كاسبار: خطاب شامل بعد إطلاق الحكم الدولي صفارته

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 10, 2025

للقيادة شروط اهمها بعد النظر والحكمة والخبرة، والقدرة على تسيير الامور بصورة شخصية او بتكليف مستشارين واصحاب اختصاص، وذلك يتطلب عقلاً راجحاً، وتضحية والابتعاد عن الانانية والشخصانية. وبالتالي فللقيادة اربابها إذ ليس اي كان يستطيع ان يكون قائداً مهما كان ذكياً وعملانياً. قد يكون ثانياً .second ومرّ على لبنان مسؤولون كبار ولم يرتقوا الى مستوى القيادة. فالقائد هو الذي ينظر الى الامور الاستراتيجية والتكتيكية ويتابعها بأدق تفاصيلها. ولا يمكن انتقاده والقول:"شوفوا وين بالو". فهو يستطيع ان يتابع معالجة الحفر على الطرقات وإنشاء الاوتوسترادات، ويستطيع ان يراقب الموظف المرتشي او الكسول وفي الوقت عينه ينظم عمل الادارة بكاملها. يراقب اعمال القضاة وتصرفاتهم، وفي الوقت عينه يقترح استقلالية القضاء وإعادة النظر بالتنظيم القضائي. فهذه لا تمنع تلك ولايمكن إهمال عشرات آلاف الامور تحت ستار الاهتمام بالقضايا الكبرى. فلكل مشكلة مسؤول لحلها ولا يجب ترك الامور على مغاربها بحجة خطر داهم من هنا او استحقاق من هناك.

فالمسؤول الناجح هو الذي يتحلى ببعد النظر، وكبر العقل لمعالجة المشاكل بحكمة وروية وشجاعة وصرامة. وهو الذي لا يطلب شيئاً لنفسه او لعائلته واصدقائه والمقربين منه. عندها يستطيع ان يضرب بيد من حديد ولا يكون ضعيفاً ومذلولاً وخائفاً من "تعييره" بعدم نظافة الكف، او بالمنفعة الشخصية او العائلية.

انطلاقاً من هذه المبادئ، وبعد انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية، وتلاوته خطاب القسم الذي يحتوي على شمولية كاملة لشتى المواضيع، والدخول في أدق التفاصيل، مع جرأة في طرح مبادئ وثوابت وطنية. جاء وقت التطبيق. إذ ان هذا الخطاب لم يترك شاردة وواردة الا وتطرق اليها بجرأة وشجاعة وحكمة، ووضع النقاط على الحروف، ونبه من يجب تنبيههم من مسؤولين وموظفين على مختلف المستويات.

ويبقى التطبيق. عادة اتحفظ في تأييد مسؤول بعد الاستماع الى خطابه. لان أياً كان يستطيع كتابة الخطابات الرنانة، وقد يكتبها له كاتب محنك . إنما من مندرجاته يبرز العزم وتبرز الشجاعة والحكمة. وهو ليس مضطراً لكتابة وقراءة هذه العبارات لو لم يكن حكيماً جريئاً مصمماً على تنفيذ امور لم ينفذها غيره.

نحن كما قلت لا نعتمد على ما يكتب بل على مسيرة الانسان. ومسيرة فخامة الرئيس العماد جوزيف عون مشرفة. فهو رجل دولة بامتياز. حارب الفساد والرشى. لم نسمع عنه إلا كل الخير خلال توليه قيادة الجيش. لم يتملك العقارات والابنية والسيارات الفخمة. ولم نتعرف على عائلته إلا بعد انتخابه ومن خلال الاعلام مع الامل بأن يبقى افراد عائلته بعيدين عن الاعلام إلا في الحالات التي يتوجب فيها ذلك خصوصاً لدى متابعة الامور الانسانية.

ما نعرفه عن فخامة الرئيس انه رجل مؤسسات وهذا هو المطلوب. وأينما حل يلمع ويبرع. خلال زيارتنا له يوم كنت نقيباً للمحامين قال لي انه كان مسؤولاً عن الحاجز على مفرق بلدة طورزا وهو يجمع بين بوابات اقضية زغرتا وبشري والكورة. وان المرحومة والدته من بلدة بشمزين الكورانية من آل مخلوطة. وانه هو الذي زرع عشرات الاشجار، ووضع مستوعبات الباطون وهي بالمئات في محيط الحاجز بعد ان تم رسم العلم اللبناني على كل مستوعب من مستوعبات الباطون.

فهو أينما حل واي مسؤولية تولاها يبرع فيها ويطورها، وهذه هي صفة القائد وكلي أمل بأنه سوف ينجح في منصبه الجديد وإن كنا نخشى دائماً تصرفات البعض، وخصوصاً الاحزاب، التي سوف تطالب بالوزارات السيادية (سيادية على من) والخدماتية (خدماتية على من)، وبمناصب السفراء والمدراء العامين وحتى في القضاء وخصوصاً في المراكز الحساسة في النيابات العامة.

من هنا اتمنى على فخامته وضع النقاط على الحروف منذ البداية. وإفهام الجميع بأن مبدأ المحاصصة قد ولى، ومبدأ توزيع المناصب والمراكز قد ولى. وتعيين الموظف الكفوء في المركز الذي يستحقه. وفصل النيابة عن الوزارة. إذ كيف يمارس النائب الرقابة على الوزارة وهو وزير فيها. لا بل اكثر من ذلك. إذا فرضت الكتل النيابية، الحزبية وغير الحزبية، تعيين وزراء من كوادرها ومن غير النواب، فكيف تمارس رقابتها على الحكومة والوزراء منها؟.

كلنا أمل بالعهد الجديد، وإن كانت العقبات كثيرة، إذ يظهر ان الحكم الدولي قد اطلق صفارته ليعيش لبنان عصرا ذهبياً لسنوات وسنوات مقبلة.

نقيب المحامين السابق في بيروت
ناضر كاسبار