انقضت المدة المعقولة لتشكيل اول حكومة في العهد الجديد، ولم يستطع الرئيس المكلف القاضي نواف سلام تشكيلها بالسرعة الموعودة وانهمك في دوامة المطالب والحصص،والهيمنة على الوزارات المفصلية، واصبح التأخير في ولادتها، عاملا سلبيا، يأكل من رصيد العهد ويفرمل انطلاقته، ويثير تساؤلات واستفسارات عديدة عن الدافع وراء هذه العرقلة والأهداف المتوخاة منها.
ويلاحظ أن من اسباب عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة، ان هناك من يحاول التعويض عن خسارته بانتخابات رئاسة الجمهورية،الامساك بالحكومة من خلال الاستئثار بالوزارات المهمة، بينما يحاول البعض الآخر التعويض عن خسارته الميدانية، الحصول على حصة وازنة بالمقاعد والحقائب، يستطيع من خلالها المحافظة على الامتيازات المالية والتسليحية خلافا للدستور والقوانين، كما هي، فيما اطراف اخرى تحاول الحصول على حصص بالحد الطبيعي، لتُبقي على توازن مقبول لمصالحها ونفوذها، في التركيبة السياسية القائمة.
وهكذا يستهلك الوقت بلا طائل والوعود والعناوين الواردة في خطاب القسم، تطرح تساؤلات واستفسارات بخصوصها، ولا تجد اجوبة قاطعة ومطمئنة.
هناك من يعتبر ان تشكيل حكومة تقليدية، بالحصص والتسميات المفروضة، كما هو مطروح حاليا، مع امتيازات ملحوظة، بالحصص والحقائب، يعني حكومة مكبلة، لن تستطيع مواكبة تنفيذ وعود خطاب القسم، او الحد الادنى منها،وعاجزة عن القيام بالمهمات الجسام الملقاة على عاتقها، إن بخصوص متابعة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار والقرار الدولي رقم ١٧٠١، أو إعادة اعمار ما هدمته الحرب الإسرائيلية على لبنان، او النهوض بلبنان اقتصاديا واجتماعيا.
ويبقى امام الرئيس المكلف اذا استمرت دوامة المطالب فوق العادة، والشروط من هنا وهناك، خيار واحد للخروج من هذا الواقع الجامد، وهو الإقدام على تشكيل حكومة، تتجاوز الصيغة التقليدية المحكى عنها، حكومة غير تقليدية، لا حصص او تسميات للاحزاب فيها ويراعى فيها تمثيل المحافظات والمناطق، وليتحمل كل طرف مسؤوليته، ويأخذ الموقف الذي يراه مناسبا، إما بتأييدها ومنح الثقة لها بالمجلس النيابي، أو حجب الثقة عنها.