ناشونال إنترست- تكامل آسيا الوسطى يصب في مصلحة واشنطن
شارك هذا الخبر
Monday, January 20, 2025
يرى المحلل السياسي أليكس ليتل، أن منطقة آسيا الوسطى ذات أهمية من الناحية الاستراتيجية حيث أنها غنية بالموارد وبالمقومات الاقتصادية، و يمكن ويجب أن تبرز كمركز لانخراط إيجابي ومربح بالنسبة للولايات المتحدة. ويعد تأمين المعادن المهمة والوصول إلى اليورانيوم لدعم القطاع النووي وفتح أسواق جديدة أمام الشركات الأمريكية أمراً متاحاً.
وقال ليتل، هو مرشح لنيل درجة الماجستير في سياسة الأمن القومي في كلية باردي راند للدراسات العليا، ومتخصص في الشؤون الروسية وآسيا الوسطى، إن تعزيز التعاون والاتصال والمشاركة الإقليمية بين كازاخستان واوزبكستان وطاجيكستان وتركمنستان وقرغيزستان ، يمكن أن يدعم الازدهار المحلي والمصالح الأمريكية.
وأضاف ليتل، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، أن منطقة آسيا الوسطى المتحدة تقلل من احتمال رضوخها للمحاولات الروسية أو الصينية لتطبيق سياسة "فرق تسد " وتزيد احتمالات دخولها في شراكة مع الغرب لتحصل على الدعم والإلهام.
فرق تسد واتخذ تكامل الدول الخمس أشكالاً متعددة، بما في ذلك اتحاد آسيا الوسطى، الذي تأسس في عام 1993 بناءاً على طلب الرئيس المؤسس لكازاخستان نور سلطان نزارباييف. وفيما بعد، أصبح الاتحاد الاقتصادي لآسيا الوسطى، الذي ظل قائماً من عام 1994وحتى عام 2004 بدون عضوية تركمنستان فيه.
وسعت الولايات المتحدة أولاً لإضفاء الطابع الرسمي على التعاون مع هذه الدول الخمس من خلال القمة الدبلوماسية السنوية بصيغة +5 1 لتعزيز العمل الجماعي في عام 2015. وفي الوقت الذي تستعد فيه إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب لدخول البيت الأبيض، يتعين عليها دعم تكامل آسيا الوسطى وتمكيته.
كان نزارباييف، الذي سوف يحتفل بعيد ميلاده الـ85 في وقت لاحق العام الجاري، أدرك هذا في عام 1992،حيث طرح الخطوط العريضة لسياسة متعددة التوجهات بوصفها أمراً ضرورياً لكازاخستان والمنطقة ككل. ويواصل خليفته، الرئيس قاسم جومارت توكاييف انتهاج هذه السياسة.
وتستطيع دول آسيا الوسطى المتكاملة محلياً، من خلال تعاون أكبر فيما بينها وبين الولايات المتحدة، أن تنتهج سياستها المشتركة على نحو أكثر كفاءة. ولايمكن تجاهل جاراتها، روسيا والصين وإيران وأفغانستان. وبالأحرى، يتعين على الدول أن توازن دبلوماسياً المصالح المباشرة لهذه الدول المجاورة مع كل منها الأخرى، بينما تجتذب في نفس الوقت الاستثمارات الأوروبية والأمريكية.
ولايمكن لهذه الدول الـ5 الاستفادة من حيادها إلا إذا قامت بتنويع الشركاء وتعزيز هوياتها الوطنية من خلال تحقيق التوازن في علاقاتها مع القوى الخارجية . ويتطلب هذا أكثر من مجرد تعاون سياسي رسمي.
التعاون الثقافي والاقتصادي ويوفر التعاون الثقافي والاقتصادي، من خلال المنظمات الحكومية الدولية، مثل منظمة الدول التركية و المؤتمر الخاص بالتفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا، منتدي قيما لتعاون واسع النطاق بين الحكومات والمؤسسات التجارية والمجتمع المدني في المنطقة.
وتتطلب أي وحدة أكبر بين دول آسيا الوسطى تحسينات في البنية التحتية واللوجستيات وتقليص الضوابط على الحدود وخفض الرسوم، ولوائح ومعايير منسقة. وعلاوة على ذلك ، تتطلب التجارة بين الولايات المتحدة وآسيا الوسطى طرقا موثوقة وأمنة.
ويوفر الممر الأوسط، الذي من المخطط له أن يمتد عبر سهول آسيا الوسطى وبحر قزوين وجبال القوقاز والبحر الأسود، هذه الفرصة.
وفي ظل الاضطرابات التي تشهدها طرق أخرى للتجارة، مثل تلك التي يتسبب فيها المتمردون الحوثيون للسفن المارة عبر البحر الأحمر أو روسيا، يصبح الممر الأوسط خياراً جذاباً على نحو متزايد عندما يكون متاحاً، ويمكن أن تشارك الشركات الأمريكية في تحقيق ذلك.
ويواجه تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة ودول آسيا الوسطى العديد من التحديات. أولها أنه إذا لم يؤكد على التعاون، سوف تتسبب الروابط مع أمريكا في تعقيدات في العلاقات مع روسيا والصين. ولا يتعين النظر إلى واشنطن على أنها تحاول اقتلاع نفوذ موسكو وبكين في آسيا الوسطى وتحل محلهما.
غير أن واشنطن يمكن أن تقدم فرصة لدول آسيا الوسطى لتكون لديها خيارات أكبر متنوعة في السوق العالمي، وتساعد على منع أي دولة من بسط الهيمنة اقتصاديا على آسيا الوسطى.
وعرقلت القيود التجارية العتيقة التي تعوق المشاريع طويلة الأمد، وتحديداً تعديل جاكسون فانيك، التعاون بين الولايات المتحدة وآسيا الوسطى.
وكجز من قانون التجارة لعام 1974، الذي تبناه الكونغرس ووقع عليه إنذاك الرئيس غيرالد فورد ليصبح قانوناً، منع هذا التشريع إقامة علاقات تجارية طبيعية دائمة مع الاقتصاديات التي لا تتبنى مبادئ السوق الحرة وقيدت حقوق الهجرة، بما في ذلك الاتحاد السوفيتي.
ستار حديدي وبينما احتفظ الاتحاد السوفيتي لفترة طويلة الأمد بسياسة تقييد الهجرة للخارج بشكل صارم بصفة عامة، أدت سياساته الرافضة للسماح لسكانه من اليهود بالهجرة بينما يسحق في الوقت نفسه أي وكل التعبيرات العامة عن اليهودية، إلى نمو حركة لتحرير اليهود السوفييت، أسفرت في نهاية المطاف عن تمرير تعديل جاكسون فانيك. وفي نهاية المطاف، تم رفع الستار الحديدي في عام 1989 واستطاع أخيراً معظم اليهود من الاتحاد السوفيتي الذين كانوا يناضلون للخروج، المغادرة إلى إسرائيل والولايات المتحدة.
وفي نهاية المطاف، تم رفع الستار الحديدي في عام 1989 واستطاع أخيراً معظم اليهود من الاتحاد السوفيتي الذين كانوا يناضلون للخروج، المغادرة إلى إسرائيل والولايات المتحدة.
وعندما انهار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 ألغت كازاخستان، إبان حكم نزارباييف، القيود على الهجرة إلى خارج البلاد، وتخلت بسرعة عن الموقف القمعي للاتحاد السوفيتي المعادي للأديان، وسعت لترسيخ التسامح الديني. وافتتحت مؤتمر زعماء الديانات العالمية والتقليدية في عام 2003.
وفي نفس الوقت، كانت اوزبكستان أكثر تقييداً في هذا الصدد حتى وفاة أول رئيس لها إسلام كريموف في عام 2016 وفي ظل التقدم في المنطقة وإمكانية تعزيز تجارة قوية، يعد تعديل جاكسون فانيك الآن عقبة أمام إحراز تقدم في المستقبل كان يتعين إزالتها منذ فترة طويلة.
ويتعين على إدارة ترامب المقبلة أن تشجع كازاخستان واوزبكستان على أخذ زمام المبادرة للتكامل، نظراً لأن الدولتين تعتبران نفسيهما زعيمتين إقليمتين. ويتعين أيضاً الترحيب بانضمام دول أكثر توجساً إزاء علاقاتها مع الولايات المتحدة، مثل طاجيكستان وتركمنستان. ووسط غزو روسيا الوحشي لأوكرانيا والصراعات المستعرة في الشرق الأوسط والتوترات المحيطة بالصين، تم إغفال آسيا الوسطى رغم قربها من كل المناطق الثلاث.
واختتم ليتل تقريره بالقول إنه بينما تتمحور سياسة خارجية أمريكية واقعية، من المرجح أن تظهر مجدداً إبان إدارة ترامب، حول الحفاظ على العلاقات مع القوى العظمى، فإنه يتعين على واشنطن أن تعترف بالأهمية الاقتصادية واللوجستية للمنطقة. والآن هو الوقت المناسب بالنسبة لواشنطن لتتخذ تدابير استباقية لتعزيز التقدم صوب آسيا الوسطى الأكثر تكاملاً.