سكاي نيوز- بعد انتخاب جوزيف عون.. هل تتغير قواعد اللعبة مع إسرائيل؟
شارك هذا الخبر
Friday, January 10, 2025
مع انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، تنفتح صفحة جديدة في المشهد السياسي اللبناني. الرئيس الجديد يقدم نفسه كرجل دولة يعكس رؤية مغايرة لمسار الحكم التقليدي في لبنان، لكن الأهم في سياسته المعلنة هو توجهه لتوحيد السيادة اللبنانية تحت مظلة الدولة، ما يضع العلاقة مع إسرائيل على مفترق طرق.
تميز خطاب القسم لجوزيف عون بلغة واضحة خالية من العبارات الملتبسة. تحدث عون عن "لبنان الدولة الطبيعية"، حيث تُحصر السيادة وحمل السلاح بيد الدولة، ويتم الالتزام بقرارات الأمم المتحدة.
تجاهله لثلاثية "الجيش، الشعب، والمقاومة" شكل تحولا لافتا، يوحي بإعادة النظر في دور حزب الله العسكري تحت مظلة الدولة اللبنانية.
من النقاط البارزة في الخطاب كان تأكيده على حصر دور الجيش اللبناني في الدفاع عن البلاد، بما يشمل تحرير الأراضي المحتلة من الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبر الباحث السياسي توفيق شومان خلال حديثه لبرنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية الخطاب "خارطة طريق متوازنة" تواجه التحديات الإقليمية والداخلية بوضوح.
ترسيم الحدود فرصة لتغيير المعادلة؟
انتخاب جوزيف عون جاء وسط تطورات إقليمية غير مسبوقة، مع تغير في الخريطة السياسية للشرق الأوسط.
من النقاط التي أثارت اهتمامًا في خطابه، إشارته إلى إمكانية حل ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل، بما يشمل إعادة فتح ملف مزارع شبعا المتنازع عليها.
الترحيب الإسرائيلي غير المعتاد برئاسة عون، كما عبّر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، يفتح الباب أمام تساؤلات حول احتمالية تغير قواعد اللعبة بين لبنان وإسرائيل.
ساعر أبدى أمله في أن "يحقق انتخاب عون استقرارا في المنطقة"، وهو تصريح يحمل رسائل ضمنية عن رغبة إسرائيلية في تهدئة الجبهة اللبنانية.
التحديات.. بين الداخل والخارج
يواجه الرئيس عون إرثا ثقيلا من الأزمات السياسية والاقتصادية. على الصعيد الداخلي، التحدي الأكبر سيكون التعامل مع حزب الله، الذي يستند إلى ملف مزارع شبعا لتبرير استمرار نشاطه العسكري.
وهنا لفت الباحث شومان إلى أن أي محاولة لحصر السلاح بيد الدولة يجب أن تُدار عبر "حوار وطني شامل"، لتجنب التصعيد الداخلي.
على الجانب الدولي، تنفيذ القرارات الأممية مثل القرار 1701 سيكون اختبارا لمصداقية عون، خاصة فيما يتعلق بمراقبة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي اللبنانية.
وعلى الرغم من الترحيب الإيراني الرسمي بانتخاب عون، فإن توجهه المعلن لحصر السلاح بيد الدولة يمثل تحديا مباشرا لحزب الله.
تصريحات شومان تشير إلى أن الاستراتيجية الدفاعية ستكون محور النقاش في الفترة المقبلة، ما يضع الحزب أمام مفترق طرق: إما التكيف مع واقع جديد أو الدخول في مواجهة سياسية مفتوحة.
هل تتغير قواعد اللعبة مع إسرائيل؟
رئاسة جوزيف عون قد تفتح الباب أمام تغيير جذري في العلاقة بين لبنان وإسرائيل. إذا نجح في فرض سيطرة الدولة على السلاح وتوحيد الجهود نحو ترسيم الحدود، قد يتحول لبنان إلى طرف أكثر تماسكًا في مفاوضاته مع إسرائيل.
لكن هذا السيناريو يظل مرهونا بقدرة عون على إدارة التوازنات الداخلية، خاصة في ظل الضغوط المتوقعة من حزب الله وداعميه الإقليميين. الباحث توفيق شومان شدد على أن "الدولة اللبنانية يجب أن تتولى الدفاع عن أراضيها، بما يشمل الردع ضد الاعتداءات الإسرائيلية"، وهو تصريح يعكس أهمية الحسم في هذا الملف. رئاسة جوزيف عون تحمل وعودًا بتغيير قواعد اللعبة بين لبنان وإسرائيل، لكنها تواجه عقبات داخلية وخارجية. قدرة الرئيس على حشد الدعم الداخلي وتنفيذ رؤيته السيادية ستحدد ما إذا كانت هذه المرحلة تمثل بداية جديدة للبنان أم امتدادًا لدوامة الأزمات المزمنة.
في النهاية، يبقى السؤال: هل يستطيع عون ترجمة وعوده السيادية إلى واقع ملموس، أم ستبقى هذه الطموحات أسيرة التوازنات السياسية والعسكرية التقليدية؟ الإجابة ستتضح مع أولى خطواته في ملفات ترسيم الحدود، حوار وطني، وحكومة قادرة على مواجهة التحديات.
انتُخب العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية اللبنانية، في خطوة اعتبرها الكثيرون بداية فصل جديد في تاريخ لبنان بعد عامين من الشغور الرئاسي الذي عطل مؤسسات الدولة وأدى إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية. لم يكن انتخاب جوزيف عون في الدورة الأولى لجلسة البرلمان أمرا يسيرا، إذ حصل على 71 صوتا فقط من أصل 86 المطلوبة، مما دفع رئيس البرلمان نبيه بري إلى تعليق الجلسة لساعتين للتشاور قبل العودة لإتمام الانتخاب.
هذا التأخير يعكس تعقيد المشهد السياسي اللبناني، الذي شهد على مدى السنوات الماضية انقسامات حادة بين الكتل البرلمانية وتدخلات خارجية متباينة.
عون وخطاب التغيير
في خطابه الأول كرئيس، شدد العماد جوزيف عون على أهمية الالتزام بالدستور اللبناني كمرجعية أساسية، وأكد أن احتكار السلاح يجب أن يكون للدولة وحدها، في إشارة واضحة إلى ضرورة تقليص نفوذ حزب الله الذي طالما أثار جدلًا داخليا ودوليا.
واعتبر الباحث السياسي مكرم رباح خلال لقائة مع التاسعة على سكاي نيوز عربية هذا الخطاب بمثابة بداية مرحلة جديدة تعيد الأمل للشعب اللبناني الذي عانى من انقسامات سياسية وتدهور اقتصادي لعقود.
وأشار مكرم رباح إلى أن انتخاب عون جاء في وقت بدأت فيه تبعات سقوط النظام السوري تؤثر على حزب الله، الحليف الأبرز لدمشق.
وأضاف أن نبيه بري، رغم محاولاته إعادة هيكلة النظام السياسي بأساليبه المعهودة، بات يدرك أن التوازنات الإقليمية والدولية الجديدة قد فرضت واقعا مختلفا، خصوصا مع الدور المتزايد للولايات المتحدة والسعودية في الملف اللبناني. التحديات أمام الرئيس الجديد
لا شك أن العماد جوزيف عون يواجه ألغاما سياسية ضخمة، تبدأ بتشكيل حكومة جديدة تتجنب المحاصصة الطائفية والتعطيل المعتاد.
البيان الوزاري القادم سيكون اختبارا حقيقيا، حيث يشدد عون على ضرورة الالتزام بالقانون والدستور، مع رفضه الواضح لـ"ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة" التي طالما استُخدمت كذريعة لتعزيز هيمنة حزب الله.
رؤية المجتمع الدولي والإصلاحات المطلوبة
المجتمع الدولي، الذي دعم انتخاب عون عبر ترويكا أميركية-فرنسية-سعودية، يطالب بإصلاحات جذرية، تشمل إعادة هيكلة النظام المصرفي وإنهاء الفساد المستشري. دول الخليج، وعلى رأسها السعودية وقطر، أكدت أنها لن تقدم أي دعم مالي دون ضمان إصلاحات حقيقية تخرج لبنان من أزمته الحالية.
يرى الكاتب مكرم رباح أن انتخاب عون يمثل "فرصة تاريخية"، لكنه يحذر من أن "ثقافة الفساد والمحسوبية" المتجذرة في النظام اللبناني قد تُعيق أي تقدم.
ويؤكد أن الشعب اللبناني بحاجة إلى دعم القيادة الجديدة، مع التصدي لأي محاولات لتعطيل المؤسسات الدستورية.
في النهاية، تبقى العيون متجهة نحو العماد جوزيف عون، الذي عليه أن يثبت أنه ليس فقط "رئيسًا واعدًا"، بل قائدًا قادرًا على قيادة لبنان نحو الاستقرار والازدهار في واحدة من أصعب المراحل في تاريخه الحديث.