هل استطاع "حزب الله" التكيّف مع المرحلة الجديدة؟- بقلم عماد مرمل
شارك هذا الخبر
Wednesday, January 29, 2025
تخضع خيارات «حزب الله» في مرحلة ما بعد الحرب الإسرائيلية إلى قراءات مختلفة، وسط تفاوت في مقاربتها بين مَن يعتبرها غير واقعية وبين مَن يجد فيها مقداراً كبيراً من المرونة.
على رغم من إصرار بعض خصوم «حزب الله» على اتهامه بأنهّ يعتمد بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة سلوكاً استفزازياً في الداخل اللبناني على قاعدة إنكار الواقع الجديد وتجاهل موجباته، إلّا أنّ القريبين من «الحزب» يلفتون إلى أنّه كان حريصاً، ليس عقب الحرب وحسب بل خلالها أيضاً، على إعطاء إشارات إيجابية نحو الداخل وتأكيد الانتظام تحت سقف الطائف والدستور لإعادة تكوين السلطة وبناء الدولة بالتعاون والشراكة مع الآخرين، ومن ضمنهم مَن يختلف معهم.
ويُشير هؤلاء إلى أنّ التجربة أظهرت بوضوح كيف أنّ «الحزب» تعامل ببراغماتية مع مسألة انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، إذ أنّ أصوات «الثنائي» كانت كفيلة بترجيح كفة الميزان لصالحه وباستكمال رسم صورة التوافق العام حوله، ما أعطى انتخابه الزخم الوطني.
أكثر من ذلك، أوحى الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم خلال خطابه الأخير، بأنّ هناك ثقة تامة في نهج الرئيس عون، وفي استحالة أن يمنح إسرائيل مكسباً واحداً، مشيداً بالتوجيهات التي أعطاها للجيش من أجل مواكبة الجنوبيّين العائدين إلى بلداتهم، الأمر الذي يؤشر إلى أنّ «الحزب» لن يسمح منذ بداية العهد بحصول أي شرخ في العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية، خصوصاً أنّ هناك في الداخل والخارج مَن يتربّص بها ويتمنّى أن تُصاب بصداع أو تصدّع مبكر.
كذلك، يلفت العارفون إلى أنّ قيادة «الحزب» استَوعَبت سريعاً الالتباسات التي رافقت تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة، ونجحت في مَدّ جسور الحوار والتفاهم معه، متجاوزةً التداعيات التي ترتّبت على قرارها بعدم تسمِيَته، إلى درجة أنّ الآخرين باتوا يَتهمون سلام بمسايرة «الثنائي» زيادة عن اللزوم، وبالموافقة على منحه أكثر ممّا يستحق في الحكومة المقبلة، وإن كان الرئيس المكلّف قد نفى أمس صحة معظم التسريبات في شأن «الهندسة» التي يجريها لتشكيلته الوزارية.
ويشير القريبون من «الحزب» إلى أنّه تمكن حتى الآن من التكيّف المرن مع مقتضيات مرحلة ما بعد الحرب الإسرائيلية على مستوى الانخراط في إعادة ترتيب الوضع الداخلي، واستطاع ان ينسج خيوط علاقة منتظمة مع ركني السلطة الجديدين، وفق ما أوحى به الشيخ قاسم الذي أشار إلى انّ الأمور سالكة مع رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، في وقت كان يفترض البعض انّ «الحزب» سيكون الأكثر تضرّراً من وصولهما إلى سدّة الحكم.
وأبعد من العلاقة الجيدة بعون وسلام، يكشف المطلعون انّ هناك استعداداً لدى «حزب الله» للانفتاح أيضاً على بعض خصومه السياسيين وتلقّف أي رسائل إيجابية من قبلهم، بعدما أظهر جزء منهم خلال الفترة الأخيرة ميلاً إلى فتح صفحة جديدة على أساس احترام التوازنات ورفض الإقصاء.
ويلفت هؤلاء إلى انّ «الحزب» جاهز لملاقاة أي روح إيجابية بمثلها، وللردّ على أي تحية بأحسن منها، على قاعدة اقتناعه بحتمية الشراكة والتوافق في إطار موجبات التركيبة اللبنانية، لافتين إلى انّ الحوار وحده هو الذي يمكن أن يزيل الخوف من الآخر ومعالجة الهواجس المتبادلة.