رئاسياً، صارت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المحدّدة في التاسع من شهر كانون الثاني المقبل على بعد أسبوعين، وعلى الرغم من ضيق المسافة الزمنية الفاصلة عن تلك الجلسة، لم يبرز حتى الآن أيّ مؤشر حول الوجهة التي ستسلكها الجلسة الانتخابية أكان في اتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، أو في اتجاه الفشل في تحقيق هذا الهدف المنتظر منذ ما يزيد عن سنتين من الشغور في الموقع الرئاسي الأول. كما لم يبرز أيّ مؤشر يوحي بأنّ بناء توافق على عقد الجلسة وانتخاب الرئيس، ممكن في حقل سياسي ما زال مزروعاً بالألغام والإشتراطات.
فترة ميّتة
ووفق ما استخلصته «الجمهورية» من عاملين على خطّ الإتصالات الرئاسيّة، فإنّ الأمور ما زالت في المربّع الأول. وفترة الأربعين يوماً التي منحها رئيس مجلس النواب نبيه بري التي انطلقت مع مبادرته اواخر تشرين الثاني الماضي إلى تحديد جلسة الانتخاب، قد تآكلت، ويبقى التعويل على الاسبوعين المقبلين، المقسمّين بدورهما بين اسبوع يبدأ من اليوم وحتى نهاية كانون الاول، ويُعتبر فترة ميّتة لدخول البلد في عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، وبين أسبوع يبدأ من أوّل السنة الجديدة، الذي يُعدّ أسبوع حكّ الر كاب والحسم. على ما يقول مسؤول كبير لـ»الجمهورية». ويضيف أنّه لا يستبعد أن يكون الاسبوع السابق لجلسة الانتخاب مفتوحاً على احتمالات ومفاجآت».
نقاشات
وإذا كان الرئيس بري ثابتاً على تأكيده بأنّ الجلسة الانتخابية ستُعقد في موعدها في 9 كانون الثاني ولا نية لديه لتأجيلها، وأنّ انتخاب رئيس للجمهورية يشكّل أولوية اساسية، ويحدوه أمل كبير في أن تكون جلسة 9 كانون2 مثمرة بانتخاب الرئيس، فإنّ المشهد الرئاسي الداخلي مزدحم بنقاشات، سواء حول نصاب الجلسة انعقاداً وانتخاباً، او حول شخصية ومواصفات رئيس الجمهورية العتيد.
وإزاء ذلك، تؤكّد مصادر سياسية موثوقة لـ»الجمهورية» أنّ نصاب الجلسة مؤمّن نظرياً، واما على ارض الواقع، فلا يمكن الجزم بذلك، برغم إيحاء أكثرية التوجّهات النيابية والسياسية بأنّها ستشارك في الجلسة. فهذا الأمر، أي الحضور والمشاركة في الجلسة والالتزام بالحفاظ على النصاب، يتأكّد فقط في جلسة 9 كانون الثاني عداً ونقداً. أما في ما خصّ شخص الرئيس فإنّ المفاضلة بين الأسماء المدرجة في نادي المرشّحين للرئاسة الأولى لم تبدأ بصورة جدّية بعد، وإنْ كان من بين هذه الأسماء من تتوفّر فيهم المواصفات الجاذبة للتوافق عليها».
فرص صعبة
وإذا كان الحسم الانتخابي منتظراً في الاسبوع السابق لجلسة الانتخاب، فإنّه لا يحدّد فقط مصير الجلسة والانتخاب، بل مصير الملف الرئاسي برمته، فجلسة 9 كانون الثاني تشكّل فرصة ثمينة لإتمام هذا الاستحقاق توافقياً، وهو ما يؤكّد عليه رئيس المجلس ويدعو إلى الاستفادة من هذه الفرصة. الّا أنّ مرور الجلسة من دون انتخاب رئيس الجمهورية، على ما يقول مرجع مسؤول لـ»الجمهورية» يعني الإمعان المتعمّد في العبث السياسي، واللعب بمصير الرئاسة الأولى وترحيل هذا الملف إلى أجل قد يكون بعيداً جداً، حتى لا نقول اكثر من ذلك، وفي هذا الجو تصبح فرص إعادة التقاط الزمام الرئاسي صعبة إنْ لم تكن منعدمة».
لا ثقة
على أنّ ما تشي به النقاشات الجارية حول الملف الرئاسي، يؤكّد انّ العقدة الماثلة في طريق الاستحقاق الرئاسي لا تتجلّى في الاسماء المدرجة في نادي المرشحين، بل في أنّ لكلّ طرف اسماً يتبنّاه ويريده رئيساً. وحول هذا الأمر توجّهت «الجمهورية» بسؤال إلى مسؤول كبير فقال: «انّ الحل الأمثل في هذه الحالة هو أن تنزل الاطراف إلى مجلس النواب مع سلة ترشيحات، وتترك اللعبة الديموقراطية والبرلمانية تأخذ مجراها، وانتخاب من ينال أكثرية الفوز. ولكن المشكلة تكمن في أمرين، الاول، هو أنّ الثقة معدومة بين الأطراف، والثاني هو انعدام منطق التراجع والتنازل، حيث أنّ كل طرف يريد للمرشح الذي يدعمه أن يفوز، ويعتبر فوز مرشح غير المرشح الذي يدعمه ويتبناه، انتصاراً وغلبة للطرف الآخر».