هل تشعل العقوبات أسعار النفط؟

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, January 14, 2025

مع استقرار أسعار النفط قرب أعلى مستوى في خمسة أشهر، تطل عقوبات جديدة على صناعة الطاقة الروسية والرسوم الجمركية المحتملة من إدارة دونالد ترمب المقبلة.

وبحسب متخصصين، فإن فرض العقوبات قد يشعل أسعار النفط، إذ اقترب خام "برنت" من 81 دولاراً للبرميل بعد ارتفاعه أكثر من خمسة في المئة خلال الجلستين السابقتين، في حين اقترب خام "غرب تكساس" الوسيط من 79 دولاراً.

وفرضت الولايات المتحدة أوسع عقوبات لها حتى الآن على صناعة موسكو، مستهدفة كبار المصدرين وشركات التأمين وأكثر من 150 ناقلة نفط.

وتعتزم مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات مماثلة عبر إدخال مزيد من القيود على الغاز الطبيعي وتعزيز تطبيق حد أقصى لسعر النفط.

بداية قوية

وكانت أسعار النفط شهدت بداية قوية لهذا العام، بعدما ارتفعت 10 في المئة مع زيادة أخطار العرض في السوق التي حصلت على دعم من انخفاض المخزونات الأميركية والطقس البارد الذي أدى إلى تأجيج الطلب.

وبحسب محللين، فعلى رغم أن التأثير الكامل لحزمة العقوبات الأميركية الأخيرة لا يزال غير واضح، فإن ذلك قد يؤدي إلى إعادة توجيه التدفقات العالمية، إذ يضطر المستخدمون في جميع أنحاء آسيا، بما في ذلك المصافي في الهند والصين، إلى البحث عن إمدادات بديلة.

وتشير تقارير "بلومبيرغ " إلى أن بعض العلامات المبكرة على الاضطراب واضحة بالفعل، ومن بينها، قول أحد كبار المسؤولين الهنود للصحافيين إن السفن الخاضعة للعقوبات لن يسمح لها بالتفريغ في البلاد، أيضاً ارتفعت أسعار الناقلات، وتهدد القيود بتناقص عدد السفن القادرة على حمل النفط.

وبحسب المتخصصين، إذا استمرت هذه الإجراءات تحت إدارة ترمب، فإن هناك فرصة أكبر لتعطيل صادرات موسكو من النفط، مقارنة بأي إجراءات اتخذتها القوى الغربية حتى الآن.

ومن الناحية النظرية، يمكن أن تقلص هذه الإجراءات الفائض في السوق الذي تتوقعه وكالة الطاقة الدولية البالغ نحو مليون برميل يومياً هذا العام.

شركات صينية

وعلى رغم تركيز البيان الصحافي على الكيانات الروسية المستهدفة، تضمنت قائمة العقوبات المحدثة بالكامل مشغلاً صينياً لمحطة نفطية.

وهذه الخطوة تظهر استعداد الولايات المتحدة لفرض عقوبات على الشركات في الدول المستهلكة التي تساعد في الالتفاف على الجهود المبذولة لتقييد تدفقات النفط الروسي.

والأهم من ذلك أنها تبرز أن التعامل مع شركات خاضعة للعقوبات قد يكون كافياً لإدراج شركة ما في قائمة العقوبات، مما قد يدفع الشركات الأخرى إلى الحذر الشديد.

التجار أيضاً

واستهدف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التجار الذين يوصفون بأنهم "غامضون" والذين يشحنون ويبيعون النفط الروسي، إذ "غالباً ما يتم تسجيلهم في ولايات قضائية عالية الأخطار ويستخدمون هياكل مؤسسية مبهمة وموظفين ذوي صلات بروسيا ويخفون أنشطتهم التجارية".

وأسس عدد من هذه الشركات بعد الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، واختفى كثير من اللاعبين الأوائل بالفعل لتحل محلهم كيانات جديدة بأسماء مختلفة، ولكن أصحاب العمل متداخلون، في حين أن غالبية الموظفين لا يزالون أنفسهم.

والإجراءات ضد التجار الحاليين قد تسبب اضطراباً قصير الأمد، لكن من المرجح أن يعاود كثيرون الظهور تحت أسماء مختلفة.

والسؤال المهم هو كيفية استجابة الهند التي تُعدّ مستورداً رئيساً للنفط الروسي، ومنظميها وشركاتها النفطية، إذ تغطى الشحنات المرسلة إليها تأمينياً حالياً من قبل شركة "إنغوستراخ".

وقالت الشركة في رسالة عبر البريد الإلكتروني "إزالة إنغوستراخ من السوق تخلق فراغاً ستملأه بلا شك شركات تأمين غير موثوقة"، مضيفة أنها ستبحث عن طرق للتعامل مع ما وصفته بقرار غير مبرر ومضر.

خدمات النفط

وتتطلب العقوبات من شركات خدمات النفط الأميركية التوقف عن العمل في روسيا بحلول الـ27 من فبراير (شباط) المقبل.

ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون لهذه القيود الأوسع تأثير فوري في قدرة روسيا على استخراج النفط، إذ تقوم الشركات المحلية، بما في ذلك تلك التي كانت مملوكة سابقاً لمستثمرين أجانب، بالجزء الأكبر من خدمات النفط في البلاد.

واحتفظت هذه الشركات، خصوصاً تلك التي كانت تابعة لمزودي خدمات النفط العالميين، بالمعدات والكوادر والمعرفة الكافية للحفاظ على معدلات الحفر في روسيا.

وقد يظهر تأثير العقوبات في إنتاج النفط الروسي على المدى الطويل فحسب، خصوصاً في المشاريع الجديدة التي تتطلب تقنيات حديثة لضمان جدوى الإنتاج، ونتيجة لذلك، قد تتباطأ جهود روسيا في استكشاف احتياطات القطب الشمالي وتطوير الحقول البحرية.

سوق النفط في 2025

ويبدو أن عام 2025 سيكون بالنسبة إلى سوق النفط العالمي عاماً يتميز بفائض ضخم وأسعار تراوح ما بين الاستقرار والضعف، وفجأة بعد حزمة العقوبات الأكثر جرأة التي فرضتها الولايات المتحدة حتى الآن على صناعة الطاقة في روسيا أصبحت التوقعات أكثر تعقيداً.

وكتب محللون في شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس أل أل سي" بمن فيهم برايان ليزن، في مذكرة أنه "بعد مرور أسبوع واحد فحسب على العام، اختبرنا بالفعل أعلى نطاق سعر علاوة أخطار الأحداث، والعقوبات الروسية الجديدة التي فرضتها الإدارة المنتهية ولايتها تشكل إضافة صافية إلى العرض المعرض للخطر"، وفق ما ذكرت وكالة "بلومبيرغ".

وجهة نظر "غولدمان"

وقال محللون في مجموعة "غولدمان ساكس"، بمن فيهم دان سترويفن، في مذكرة "قد يرتفع خام برنت فوق قمة نطاقنا بقليل إذا انخفض الإنتاج الروسي لفترة وجيزة بمقدار مليون برميل يومياً، وإلى 90 دولاراً للبرميل في سيناريو مشترك، إذ تنخفض ​​​​الإمدادات الإيرانية أيضاً بمقدار مليون برميل يومياً ولكن بطريقة مستمرة".

ومع ذلك، تبنى البنك نبرة حذرة واختار الحفاظ في الوقت الحالي على توقعاته الأساسية لكل من الإنتاج الروسي والأسعار، إذ إنه من المرجح أن يبلغ متوسط ​​سعر خام "برنت" 76 دولاراً للبرميل على مدى عام 2025.

ومن بين العوامل وراء هذا الرأي نطاق الخصومات الأكبر على التدفقات الروسية، فضلاً عن تفضيل ترمب المحتمل لأسعار الطاقة الأميركية المنخفضة.

وقدرت مجموعة "سيتي غروب" أن ما يصل إلى 30 في المئة من أسطول الناقلات الروسي المسمى "أسطول الظل" قد يتأثر، مما يهدد ما يصل إلى 800 ألف برميل يومياً، على رغم أن الخسارة الفعلية قد تكون أقل من نصف هذا الرقم، ووصفت الحزمة الأميركية بأنها "غير مسبوقة".

ويواجه مراقبو السوق تحولات أخرى غير حزمة العقوبات الأميركية واسعة النطاق، وتقلصت مخزونات الخام في الولايات المتحدة على مستوى البلاد خلال الأسابيع السبعة الماضية، في أطول سلسلة من الانخفاضات منذ عام 2022، مما يدعم ارتفاع الأسعار.

إضافة إلى ذلك، وصلت الحيازات في مركز "كوشينغ" الرئيس في أوكلاهوما إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2014 ودعم الطقس البارد العقود الآجلة مع اتساع نطاق التراجع.

تقييم التوقعات

في إطار تقييم التوقعات، رفع "مورغان ستانلي" بياناته الفصلية لسعر خام "برنت" خلال هذا العام، على رغم أن أرقامه المعدلة تظل أقل من المستويات الحالية.

ومن بين هذه التقديرات، من المرتقب الآن أن يبلغ سعر "برنت" 77.50 دولار للبرميل هذا الربع، ارتفاعاً من توقعات سابقة بلغت 72 دولاراً، وفقاً لما ذكره محللون من بينهم مارتين راتس في مذكرة صدرت أمس الإثنين.

وقال راتس إن "العقوبات الأميركية الجديدة على صناعة النفط الروسية تجاوزت التوقعات، وسيستغرق الأمر بعض الوقت لاستيعاب هذه التدابير، لكن هذا يخلق أخطاراً سلبية على إمدادات النفط، في الأقل لفترة من الوقت".

أوروبا تهدد

إلى ذلك، أفادت وكالة "بلومبيرغ "بأن العالم يستعد لمعركة على إمدادات الغاز الطبيعي هذا العام، مما يطيل أمد آلام ارتفاع الفواتير بالنسبة إلى المستهلكين والمصانع في أوروبا المتعطشة إلى الطاقة، ويعرض البلدان الناشئة الأكثر فقراً من آسيا إلى أميركا الجنوبية لخطر الخروج من السوق بسبب ارتفاع الأسعار.

وقالت الوكالة إن أوروبا تهدد بإثارة صراع عالمي على الغاز الطبيعي، إذ وللمرة الأولى منذ تفاقم أزمة الطاقة بسبب حرب روسيا في أوكرانيا، تواجه أوروبا خطر الفشل في تلبية أهداف التخزين الخاصة بها لفصل الشتاء المقبل، مما يمهد الطريق لصراع أخير على الإمدادات قبل أن تبدأ قدرات الغاز الطبيعي المسال الجديدة في تخفيف الوضع خلال العام المقبل.

وفي حين تمتلك أوروبا احتياطات كافية من الغاز لتجاوز فصل الشتاء، وعلى رغم انخفاض الأسعار منذ بداية العام، فإن المخزونات تتآكل بسبب الطقس البارد الذي اجتاح القارة في نهاية هذا الأسبوع.

وتقلصت خيارات التوريد منذ بداية هذا العام، عندما توقفت عمليات التسليم عبر خطوط الأنابيب الروسية عبر أوكرانيا في أعقاب انتهاء اتفاق النقل.


اندبندنت عربية