لم يتصاعد الدخان الأبيض من قصر بعبدا، مساء أمس، بعد اتصالات ومشاورات عدّة رافقت الساعات الماضية، قبيل زيارة الرئيس المكلّف نواف سلام رئيس الجمهورية جوزاف عون. لكن الأجواء إيجابية وسط تفاؤلٍ بإعلان الحكومة في وقت قريب، والتشكيلة باتت في خواتيمها.
حكومة إصلاح ورسالة للبنانيين
تصريح سلام عقب لقائه رئيس الجمهورية يوم أمس كان واضحاً لجهة تكثيف المساعي في الساعات القادمة لتدوير الزوايا، متوجهاً برسالة للبنانيين مفادها أن تطلعاتهم هي بوصلته، وانه يعمل على تأليف حكومة تكون على درجة عالية من الانسجام بين أعضائها، وهو ملتزم مبدأ التضامن الوزاري، كما أنها ستكون حكومة إصلاح، ولن يسمح بأن تحمل بداخلها إمكان تعطيل عملها بأي شكل من الأشكال، مشدداً على التزامه بالمعايير التي يعتبرها ضماناً إضافياً لاستقلالية عملها، من أجل نزاهة الانتخابات النيابية المقبلة وحيادها.
أمّا وفي موضوع استبعاد الاحزاب عن التشكيلة الحكومة، أكد سلام انه يدرك تماماً أهمية الاحزاب في الحياة السياسية، لكنه في هذه المرحلة الدقيقة اختار تغليب العمل في الحكومة على التجاوزات السياسية، مجدداً القول بأنه يعمل بتأن وصبر، وأنه واجه حسابات يصعب على البعض التخلي عنها.
أسباب التأخير
في السياق، اعتبرت مصادر سياسية متابعة أن الأسباب التي حالت دون صدور مراسيم تشكيل الحكومة، مساء أمس، تتعلّق ببعض المسائل العالقة في بعض الحقائب، وإن أصبحت بغالبيتها شبه محسومة.
من بين هذه الأسباب عدم الاتفاق على تسمية الوزير الشيعي الخامس، الذي جرى التفاهم عليه في اجتماع سلام مع الخليجين الاسبوع الفائت، على أن يتولى التسمية رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لكن الثنائي لم يوافقا على الأسماء التي طُرحت من قبل الرئيسين، ما يتطلب المزيد من التشاور.
ولفتت المصادر في حديث لـ"الأنباء" الإلكترونية إلى أسباب أخرى تتعلّق بعدم مشاركة التيار الوطني الحر في الحكومة بعكس رغبة عون وسلام، إذ إنَّ الإثنين كانا يريدان مشاركة كل الكتل النيابية في الحكومة، فيما أصرّ النائب جبران باسيل على اعتماد وحدة المعايير التي سبق لسلام الإعلان عنها، رافضاً المشاركة في الحكومة بوزير واحد.
المصادر رأت أنَّ عدم إرضاء كتلة الاعتدال بوزير عن منطقة عكار تسبب بخلق مشكلة جديدة، وكذلك الأمر بالنسبة لنواب التغيير الذين يعتبرون أنفسهم غير ممثلين في الحكومة المرتقبة، ما استدعى مزيداً من التشاور.
إلى ذلك، كشفت المصادر أن سلام مصرّ على عدم منح أي فريق القدرة على التعطيل من خلال الثلث المعطّل، لافتة الى أن الساعات المقبلة حاسمة على خط التأليف، متوقعةً أن تساعد زيارة الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان الذي يصل الى بيروت اليوم بحلحلة ما تبقى من عقد.