ذا تلغراف- ما علاقة طرطوس السورية بالحرب الأوكرانية؟
شارك هذا الخبر
Thursday, December 5, 2024
رأى الكاتب في الشؤون العسكرية ديفيد آكس أنه بعد السيطرة السريعة لهيئة تحرير الشام، وحلفائها من الفصائل الإرهابية المسلحة، المدعومة من تركيا، على مدينة حلب، حيث استغلوا ضعف الجيش السوري، وانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، يمكن أن تصبح مدينة حماة هي التالية.
كتب آكس في صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية أنه إذا تمكنت هيئة تحرير الشام من الاستيلاء على حماة، فقد تبدأ بالضغط على النتوء الذي يسيطر عليه الرئيس السوري بشار الأسد بين خط المواجهة وساحل البحر المتوسط، على بعد أربعين ميلاً (64 كيلومتراً) إلى الغرب. ويحتوي النتوء على كامل ساحل سوريا، والقاعدة الوحيدة للبحرية الروسية على البحر الأبيض المتوسط، في مدينة طرطوس الساحلية. ورطة يعلم الروس أن طرطوس في ورطة. في الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، كشفت صور الأقمار الاصطناعية التجارية أن كل سفينة حربية روسية رئيسية معروفة بعملها من طرطوس ــ وهي 3 فرقاطات صواريخ، وغواصة هجومية عاملة على الديزل والكهرباء، وسفينتا دعم خفيفتا التسليح ــ قد انفصلت عن أرصفة الميناء الثلاثة الكبيرة وأبحرت في المتوسط.
من المحتمل أن تكلف الحرب في أوكرانيا البحرية الروسية محيطاً كاملاً وكثيراً من النفوذ. فقد حافظ الاتحاد السوفييتي، وروسيا في وقت لاحق، على وجود في طرطوس منذ سبعينات القرن العشرين، لكن هذا الوجود كان رمزياً في الغالب خلال العقدين بين سقوط الاتحاد السوفيتي سنة 1991 وبداية الحرب الأهلية السورية سنة 2011.
تحول غيرت الحرب الأهلية كل شيء. مستشعراً الفرصة، عزز الكرملين الدعم لحكومة الأسد المحاصرة فأرسل في البداية حمولات من الذخائر إلى طرطوس. وفي 2015، وصلت القوات الروسية وساعدت الجيش السوري في القتال. واستقر خط المواجهة سنة 2018 تقريباً، مما ترك هيئة تحرير الشام محاصرة في الشمال حول إدلب. وتمسكت القوات التركية والكردية المدعومة ن الولايات المتحدة بمساحات شاسعة من شمال وشرق وجنوب سوريا.
أضاف الكاتب أن الكرملين حصد مكافأته لإنقاذ الأسد. سنة 2017، وقعت روسيا عقداً مدته 49 عاماً يمنحها وصولاً أوسع إلى طرطوس. عندما عززت البحرية الروسية أسطولها في البحر الأسود قبل هجوم فبراير (شباط) 2022 على أوكرانيا، انطلقت السفن من طرطوس. والآن بعد أن أغلقت تركيا مضيق البوسفور أمام السفن الحربية الأجنبية وقطعت البحر الأسود، أصبحت طرطوس القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا للعمليات في البحر المتوسط.
طريقة وحيدة ربما لم تكن هذه مشكلة قبل عقدين من الزمن، عندما كانت البحرية الروسية لا تزال تدير الكثير من السفن الحربية الكبيرة ذات الطراز السوفيتي مع الموثوقية والقدرة على التحمل للرحلات الطويلة في المحيط. اليوم، أصيبت غالبية هذه السفن بالصدأ ولا تستطيع صناعة السفن الروسية التي خنقتها العقوبات استبدالها. وأصبح الأسطول الروسي على نحو متزايد أسطولاً ساحلياً يعتمد على قواعد ساحلية قريبة لتزويده بالوقود والتغذية والتسليح. كل ما يعنيه هذا هو أن خسارة طرطوس ستكون كارثية بالنسبة إلى نشر القوة الروسية في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا. من الناحية الواقعية، إن الطريقة الوحيدة أمام الكرملين لاستبدال البنية التحتية الساحلية الحيوية في طرطوس هي استعادة الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط عبر مضيق البوسفور. خيار غير سعيد لكن لا يوجد أي احتمال تقريباً لحدوث ذلك بينما يستمر استعار الحرب في أوكرانيا. وقد يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قريباً خياراً غير سعيد: مواصلة القتال في أوكرانيا لكن مع فقدان النفوذ في منطقة البحر الأبيض المتوسط؛ أو المطالبة بالسلام في أوكرانيا وفتح إمكانية الوصول من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط. ولفت الكاتب إلى أنه من الممكن دوماً أن تفقد هجمات هيئة تحرير الشام زخمها، وأن يتمسك الجيش العربي السوري بالنتوء الساحلي. وفي هذه الحالة، يجب أن تكون طرطوس آمنة – في الوقت الحالي. لكن الظروف التي عرضت القاعدة الروسية للخطر ستستمر. لقد صمد الأسد لأنه كان يتمتع بدعم روسي قوي. لكن 33 شهراً من القتال الدامي في أوكرانيا جعلت روسيا ضعيفة ــ وقبضتها على معاقلها الأبعد أصبحت أضعف، وحتى لو تمكن الأسد من السيطرة على طرطوس، وإبقاء شريان حياته مفتوحاً إلى داعميه الروس، فإن الدعم المتاح كي يرسله بوتين أصبح أقل بشكل كبير.