «1701» وإسقاط تذرُّع «حزب الله» بالاحتلال الإسرائيلي للاحتفاظ بسلاحه.

وهذا ما حذّر منه رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، لدى اجتماعه بنائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، بقوله إن «استمرار الاحتلال يستوجب المقاومة».

فانسحاب إسرائيل تصدّر جدول أعمال اللقاءات التي عقدها الرؤساء مع أورتاغوس، التي أبلغتهم بأن واشنطن تضغط على إسرائيل لمنع تمديد مهلة الوجود الإسرائيلي في الجنوب، وهم ينتظرون انتهاء التمديد للتأكد من مدى تجاوبها مع الضغط الأميركي، مع أن سلام حذّر من استمرار الاحتلال. ونُقل عنه قوله إن «بقاءه ليوم واحد يساوي شهراً من الأضرار والإساءة التي تلحق بلبنان، ويشكل عائقاً أمام الإفادة من الاحتضان الدولي والعربي للبنان لمساعدته في الخروج من أزماته».

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر لبنانية أن لقاءات أورتاغوس برؤساء: المجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام، وسلفه نجيب ميقاتي، أتاحت لهم الفرصة لتسجيل اعتراضهم على ما قالته من أمام قصر بعبدا فور انتهاء اجتماعها برئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الذي نقل عنه مكتبه الإعلامي أنه «غير معني» بكل ما قالته.

وتوقفت المصادر نفسها أمام ترحيب السفارة الأميركية في بيروت بتشكيل الحكومة. وقالت المصادر إن بيانها في هذا الخصوص لم يأت على ذكر تهديدات أورتاغوس، وأبقته محصوراً في الدعوة إلى تحقيق الإصلاحات ومكافحة الفساد.

ورأت أن حكومة «الإصلاح والإنقاذ» برئاسة سلام هي «أفضل الممكن، وتتمتع بالمواصفات التي حددها المجتمع الدولي لفك الحصار السياسي والاقتصادي عن لبنان، وإن كانت بحاجة لتوفير شبكة أمان سياسي للبنان بعد الترحيب العربي والدولي غير المسبوق الذي قوبل به انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية. ويتوقف على الولايات المتحدة أن تفي بتعهدها بإلزام إسرائيل الانسحاب من الجنوب، خصوصاً أن الترحيب ما هو إلا مؤشر على استعداد الدول لمساعدة لبنان لإعمار ما دمرته إسرائيل».

ولفتت إلى أن «انسحاب إسرائيل يؤمّن الاستقرار، ويوقف استنزاف البلد، ليكون في وسع الحكومة التفرُّغ لإنقاذه، وهو يُسقط تذرع (حزب الله) بالإبقاء على سلاحه، ويتيح لها التقيُّد بحرفية ما أورده عون في خطاب القسم بحصره احتكار السلاح في الدولة»، وإلى تبنّيها في بيانها الوزاري دعوته «إلى مناقشة سياسة دفاعية متكاملة بوصفها جزءاً من استراتيجية أمن وطني على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية؛ بما يمكّن الدولة من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وردّ عدوانه عن جميع الأراضي اللبنانية».

شعار دون مفاعيل

وتؤكد أن انسحابها يُبقي ثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة»، التي يتمسك بها «حزب الله»، «مجرد شعار دون مفاعيل ميدانية على الأرض، ولا مكان له في البيان الوزاري للحكومة، خصوصاً مع دخول لبنان مرحلة سياسية جديدة غير السابقة التي أبقت على ازدواجية السلاح، وبخلاف البيان الوزاري لسابقتها التي لم تأت على ذكره، وبذلك؛ فإن تطبيق (1701) يشكل خطوة على طريق استكمال تطبيق (اتفاق الطائف)، الذي بصدوره كان استبقه وجاء مطابقاً لما نص عليه».

فدخول لبنان مرحلة سياسية جديدة «يعني حكماً التمسك بالحل الدبلوماسي لتطبيق القرار (1701) بكل مندرجاته؛ بدءاً بحصر السلاح في يد الدولة، لكن تقتضي الضرورة توفير المناخات السياسية والأمنية لتنفيذه، وهذا يتوقف على إلزام واشنطن تل أبيب الانسحاب إفساحاً أمام انتشار الجيش اللبناني بمؤازرة الشرعية الدولية ممثلة في (قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - يونيفيل)».

تعهد أورتاغوس

لذلك، فإن تعهد أورتاغوس بالضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب في 18 شباط الحالي، وعدم الانصياع لطلبها تمديد الهدنة، يبقى حبراً على ورق ما لم يتأمن انتشار الجيش بالكامل، الذي من دونه ستبقى حكومة «الفرصة الأخيرة» عاجزة عن وقف تحلل المؤسسات وإدارات الدولة التي لم يبق منها سوى العسكرية والأمنية، فيما آمال اللبنانيين معقودة عليها لإخراج البلد من التأزم وإعداده لدخول مرحلة التعافي، فهل تفعلها واشنطن وتفي بوعدها ولم يعد يفصلنا سوى أيام عن انكشاف الموقف الأميركي على حقيقته؟