إيران والحزب شعرا بالخذلان.. وروسيا لم تدعم الأسد

  • شارك هذا الخبر
Monday, January 6, 2025

روى مدير المكتب الإعلامي السابق في القصر الجمهوري كامل صقر، كواليس الأيام الأخيرة من حكم رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، وسلط صقر الضوء على المحادثات المتوترة مع الروس والإيرانيين ورفضهم دعمه، منذ بداية عمليات الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام في حلب وحتى إطاحتها بالأسد، إضافة للساعات الأخيرة التي سبقت قرار الأسد بالهروب نحو القاعدة الروسية في ريف اللاذقية.

اتصالات مكثفة
وقال صقر في روايته في مقابلة "بودكاست"، إن الأيام التي سبقت الإطاحة بالأسد شهدت اتصالات سياسية مكثفة، وقاد وزير خارجيته بسام الصباغ مفاوضات على يومين مع أطراف مختلفة، ضمنها الحكومة العراقية، موضحاً أن هدفها كان الوصول لصيغة انتقال سياسي.
لكن صقر لفت إلى أن تسارع أحداث الميدان حال دون ذلك، لاسيما أن معارك المعارضة فرضت واقعاً جديداً غطّى على كل المناقشات السياسية تلك.

زيارة موسكو
وأكد المسؤول السابق أن الأسد كان في موسكو بالتزامن مع بدء الفصائل عملية "ردع العدوان" التي أطاحت به، لطلب المساعدة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن الأخير أجّل اللقاء به من 27 إلى 29 تشرين الثاني/نوفمبر، لافتاً إلى أنه خلال هذه الفترة سقطت حلب بيد المعارضة، مما زاد من تعقيد الموقف.
وقال صقر إن الشعور حينها كان بأن التأخير لم يكن مصادفة، مؤكداً أن نتائج اجتماع الأسد وبوتين في الكرملين لم تكن مشجعة مثلما كان يريدها الأسد وسافر لأجلها. وبطلب من بوتين، لم يصدر عقب الزيارة أي بيان صحافي، ولم يكن لدى الأسد إجابة واضحة حول ذلك حيث اكتفى بالتعليق أن بوتين ربما لديه أسبابه الخاصة.

لا دعم روسياً
وأوضح أن الأسد طلب من بوتين دعماً عسكرياً مباشراً، وتسهيل وصول المساعدات الإيرانية عبر المجال الجوي السوري، لتقديم الإسناد العسكري لجيشه، كما طلب منه شخصياً تأمين عملية النقل الجوي للمساعدات الإيرانية، بما في ذلك استخدام قاعدة حميميم الجوية، لكن رد الروس كان مغايراً عن توقعات الأسد.
وتابع صقر أن بوتين أبلغ الأسد بأنه سيتخذ خطوات لتسهيل ذلك الدعم ونقل المعدات الإيرانية، لكن وعوده لم تتُرجم على أرض الواقع، كما أن الإيرانيين أبلغوه بأنهم لم يتلقوا إشارات أو موافقات بسماح تحرك طائراتهم نحو قاعدة حميميم عبر أجواء العراق. كما جرى إيقاف إحدى الطائرات الإيرانية عندما بلغت الأجواء العراقية، وتم تحذيرها من قِبل الأميركيين بالعودة إلى طهران تحت تهديد القصف.
وفي سرديته حول ما جرى حينها، قال إن هذا الواقع أثار تساؤلات عديدة، حيث أشار صقر إلى أن الأسد نفسه كان يعتقد أن بوتين لم يستحصل على الموافقات اللازمة من الأميركيين أو لم يسعَ إليها بالجدية الكافية.
وأكد أن زيارة الأسد انتهت من دون تحقيق نتائج، وعقد فور وصوله دمشق، اجتماعاً مع اللجنة السياسية استعرض فيها بشكل مقتصب نتائج زيارته والتطورات المتعلقة بسقوط حلب. وعلى الرغم من إيضاح الأسد أن بوتين وعد بتأمين غطاء للجانب الإيراني للسماح بوصول المساعدات العسكرية، لكن أجواء الاجتماع كانت متوترة، خصوصاً أن الوضع الداخلي في سوريا كان يعاني من أزمة حادة.

سقوط حلب
وتابع صقر في روايته، خلال سقوط مدينة حلب وتقدم المعارضة، لم يكن الأسد يشعر بالقلق، وربما لم يتصور أن الأمور يمكن أن تتدهور بهذه السرعة، كما أن التقارير الأمنية التي تحدثت عن احتمالية هجوم لم تكن واضحة بما يكفي لاتخاذ قرارات استباقية.
ورجّح أسباب ذلك إلى أن المؤسسة العسكرية لم تكن راغبة في خوض معركة جديدة، وكان جيش النظام المخلوع يرى أن المعركة قد تجاوزته، ولم تعد لها جدوى بعد سنوات من القتال المستمر، وكان "الجيش" غير راغب في الاستمرار في معركة جديدة، وكانت الحرب بالنسبة له قد أصبحت عبئاً ثقيلاً لا فائدة منه. وذلك الشعور بحسب صقر كان امتداداً لحالة عامة من الإرهاق واللاجدوى داخل المؤسسة العسكرية، وهو ما كان له تأثير عميق على تطورات تلك المرحلة.

وضع الحلفاء
وخلال تلك المرحلة، كان الروس قد ابتعدوا عن نسبياً عن المعادلة السورية، لاسيما مع تصاعد الأحداث بشكل دراماتيكي، ولم يقدموا الدعم المتوقع وكانوا منشغلين بأوكرانيا فيما أظهر الإيرانيون تراجعاً واضحاً.
وأكد صقر أن لقاء الأسد مع وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي بعد سقوط حلب، كان بارداً وبدا الوزير غير متحمس، كما أشار ضمنياً إلى أن إيران لن تتدخل عسكرياً لدعم جيش النظام. وأشار صقر إلى أن الأسد عقد لقاء سرياً مع علي لاريجاني، لكن اللقاء لم يكن كما يأمل الأسد، وعكس تراجع أيران عن دعم نظامه، وبدت ملامح خيبات الأمل على وجهه.
وقال إن إيران وحزب الله كانا يشعران بنوع من الخذلان نتيجة تقارب نظام الأسد مع الدول العربية. أما حزب الله فقد تلقى أقسى ضربة عسكرية له منذ تأسيسه خلال حربه مع إسرائيل، مما أثر على موقفه في دعم النظام السوري.
وكان الأسد يعوّل على إمكانية تدخل إيراني أو روسي لإيقاف العمليات العسكرية عند حد معين، لكنه واجه رفضاً واضحاً من الطرفين لبذل جهود حقيقية لتحقيق هذا الهدف.

هروب الأسد
وروى صقر الساعات الأخيرة من وجود الأسد في الحكم، وذلك مع بدء جيشه تسليم مواقعه بما في ذلك الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة. وقال إنه مع حلول مساء يوم السبت، بات سقوط النظام شبه مؤكد. في الساعات الأخيرة، قرر الأسد مغادرة دمشق إلى قاعدة حميميم بتأمين روسي، حيث التقى الملحق العسكري الروسي بالأسد في القصر الرئاسي حوالى منتصف الليل، وتم تأمين الطريق إلى مطار دمشق الدولي.
وصل الأسد إلى قاعدة حميميم حيث قضى ساعات قبل أن يتم تجهيز طائرة لنقله بأمان إلى موسكو، وكان برفقته الأمين العام لرئاسة الجمهورية منصور عزام، وزير الدفاع، رئيس الأركان، وبعض أفراد أسرته، بمن فيهم ابنه حافظ الأسد. بينما لم يكن شقيقه ماهر الأسد أو شخصيات بارزة أخرى ضمن المرافقين.


المدن