كرة التأليف عند سـلام.. والحكومة رهــن الإســم الخامس
شارك هذا الخبر
Friday, February 7, 2025
تنوعت الروايات حول الاجتماع الرئاسي الثلاثي وكانت النتيجة واحدة: الحكومة لم تولد وتأجّلت ولادتها إلى أجل غير مسمّى، ليطول انتظارها لدى الداخل والخارج، وترتفع موجة الاعتراضات لدى كتل نيابية وسياسية تشكو استثناءها من التوزير، مشفوعة بحديث عن «فيتوات» خارجية وأخرى محلية على هذا الفريق او ذاك، اللهمّ الّا إذا حصل ما يستعجل الولادة مع اقتراب موعد انتهاء هدنة وقف إطلاق النار في 18 من الجاري، فيما يستقبل لبنان اليوم وفداً اميركياً رفيع المستوى آتٍ من ،أجل هذين الاستحقاقين الحكومي والجنوبي.
مع اقتراب التشكيل إلى الخواتيم وحل معظم الإشكاليات التي أعاقت ولادة الحكومة في الأيام الماضية، ولا سيما العقدة “القواتية”، أصبحت العقدة المتمثلة في تسمية الوزير الخامس من حصة “الثنائي الشيعي” هي الوحيدة التي حوّلت أجواء القصر الجمهوري ظهر أمس من أجواء إصدار مراسيم باستدعاء مطبخ الولادة، إلى أجواء مشحونة دفعت برئيس مجلس النواب نبيه بري إلى مغادرة القصر الجمهوري غاضباً، تبعه الرئيس المكلّف متأبطاً ملفه الأسود.
وفي معلومات “الجمهورية”، انّ الاجتماع الذي دام ساعة ونصف ساعة كاد ان ينفجر لولا تدخّل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بعد توتر على خلفية طرح سلام لإسم خامس وحيد لتولّي حقيبة التنمية الإدارية هو لميا المبيض، أجابه الرئيس بري: “لا نوافق على هذا الإسم”. فأصرّ سلام عليه فأجابه بري: “ما هكذا كان الاتفاق… انت تسمّي ولنا حق “الفيتو” وبالعكس إلى ان نتفق على اسم. وأنا اقترح القاضي عبدالرضا ناصر”. فرفضه سلام وأصرّ على المبيض. عندها وقف بري وقال له: “إذاً شكّل حكومة ولتكن حكومة مبيض”.
وبعد خروج بري وسلام من دون اتفاق تبدّدت بشائر الولادة، فيما اكتفى سلام بالقول لسائليه: “مشي الحال وما مشي الحال”. ليتبين انّه “مشي الحال” في التشكيلة الوزارية عموماً و”ما مشي الحال” في تسمية الوزير الشيعي الخامس.
إذا حصلت مشكلة
وقال مصدر سياسي بارز مطلع على عملية التشكيل لـ”الجمهورية” إنّ “سلام فاجأ الجميع بإصراره على اسم وحيد، والكرة الآن في ملعبه، إما يستبدل الاسم بأسماء أخرى يتمّ نقاشها والاتفاق عليها، وإما ستبقى الحكومة رهن الإسم الخامس خصوصاً انّ الموقف المستجد تحول معركة كسر عضم لن يكون التراجع عنه بالموقف السهل، إلّا إذا نجحت جهود الرئيس عون مع دفع خارجي للحلحلة”. ورأى المصدر “انّ التذرّع بموضوع التعطيل والإمساك بزمام الميثاقية ليس صائباً أبداً لأنّه حتى ولو استطاع سلام ان يحصل على حصة وزير من الطائفة الشيعية خارج اصطفاف الثنائي، لا يعني شيئاً إذا ما حصلت مشكلة كبيرة أطاحت باستقرار البلد، وهذا كان رأيه من الأساس من خطورة الإقصاء”.
ونفى المصدر ان يكون سلام قد قدّم اسماً آخر بعد ظهر امس، مؤكّداً انّ التواصل انقطع مع الثنائي في انتظار مقترح جديد للإسم الخامس. وتوقع المصدر الّا يطول هذا الأمر كثيراً، وأن تشهد الساعات المقبلة حلحلة سريعة ترفع مجدداً فرصة ولادة الحكومة في الساعات الـ 48 المقبلة.
“فاجأناكم مو”
وإلى ذلك، أبلغت اوساط سياسية قريبة من “الثنائي” إلى “الجمهورية”، انّ اجتماع قصر بعبدا “كان يخفي محاولة لفرض اسم الوزير الشيعي الخامس في اللحظة الاخيرة كأمر واقع على الرئيس نبيه بري، تحت شعار “فاجأناكم مو”، غير انّ بري أصرّ على رفض خيار عليا مبيض التي لا تربطها علاقة جيدة مع “الثنائي”، وعرض في المقابل اسم القاضي عبد الرضا ناصر كونه يمكن أن يشكّل تقاطعاً مع رئيسي الجمهورية والحكومة في اعتباره غير مستفز، لكن سلام اعترض عليه.
وأبدت الأوساط خشيتها من ان تكون المسألة أبعد من حدود الوزير الشيعي الخامس، مشيرة إلى انّه لا يجب استبعاد احتمال ان تكون الغاية من افتعال مشكلة حول هذا الاسم التلطّي خلفه، سعياً الى تحقيق هدف آخر على وقع الضغط الأميركي لتحجيم نفوذ “حزب الله” في الحكومة الجديدة والدولة عموماً.
وتساءلت الاوساط عمّا إذا كان هناك من يضمر محاولة إخراج “حزب الله” من الحكومة او تغيير اسم الوزير المقترح لوزارة المال ياسين جابر، او تكبيله مسبقاً بقيود سياسية. ودعت إلى ترقب زيارة الوفد الاميركي اليوم لبيروت برئاسة خليفة آموس هوكشتاين نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان اورتاغوس، وما يمكن أن تحمله من إشارات في شأن مصير عملية تشكيل الحكومة ومستقبل الوضع في الجنوب.
“رسالة حازمة”
وقُبيل وصول الوفد الذي سيجول على عون وبري وسلام، نقلت وكالة “رويترز” عن “مسؤول في الإدارة الأميركية وديبلوماسي غربي ومصادر حكومية إقليمية”، قولها إنّ “من المقرر أن توجّه مبعوثة الرئيس دونالد ترامب رسالة حازمة إلى الزعماء اللبنانيين خلال زيارتها بيروت، مفادها أنّ الولايات المتحدة لن تتسامح مع النفوذ غير المقيّد لـ”حزب الله” وحلفائه على تشكيل حكومة جديدة، حاملةً رسالة أميركية بأنّ لبنان سيواجه عزلة أعمق ودماراً اقتصاديّاً ما لم يُشكّل حكومة ملتزمة بالإصلاحات والقضاء على الفساد والحدّ من قبضة حزب الله”.
وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية لـ”رويترز”: “من المهمّ بالنسبة الينا أن نُحدّد الصورة التي نعتقد أنّ لبنان الجديد يجب أن يبدو عليها في المستقبل”، مؤكّداً أنّ “واشنطن لا تختار وزراء الحكومة في شكل فردي، ولكنها تضمن عدم مشاركة “حزب الله” في الحكومة”. وأضاف: “كانت هناك حرب وهُزم “حزب الله” ويجب أن يظل مهزوماً… أنت لا تريد شخصاً فاسداً. إنّه يوم جديد للبنان. لقد هُزم “حزب الله”، والحكومة الجديدة في حاجة إلى مواكبة هذا الواقع الجديد”.
إلى ذلك، قال مصدر قريب من الحكومة القطرية لـ”رويترز”: “رسالتنا متفق عليها مع المجتمع الدولي، نحن مستعدون لتقديم الدعم المالي والاستثمارات بمجرد تطبيق الإصلاحات”.
مواصلة المشاورات
وكان إعلام رئاسة الجمهورية اعلن انّ الاجتماع الثلاثي “خُصّص للبحث في التشكيلة الحكومية الجديدة، وتمّ خلال اللقاء عرض المراحل التي قطعتها عملية التشكيل، وتمّ الاتفاق على مواصلة الرئيس سلام مشاوراته مع الجهات المعنية لاستكمال عملية التأليف”.
وفي بيان للمكتب الاعلامي لسلام، انّ زواره نقلوا عنه “إصراره على المضي قدمًا في تأليف الحكومة، مؤكّدًا عدم نيته الاعتذار عن المهمّة على الإطلاق”. وأشاروا إلى تصميم سلام على تكليفه رغم التعقيدات التي تكتنف البحث حول تشكيل الحكومة.
وقالت مصادر سياسية لـ”الجمهورية”، إنّه “لم يسبق أن شهد لبنان منذ الاستقلال حدثاً سياسياً من هذا النوع. إذ عادة ما ينتهي مثل هذا الاجتماع الرئاسي الثلاثي باعلان مراسيم تأليف الحكومة”. وأبدت هذه المصادر اعتقادها “أنّ هناك نقطة أخرى غير الوزير الشيعي الخامس، ربما تركت أثرها في فشل محاولة التأليف التي وصلت إلى محطتها الأخيرة أمس، في حضور رئيس المجلس النيابي والرئيس المكلّف إلى قصر بعبدا، وتحضير الترتيبات اللازمة لإصدار مراسيم الحكومة”.
وقالت: “من المعروف أنّ هناك تبايناً بين بري من جهة وعون وسلام من جهة أخرى حول الفقرة المتعلقة بالسلاح. ففيما يريد الرئيس المكلّف أن يكون البيان مراعياً لما ورد في “خطاب القَسَم” حول هذه النقطة، يبدو رئيس المجلس راغباً في تضمين البيان عبارة تحفظ دور المقاومة، على غرار ما كان يحصل في البيانات السابقة.