يتخذ انشداد الاهتمامات نحو مسار تاليف الحكومة العتيدة برئاسة الرئيس المكلف نواف سلام أبعاداً إضافية تحتم أخذها في الحسبان في ظل الزيارة التي سيقوم بها اليوم لبيروت وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان. ذلك أن هذه الزيارة ستشكل حدثاً ديبلوماسياً من أبرز الاحداث التي تعاقبت بعد انتخاب الرئيس العماد جوزف عون وتكليف الرئيس سلام لكونها الزيارة الأولى لمسؤول سعودي رفيع للبنان منذ 15 عاماً بما يعكس، بعد الدعم السعودي الأساسي لوصول الرئيس عون بداية صفحة مختلفة في العلاقات السعودية- اللبنانية عقب مرحلة طويلة من التوتر الذي أصاب هذه العلاقات إبان سيطرة “حزب الله” ونفوذ محور الممانعة على السلطة في لبنان. كما أن الجانب الموازي لهذا البعد يتمثل في الدفع السعودي نحو قيام حكومة إصلاحية تتولى من ضمن صلاحياتها فتح صفحة تطوير العلاقات الثنائية وتوقيع مجموعة كبيرة من الاتفاقات المعدة في مختلف المجالات. وسينقل الوزير السعودي دعوة رسمية إلى الرئيس عون لزيارة المملكة كما سيلتقي الرؤساء نبيه بري ونجيب ميقاتي ونواف سلام.
بطبيعة الحال يفترض أن تترك زيارة بن فرحان تردداتها على المناخ السائد حيال المسار الحكومي للدفع نحو تسهيل ولادتها بعدما تصاعدت معالم “تشويش” سياسي يبلغ حدود استعادة اضطرابات سلبية من جهات سياسية مختلفة بما أثار قلقاً على ما شهده لبنان في الأسابيع الأخيرة من انفراجات قياسية واعدة. وإذ عاد الرئيس المكلف غداة إطلاقه موقفه الأخير من قصر بعبدا إلى العمل الصامت بما عكس إلزامه التام إنجاز التشكيلة الحكومية وفق المعايير الصارمة التي أعلنها من بعبدا، لم تستبعد معطيات تتسم بالجدية الكبيرة أن يمضي سلام بالتفاهم مع رئيس الجمهورية إلى انجاز حكومة “أمر واقع إصلاحي” تتّسم بتغيير جذري على غرار صورة التغيير الذي جاء به رئيساً مكلفاً بعد انتخاب الرئيس عون. وأشارت إلى أن “الملهاة” السياسية التي اندلعت بعد أقل من عشرة أيام من تكليف سلام أثارت الخشية من إغراقه في رمال المعادلات التقليدية ولكن يبدو ثابتاً وفق كل المعلومات والمؤشرات الثابتة أن الرجل ليس في وارد التراجع أمام هذه الردّة السلبية وهو ماضٍ نحو ترجمة ما التزمه في تشكيل الحكومة بلا تراجع وأياً تكن ردود الفعل بما يضع الجميع أمام مسؤوليات التعاون مع العهد والحكومة أو تحمل تبعات العرقلة.