كشف العلماء السبب الرئيسي لعسر القراءة وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على تقلص أجزاء من الدماغ.
ويعد هذا الاضطراب التعليمي سببا في ارتكاب المصابين أخطاء متكررة في التهجئة وقراءة الكلمات بشكل خاطئ، ويعرف بأنه ينتقل عبر العائلات.
وفي دراسة حديثة من هولندا، حدد العلماء الطفرات الجينية الدقيقة التي قد تكون مسؤولة عن هذه المشكلة، بالإضافة إلى التأثيرات المحددة على بنية الدماغ.
ووفقا لباحث الأعصاب سورينا سهيلي-نثراد، فإن عسر القراءة يتأثر جزئيا بالعوامل الوراثية ويمكن أن يكون موروثا. ومع ذلك، يوضح الباحثون أن عسر القراءة هو سمة معقدة لا يمكن تفسيرها بتغيرات في منطقة دماغية واحدة أو جين واحد.
واستخدم الباحثون في الدراسة، التي نُشرت في مجلة Science Advances، بيانات من أكثر من مليون شخص تم جمعها بواسطة شركة 23andMe الخاصة باختبارات الحمض النووي المنزلية.
وأظهرت هذه البيانات الطفرات الجينية التي تزيد من احتمالية إصابة الشخص بعسر القراءة.
كما قام الباحثون باستخدام معلومات مستخلصة من البنك الحيوي في المملكة المتحدة، والذي يحتوي على بيانات صحية من 30 ألف شخص، بما في ذلك التصوير الطبي والطفرات الجينية، للبحث عن أوجه التشابه في مسح الدماغ للأشخاص الذين لديهم الطفرات الجينية المعروفة.
ووجد العلماء أن الأشخاص الذين يحملون هذه الطفرات الجينية لديهم حجم دماغ أقل في المناطق المسؤولة عن تنسيق الحركة ومعالجة الأصوات اللغوية.
كما لاحظوا زيادة حجم الدماغ في المنطقة المسؤولة عن الرؤية، بالإضافة إلى انخفاض كمية المادة البيضاء في الدماغ (الأنسجة العميقة التي تحتوي على الألياف العصبية.)، وهو ما ارتبط بعسر القراءة.
وقال الباحث في علم الجينوم، كلايد فرانكس، إن بعض هذه التغيرات قد تتعلق بتطور الدماغ خلال المراحل المبكرة من الحياة، هلى سبيل المثال في الجنين أو في أثناء مرحلة الطفولة المبكرة، والتي تستمر طوال العمر.
وأضاف: "قد تعكس التغييرات الأخرى استجابات الدماغ لعقود من السلوك المتغير لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي أعلى لمرض عسر القراءة".
وعلى الرغم من أن الدراسة استخدمت بيانات من البالغين، فإن الباحثين يرون أن الأبحاث المستقبلية يجب أن تركز على بيانات من الأطفال لتتبع التغيرات الدماغية في مراحل التطور المرتبطة بعسر القراءة.
وأكد الباحثون أن فهم الأساس العصبي لعسر القراءة قد يساعد في تحقيق التشخيص المبكر والتدخلات التعليمية المستهدفة التي تناسب الاحتياجات الفردية للأطفال.
وأوضحت الدراسة أن الذكاء ليس متأثرا بعسر القراءة، ولكن الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب قد يواجهون صعوبة في المدرسة إلا إذا حصلوا على دعم إضافي.
ويشار إلى أنه من الصعب تشخيص عسر القراءة في وقت مبكر لأن بعض علامات هذه الحالة، مثل ارتكاب أخطاء إملائية أو صعوبات في تهجئة الكلمات، تحدث بشكل طبيعي عندما يتعلم الأطفال القراءة والكتابة.
ولا يتم اكتشاف معظم الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم إلا في المدرسة الابتدائية، ولكن بعض الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة لا يتم اكتشافهم حتى مرحلة البلوغ.