هل تكون تسمية ميقاتي استكمالا لانتخاب عون رئيساً للجمهوريّة؟- بقلم كمال ذبيان
شارك هذا الخبر
Monday, January 13, 2025
بعد انجاز استحقاق انتخاب مجلس النواب لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، امامه امتحان جديد وهو تسمية رئيس للحكومة، ليقوم بتشكيل حكومة العهد الاولى، لتنتظم المؤسسات الدستورية التي شُلت منذ عامين وثلاثة اشهر تقريباً، فاستعجل الرئيس المنتخب دعوة النواب الى استشارات ملزمة، هي كانتخاب لمرشح مكلف لرئاسة الحكومة، وهذا من الاصلاحات الدستورية والسياسية التي تحققت في "اتفاق الطائف"، بسحب تسمية رئيس الحكومة من صلاحية رئيس الجمهورية. وبذلك يكون موقع رئاسة الحكومة تحرر من ان يسميه او يفرضه رئيس الجمهورية.
وتسمية رئيس للحكومة، لا تقل اهمية عن انتخاب رئيس الجمهورية، لان السلطة التنفيذية باتت دستورياً محصورة بمجلس الوزراء مجتمعاً الذي يترأس جلساته رئيسه، واذا حضر رئيس الجمهورية يترأسه دون ان يصوّت، وبات لمجلس الوزراء مقر رسمي، لاعطائه صفة المؤسسة الدستورية الفعلية، لكن تطبيق مضمون الدستور يخضع لظروف يتم تبريرها.
فالنواب اليوم، امام استحقاق بالغ الاهمية، لمن تكون رئاسة الحكومة التي سيتبعها شكلها وتوزيع الحقائب فيها، وما اذا كانت ستخضع للمعايير ذاتها في تشكيل الحكومات السابقة، كمثل توزيع الحقائب بين الطوائف والمذاهب، وتصنيفها سيادية وخدماتية ولمن تكون، بحيث بات من العُرف ان تكون وزارة المالية ثابتة للطائفة الشيعية، لتضمن توقيع وزير المالية على المراسيم كشريك ثالث واساسي مع رئيسي الجمهورية والحكومة، "بدسترة" او "قوننة" هذا المنصب بالامر الواقع.
وبدأت الكتل النيابية والنواب المستقلون التشاور حول الاسم الذي سيرشحونه لرئاسة الحكومة، او عدم التسمية، او ترك الاسم لرئيس الجمهورية، وهذه الحالة حصلت مرة واحدة في اول عهد الرئيس اميل لحود في نهاية عام 1998 واعتبرت غير دستورية، ولم يظهر بعد اسم من سيكون رئيساً للحكومة في العهد الجديد، سوى ان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع استبق الدعوة للاستشارات النيابية، وسمى النائبين فؤاد مخزومي واشرف ريفي كمرشحين للمعارضة بعد ساعات على انتخاب رئيس للجمهورية، فوضع مخزومي وريفي بوجه بعضهما، وهما ينتميان الى "تكتل تجدد" الذي يضمهما مع النائب ميشال معوض، وهو المعني باختيار مرشحه لرئاسة الحكومة، ولقي كلام جعجع استياء لدى الطائفة السنية، بان يسمي جعجع عبر الاعلام من سيكون رئيس الحكومة، وهو الذي ومنذ فترة تعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي، يقدم نفسه كأنه "يمون على السُنة"، وهذا ما لم يتمكن جعجع منه، كما يقول احد النواب من "تكتل التوافق الوطني"، وظهر جعجع مستهزئاً بالنائب وضاح الصادق بوصفه له، بانه ما زال "زغتوراً على السياسة وليس لديه تجربة"، مما ترك استياء من كلام جعجع "الفوقي" كما يقول النائب، الذي اشار الى ان "نوابا سُنة" كانوا اجتمعوا اكثر من مرة ليكوّنوا منهم تكتلاً نيابياً له كلمته المؤثرة في استحقاق رئاسة الجمهورية، ونجحوا الى حد ما، ولن يسمحوا لجعجع او لغيره، بمصادرة قرار "الطائفة السنية" التي ما زالت لها مرجعياتها السياسية والدينية.
فاسم الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة ما زال قيد التشاور، والدخان الابيض يظهر من القصر الجمهوري بعد الخامسة من بعد ظهر الاثنين، مع انتهاء الاستشارات النيابية، واحتساب الاصوات، ومن نال الاثكرية التي سمته لرئاسة الحكومة، فيتم استدعاؤه الى القصر الجمهوري، وابلاغه بالنتيجة في حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي تقول مصادره، انه يتجه الى تسمية الرئيس نجيب ميقاتي، ومثله سيفعل حزب الله، وهما ارتاحا بالتعاون مع ميقاتي خلال ترؤسه للحكومات، ومنها الحكومة الحالية التي تصرف الاعمال.
ولا يبدو ان اعادة تكليف ميقاتي رئاسة الحكومة مرتبطة بسلة اتفاق عليها، بان قائد الجيش رئيس للجمهورية وميقاتي رئيس للحكومة، بل هي الظروف التي ستفرض اسم رئيس الحكومة كما حصل في رئاسة الجمهورية، يقول مصدر سياسي متابع، لان المرحلة هي لتطبيق اتفاق وقف اطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 واعادة الاعمار، وهذه الاولوية التي تفرض نفسها على فترة الستة الاشهر من بداية العهد، وان اختيار العماد عون رئيساً للجمهورية، كان من ضمن هذا التوجه، لانه كان معنياً بتنفيذ قرار انتشار الجيش كقائد له، مع انسحاب الاحتلال "الاسرائيلي"، وهو معني به من موقعه في رئاسة الجمهورية، كمفاوض باسم لبنان، فتكون تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة اذا حصلت، هي استكمال لانتخاب عون لرئاسة الجمهورية، على ان يتضمن البيان الوزاري للحكومة، مما جاء في خطاب القسم للرئيس عون، وهي تقوم على الاصلاح بكل مندرجاته، والعبرة تكون دائماً في التنفيذ، اذ سبق لرؤساء جمهورية، ان ضمّنوا خطابات القسم، عناوين اصلاحية وتحديثية للدولة ومؤسساتها، وبقي الكثير منها حبراً على ورق، او شاءت ظروف سياسية وطائفية وتقاسم الحصص الا تنفذ.
ويبقى دور اساسي لمن رعى وشجع على انتخاب عون لرئاسة الجمهورية، وهي دول "اللجنة الخماسية"، فهل سيكون لها تأثيرها في اختيار رئيس الحكومة الاولى للعهد، وهي غالباً ما تكون صادمة، لجهة من يكون رئيسها ومن تضم؟ فتكشف مصادر متابعة ان الاصلاح هو عنوان تدعمه الدول، ولاقاهم الرئيس عون في خطابه، وان هذه المرحلة هي لاخراج لبنان من الحرب وتداعياتها.