نواب يطعنون... خلافات قضائيّة بشأن التهرب من قرار التمديد للقضاة
شارك هذا الخبر
Wednesday, December 4, 2024
اتضح أخيرًا، أن بعض البنود الّتي تمّ إقرارها خلال جلسة مجلس النواب التشريعيّة الأخيرة، يوم الخميس 28 تشرين الثاني الماضي، قد مُرّرت على الصيغة اللّبنانيّة الشبيهة بـ "التهريبة"، حيث انتهت بالتمديد لأعضاء مجلس القضاء الأعلى، والتمديد للمدعي العام الماليّ، علي إبراهيم. وأشعلت جلسة مجلس النواب الأخيرة، سخط السلطة القضائيّة، التي رأت بالتمديد لأعضاء مجلس القضاء الأعلى، مخالفةً للقوانين وتدخل فاضح بالسلطة القضائية.
"تهريبة" للقرارات؟
انتهت جلسة مجلس النواب التشريعيّة بتعديل المادة 2 من المرسوم الاشتراعي تاريخ 16\9\1983، وتعديلاته من قانون القضاء العدلي، ومُدد ستة أشهر لعدد من القضاة بعد بلوغهم السن القانونيّة للتقاعد، ومُدّد لأعضاء مجلس القضاء الأعلى المنتهية ولايتهم منذ الرابع عشر من تشرين الأول الماضي (أي بعد مرور أكثر من شهر ونصف الشهر على انتهاء ولايتهم)، وعدلت الفقرة الأولى من المادة الثانية التي أجازت للنائب العام لمحكمة التمييز أن يكون عضوًا حكميًا ونائبًا لرئيس مجلس القضاء الأعلى.
أما المفارقة، فإن التمديد، لم يشمل سوى قاضٍ واحد، وهو المدعي العامّ الماليّ علي إبراهيم فقط من دون غيره الذين أساسًا لم يصلوا بعد إلى سنّ التقاعد القانونيّ.
أتاحت الجلسة بعودة أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وعددهم 6، وأضيف عضو جديد هو القاضي جمال الحجار. توضح مصادر قضائية لـ"المدن" أن قرار التمديد لأعضاء مجلس القضاء الأعلى ليس قرارًا فُجائيًا، وخلال الأسابيع الماضية جهز وزير العدل، القاضي هنري الخوري قرارًا يقضي بالسماح لقضاة النبطية بعقد جلساتهم في صيدا، بسبب العدوان الإسرائيليّ، وحوّله للقاضي سهيل عبود (رئيس مجلس القضاء الأعلى) للتوقيع عليه قبل تحويله لمجلس الوزراء، فوقّع عبود على القرار منفردًا لكون أعضاء مجلس القضاء الأعلى قد انتهت ولايتهم. فلم تبت الحكومة بهذا الطلب. لذلك، مدّد مجلس النواب لأعضاء المجلس لتأمين حسن سير هذا المرفق.
استنكار التدخل "الفاضح"
واعتبر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود أن السلطة السياسية تدخلت في السلطة القضائية. وعلّق على قرار التمديد: "تم انتهاك مبدأ الفصل بين السلطات والتعاون والتوازن في ما بينهما. ومبدأ استقلالية السلطة القضائية وذلك على خلفية إقرار القانون الصادر عن مجلس النواب.."، مؤكدًا ضرورة "احترام مبدأ استقلالية السلطة القضائية، ووجوب تمتع القوانين بصفة العمومية والتجريد وابعادها عن الطابع الشخصي. واعتبر عبود أن تعديل بعض المواد القانونية حرصًا من المشرع على حسن سير العدالة هو في غير مكانه الصحيح، معتبرًا أن تعطيل مجلس القضاء الأعلى قد بدأ حتى قبل انتهاء ولاية أعضائه، وذلك نتيجة امتناع السلطات المختصة عن إجراء وصولًا إلى تعطيل اجتماعاته عبر التدخلات الحاصلة في عمله، ما يجعل من القانون الجديد تمديدًا للتعطيل في حال استمرار الأمر على ما هو عليه.
واستنكر نادي قضاة لبنان هذا التجاوز واصفًا قرار التمديد بـ"مهزلة المهازل وقمة الانهيار". وجاء في بيان النادي "مهزلة المهازل وقمة الانهيار، قانون يعيد تفعيل عمل مجلس قضاء أعلى غير فاعل، ومنتهية ولايته هو بمثابة تعيين! وقانون "غب الطلب"، يُصدر على قياس قاضٍ هو المدعي العام المالي من خلال تمديد سن تقاعده، قانون هو بمثابة تشريع فردي خاص له، قانون عارٍ عن الشرعية وغير مقبول. وتابع: "قانون يخالف المبادئ الدستورية والقانونيّة". ويجسد انهيار الدولة الديمقراطية بانهيار أحد ركائزها أي السلطة القضائيّة.
الطعن بالقانون
وخطورة هذا القرار أنه بحسب بعض النواب جرى تمريره خلسةً، ولم يحصل على موافقة جميع النواب. وفي حديث خاص لـ"المدن" مع النائب بولا يعقوبيان أكدت أنها في صدد تجهيز طعن لتقديمه، معترضًة على تمرير وتهريب هذا القرار المخالف للقوانين. وأفادت أنه خلال جلسة مجلس النواب لم نتمكن من التصويت على هذه التعديلات، وتحديدًا بما يتعلق بالتمديد لأعضاء مجلس القضاء الأعلى والتمديد للقاضي علي إبراهيم، وطلبنا مرارًا من رئيس مجلس النواب، نبيه بري توزيع الأوراق لنتمكن من التصويت وهذا ما لم يحصل خلال الجلسة. واصفةً ما حدث أنه محاولة لتمرير البنود خلال جلسة مجلس النواب لأن الفقرة التي طالها التعديل لم تصل إلينا ولم نطلع على مضمونها، كما أن هناك العديد من النواب الذين اعترضوا على آلية تمرير البنود خلال الجلسة، وبناءً عليه تجهز يعقوبيان طعنٍ قانونيّ بهذا الخصوص، بالتعاون مع مجموعة من النواب وهم: "فراس حمدان، إبراهيم منيمنة، ملحم خلف، نجاة صليبا، ياسين ياسين".
في المقابل، علّقت مصادر قضائية لـ"المدن" أن التعديلات التي طرأت على القوانين تهدف لحسن سير العدالة، فمع انتهاء ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى، باتت القرارات تصدر باسم عبود منفردًا، وانتدب قضاة للمجلس العدلي منفردًا أيضًا. وتابع المصدر: "أن هذا الإجراء من شأنه تيسير المرفق العام وإن كان فيه بعض الثغرات القانونية لكون ولاية الأعضاء انتهت قبل شهر ونصف الشهر، لافتًا إلى أنه ليس سابقة فهناك نصوص مماثلة وضعت للمجلس الدستوري".
تصاعد الصراع القضائيّ
للتذكير، أنه وخلال فترة ولايتهم، غرد بعض الأعضاء خارج السرب. وتصاعد الصراع القضائي بين الأعضاء والرئيس في قضية تفجير المرفأ أكثر من مرة. وانفجرت الخلافات القضائية بينهم بعد أن حاولوا الإطاحة بالمحقق العدلي لقضية المرفأ، طارق البيطار، واتجهوا إلى تعيين قاضٍ رديف للبيطار، إضافةً إلى إصدارهم بيانات متضاربة مع بيانات القاضي سهيل عبود، ما أدى مرارًا إلى تعطيل دور مجلس القضاء الأعلى وعدم قدرة المجلس على عقد الاجتماع بسبب فقدان النصاب.