لقاء ترامب – نتنياهو: لبنان في عين العاصفة- بقلم جوزفين ديب

  • شارك هذا الخبر
Sunday, February 2, 2025

كأوّل رئيس أجنبي يزور البيت الأبيض في ولايته الجديدة، يتوجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن حيث يلتقي بالرئيس دونالد ترامب. سيدخل نتنياهو البيت الأبيض مزهوّاً كما دخل الكونغرس الأميركي في ذروة حربه على غزّة ولبنان. وكما عبّدت زيارة نتنياهو للكونغرس طريقه لإبادة القطاع، وكما عبّدت زيارته للأمم المتحدة في نيويورك طريقه للقضاء على “الحزب” باغتياله أمينه العامّ، فإنّ زيارته هذه لن تكون سوى إعلان تاريخي للبدء رسمياً بتصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن تحديداً، وإعادة رسم خريطة المنطقة من الحوض الشرقيّ للبحر المتوسّط إلى جبال زاغروس.

بناء عليه، لم يخرج لبنان بعد من عين العاصفة في ظلّ المعطى السياسي والأمنيّ الذي يبدو مأزوماً حتّى اليوم.



في أكثر من إطلالة إعلامية، بدا الرئيس دونالد ترامب، الطامح إلى الفوز بجائزة نوبل للسلام، واثق الإرادة والخطى في رؤيته للشرق الأوسط. لا يبدو أيّ تردّد في أيّ تعليق له على مستقبل فلسطين (الضفّة وغزّة). فبينما تحتفل كتائب القسام في القطاع باستكمال تبادل الأسرى، يمضي ترامب في تعبيد الطريق لتصفية ما بقي من قضية فلسطينية. وقد بدأ ذلك قبل وصوله إلى البيت الأبيض. ففي عقل ترامب، كما عقل إسرائيل، لا وجود لفلسطين لأنّ الأردن هي الأرض الطبيعية للفلسطينيين. وبناء على ذلك يتواصل ترامب في اتّصالاته أوّلاً مع الملك الأردني عبدالله الثاني، وثانياً مع الرئيس المصري عبدالفتّاح السيسي. منذ أشهر، أقفل الملك عبدالله والرئيس السيسي المعابر بين بلديهما والقطاع والضفّة في زمن الحرب منعاً لأيّ شكل من أشكال تهجير الفلسطينيين إلى الأردن وسيناء على الرغم من كلّ ما أثار ذلك من إشكاليات إنسانية مرتبطة بتطويق الفلسطينيين تحت النّار.

ساحة لبنان أمنيّاً ليست بخير. هذه خلاصة القول بعد وصول رسائل دبلوماسية أمنيّة بالغة الوضوح
يواجه الرجلان اليوم إرادة دولية لن يستطيعا إحباطها. إذ بدا ترامب مرتاحاً عند سؤاله عن رفض مصر والأردن استقبال الفلسطينيين بعد تهجيرهم، قائلاً إنّه يثق بأنّهما سيقبلان. هذا الكلام يبدو كافياً، بحسب مصادر دبلوماسية لـ”أساس”، للقول إنّ ما هو مخطّط لغزّة والضفّة قد وضع قيد التنفيذ رغم مصاعبه الجمّة ربطاً بمسار إعادة رسم المنطقة وصولاً إلى إيران.

لبنان: الموقع الهشّ

تقول مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ الحرب على لبنان لم تنتهِ بعد، وإنّه في كلّ مرّة يرفض فيها “الحزب” الاعتراف بنتيجة الحرب الأخيرة، يرفع نسبة تجدّد الغارات الإسرائيلية عليه. والأيام الماضية دليل على ذلك.

ساحة لبنان أمنيّاً ليست بخير. هذه خلاصة القول بعد وصول رسائل دبلوماسية أمنيّة بالغة الوضوح. إنّ الاتّفاق الذي وقّع عليه لبنان تحت النار يحتوي على ثغرات تتيح للإسرائيلي استكمال حربه، وتعطي الأميركي صلاحيّة الوجود والسلطة والمراقبة. وعليه، تتحدّث مصادر دبلوماسية غربية لـ”أساس” عن أنّ موقف لبنان يبدو هشّاً، لا سيما أنّه لا يثبت التزامه ببنود الاتّفاق. في تل أبيب كما في واشنطن إرادة واضحة للقضاء نهائياً على “الحزب” بجناحه العسكري وتحويله إلى حزب سياسي كغيره من الأحزاب اللبنانية. وفي كلّ مرّة يخلص فيها الأميركي والإسرائيلي إلى أنّ “الحزب” لا يزال يقاوم نتائج الحرب ومفاعيل الاتّفاق، “سيعود التصعيد الأمنيّ خياراً أوّل”. وعليه شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غاراتها الأخيرة في مناطق عدّة متخطّيةً جنوب الليطاني.

ترامب

ليس هذا المشهد الأمنيّ التصعيدي محصوراً بلبنان، بل يمتدّ إلى سوريا والعراق واليمن وإيران. سوريا أصبحت برئاسة أحمد الشرع والعراق تحفظه توازنات السوداني.

اليمن ساحة تصفيات مفتوحة، وإيران تفاوض مع علمها بأنّ ساحتها الداخلية مفكّكة ومعادلتها ستكون صعبة: النووي أو النظام.

في هذه السرديّة إرادة واضحة للقول إنّ توازنات المنطقة اختلفت وتعلن نهاية المحور التي ستتكرّس لاحقاً بضرب النووي في إيران.

يواجه الرجلان اليوم إرادة دولية لن يستطيعا إحباطها. إذ بدا ترامب مرتاحاً عند سؤاله عن رفض مصر والأردن استقبال الفلسطينيين بعد تهجيرهم
السّياسة والأمن لا ينفصلان

في بيروت، المعركة السياسية على تشكيل الحكومة لا تنفصل عن المشهد الأكبر. غير أنّ كلّاً من الفرقاء يقرأها بقاموسه. “الحزب” يقرأها معركة لا يريد لها أن تكرّس هزيمة أخرى له على الورق. والقوى الخصمة لـ”الحزب” تقرأ فيها معركة تكريس هزيمة “الحزب” ونقله من فوقيّته وسيطرته على القرار السياسي إلى أن يكون لاعباً متعادلاً بالقوّة مع خصومه.



عليه ليس أمر تشكيل الحكومة وفق ما في البلد من توازنات أمراً سهلاً على نوّاف سلام، القاضي الذي يشكّل الحكومة كأنّه جالس على قوس المحكمة.

ربّما يكون التحدّي الأكبر لرئيس البلاد الذي لم يكد يصل إلى القصر حتى تمّ تمديد احتلال الجنوب وعودة الغارات. فالرئيس اليوم هو قائد السفينة شبه الغارقة، ومطلوب منه أن يبحر بها وهي لا تزال متشظّية. ثمّة من يعمل على تعميقها بدل سدّ فجوات السفينة.


أساس ميديا