نيويورك تايمز- بعد النصر السريع على الأسد.. حكام سوريا يواجهون تحديات إعادة البناء

  • شارك هذا الخبر
Thursday, January 2, 2025

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعدته كارلوتا غال وديفيد غوتنفلدر، قالا فيه إن المعارضة المسلحة أطاحت بنظام الأسد سريعا، لكن التحدي الأكبر أمامها هو إعادة الإعمار.

ففي قاعدة عسكرية للتدريب والاستعراضات بشمال سوريا، كانت هناك أكثر من 50 دبابة وعربة عسكرية مهجورة، سيطر عليها المسلحون المعارضون لنظام بشار الأسد في هجومهم السريع.

وكان المبنى الرئيسي للقاعدة يحمل علامات انفجارين كبيرين، ولكن لم يكن هناك أي علامة على قتال عن قرب. وقال أبو محمد، وهو مقاتل من المعارضة يحرس القاعدة، إن الهجوم انتهى في يوم واحد عندما انسحب الجنود السوريون. وترك جنود الحكومة وراءهم خليطا قذرا من حياة الجيش: الملابس والبطانيات وأقنعة الغاز والخوذ وعلب الصفيح الفارغة. وكانت ظروف المعيشة بدائية، بدون نوافذ أو أبواب، وتم بدلا من ذلك، تثبيت أكياس أو قطع صفيح لسد الفتحات في الأسطح.

وتقدم هذه القاعدة فرصة للحكومة التي نشأت من خلال عملية عسكرية جهز لها بشكل جيد، وتعاونت فيها فصائل مسلحة عدة، والتي فوجئ أفرادها بالنصر السريع. ولكنها أيضا صورة عن التحديات التي تنتظر حيث يتطلع حكام سوريا لإعادة بناء البلد الذي مزقته الحرب الأهلية والجيش المحطم.

وتقول الصحيفة إن القيادة الجديدة للبلاد أعلنت في الفترة الأخيرة عن خطة لتوحيد الفصائل المقاتلة والمتعددة في ظل قيادة واحدة وتحت راية جيش واحد.

وفي مقابلات مع العشرات من المقاتلين، قال العديد منهم إنهم قبلوا بالفعل قيادة واحدة تحت قيادة أحمد الشرع وقوته المسلحة، هيئة تحرير الشام، واستفادوا من توحيد قواتهم. وقال نصر النهار (41 عاما) وهو قائد معارض كبير، إن مجموعته قد سوّت خلافاتها مع هيئة تحرير الشام: “الشيء المهم هو أن نكون معا. نحن نقاتل معا من أجل التحرير”.

ولكن من المرجح أن تستمر المرارة والانقسامات مع القوى التي تظل في المعارضة، وبخاصة الميليشيات الكردية التي تسيطر على جزء كبير من شمال شرق سوريا وتنظيم الدولة الإسلامية المتطرف، الذي يعمل في أجزاء من وسط سوريا وبقايا قوات الأمن التابعة للأسد التي أظهرت علامات المقاومة.

وفي حين تتولى المعارضة أمن البلاد وحدودها، فإنهم ورثوا بنية تحتية عسكرية مدمرة سيكون من الصعب الاستفادة منها أو إعادة بنائها.

ونشرت الصحيفة شهادات مقاتلين قالوا إنهم بدأوا العملية على اعتقاد أنهم سيسطرون على قرية واحدة وانتهوا بالسيطرة على كل سوريا، كما يقول أبو عائشة، أحد مقاتلي هيئة تحرير الشام. وكان المقاتل مع زميله أبو حمزة في متنزه حماة حيث كان يعطي بندقيته لمن يريد التقاط صور وهم يحملونها. ولكن الرجلين قالا إنهك يتدربان ويقاتلان منذ أن كانا في سن الـ15 عاما وسينضمان للجيش الوطني.

وقال أبو عائشة إنهم خاضوا أثناء الهجوم معارك حامية، وقتل فيها قائده ونائبه على تقاطع رئيسي في الأيام الأولى للمعركة، كما قتل آخرون بسبب الغارات الجوية. إلا أن المقاتلين تحدثوا عن مقاومة ضعيفة من القوات التابعة للنظام، أقل من المواجهات السابق. وكذا انخفض مستوى الدعم العسكري الروسي والإيراني أقل مما كان في الماضي. وسقطت حلب في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر بعد ثلاثة أيام من بداية الهجوم. وكان سقوط المدينة التي شهدت أعنف المعارك وأقسى الغارات الجوية الروسية والسورية منذ بداية الإنتفاضة عام 2011، صاعقا على القيادة السورية.

وقال رجل الشرطة عبد، 39 عاما: “أصبح الوضع خطيرا بعد سقوط حلب.. لم تكن هناك قيادة.. كان الصمت واضحا”. ومن حلب، انطلق المقاتلون باتجاه حماة ثم حمص ثم أصبحت العاصمة في مرمى النظر.

وفي الطريق إلى دمشق، لاحظت الصحيفة الدبابات والعربات المصفحة المحطمة أو المهجورة، ولا يظهر أن الجنود تصدوا للمقاتلين القادمين من الشمال. وكانت هناك علامات عن حالة من الفزع، حيث اصطدمت عربة مصفحة لنقل الجنود في زاوية بيت بقرية، وانقلبت دبابة عندما سقطت في خندق.

ومع تقدم قوات المقاتلين، جهز محمود (23 عاما) وشقيقه ممدور (26 عاما) اللذين كانا يخدمان في قاعدتين عسكريتين مختلفتين، خطة للهرب. وفرّ محمود عندما هاجم مقاتلو المعارضة على قاعدته في الجولان جنوبي سوريا. وهرب من خلال الغابة مع ثلاثة جنود آخرين واختبأوا ليلتين في قرية حتى علمو أن نظام الأسد سقط. أما ممدور، فقد سمع في 7 كانون الأول/ ديسمبر، أمرا وصل إلى ضابط بارز عبر اللاسلكي يدعوه للإجلاء عن القاعدة، وغيّر الجنود ملابسهم العسكرية واستبدلوها بالمدنية، وتركوا أسلحتهم وركبوا شاحنة إلى مركز المحافظة. وعند نقطة التفتيش، قام مقاتلو المعارضة بتفتيشهم للبحث عن أسلحة، وقالوا لهم “اذهبوا إلى بيوتكم.. كانوا يعرفون أن الجميع يهربون”، كما قال.

وقال الشقيقان إن الظروف الصعبة والرواتب القليلة والسخط، كلها عوامل لعبت دورا في انهيار الجيش السوري. وقال محمود: “لم يقاتلوا، لم يكن أحد يحب الأسد، لكن أحدا لم يكن قادرا على قول هذا”، وأضاف: “أجبرنا الأسد على الدخول في الجيش”، فقد كان محمود راغبا بمواصلة دراسته، لكنه أُجبر على الخدمة العسكرية وحصل على 10 دولارات في الشهر.

وأُجبر شقيقه على البقاء في الجيش لمدة خمسة أعوام ونصف. وكانا سعيدين بالعودة إلى البيت. أما عنصر الشرطة فقد كان قلقا من الجماعة التي تولت الحكم. إلا أن القائد العسكري نهار كان متفائلا من أن مقاتلي هيئة تحرير الشام يهمهم مستقبل البلد، وقال: “معظمهم من أجل سوريا واحترمهم لهذا”. وعبّر عن أمله بتوصل الإدارة الجديدة إلى اتفاق مع المقاتلين الأكراد.

وبالنسبة للعديد من الناس، فإن الوعود التي قطعت خلال حملة المعارضة العسكرية تعطي أملا بشأن إمكانيات المستقبل، مع أننا ننتظر إذا كانت الحكومة الجديدة ستفي بها.

ومن المهم بالنسبة للقيادة الجديدة، أن حملة المعارضة المسلحة كانت ناجحة لأنها تواصلت مع المجتمعات في الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا، وكانت على اتصال بأشخاص داخل هياكل النظام، كما قال عمار قحف، المدير التنفيذي لمركز عمران للدراسات الاستراتيجية في اسطنبول. وقال إن وعدهم بعدم إيذاء أبناء الأقليات ودعوتهم لأعضاء الأجهزة الأمنية إلقاء أسلحتهم قلل بشكل حاد من مستوى الصراع.

وفي النهاية، قال ضابط الشرطة السوري عبد، إن قبضة الأسد على البلاد كانت قوية بسبب الخوف الذي غرسه نظامه في السكان. وقال: “نكره الأسد ونحب الحياة”.


القدس العربي