بوليتيكو- هذه حيلة زيلينسكي في إعلانه قبول التفاوض
شارك هذا الخبر
Sunday, December 1, 2024
شعرت كييف المتوترة بطمأنينة إلى حد ما بعدما عين الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الجنرال الأمريكي المتقاعد والمستشار الأسبق لشؤون الأمن القومي كيث كيلوغ موفداً خاصاً إلى أوكرانيا، وروسيا.
وقال الكاتب في "بوليتيكو" جايمي ديتمر إن المسؤولين الأوكرانيين على دراية بكيلوغ، وهو من دعاة السلام بالقوة، وقال علناً إن على أي اتفاق لإنهاء حرب الاستنزاف، أن يتضمن ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا لضمان سلام دائم، ومنع غزو روسي آخر. وكيلوغ ليس من أنصار الاستسلام والسماح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالحصول على كل ما يريد. كلام واضح قال كيلوغ لرويترز في يونيو (حزيران): "نقول للأوكرانيين، عليكم أن تأتوا إلى الطاولة، وإذا لم تأتوا إلى الطاولة، فسينضب دعم الولايات المتحدة". ثم أضاف "وتقولون لبوتين، إن عليه أن يأتي إلى الطاولة وإذا لم تأتوا إلى الطاولة، فسنعطي الأوكرانيين كل ما يحتاجون إليه لقتلكم في الميدان‘". وعلى عكس آخرين في دائرة ترامب، رحب كيلوغ بقرار الرئيس جو بايدن الموافقة على استخدام أوكرانيا للصواريخ الأمريكية بعيدة المدى لضرب أهداف داخل روسيا، قائلاً إن ذلك أعطى ترامب "مزيداً من النفوذ" وأضاف أن "ذلك يمنح الرئيس ترامب المزيد من القدرة على الابتعاد عن ذلك".
يمكن مقارنة ذلك بصيحات احتجاج دونالد ترامب الابن، ومايك والتز، على خيار الرئيس المنتخب لمنصب مستشار الأمن القومي، وريتشارد غرينيل الذي كان مديراً بالإنابة للاستخبارات الوطنية في ولاية ترامب الأولى. باختصار، إن كيلوغ شخص يمكن للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ودائرته العمل معه، والرئيس الأوكراني يتكيف ببراعة مع السياسة المتغيرة في واشنطن، والديناميات السياسية المتغيرة في أوروبا، بإظهار الاستعداد للجلوس إلى طاولة المفاوضات. وهذا شيء حثه مستشاروه الأمريكيون عليه، فيترك بذلك الأمر لبوتين ليكون السيد لا، مجازفاً بغضب ترامب.
مناورة دبلوماسية ذكية هذا هو بالضبط ما كان زيلينسكي يفعله يوم الجمعة في مقابلة مع قناة سكاي نيوز البريطانية. لقد كان درساً متقدماً في المناورة الدبلوماسية الذكية، مع الاقتراح المثير حول كيفية إنهاء "المرحلة الساخنة من الحرب" بقبول أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، ولكن مع وضع مظلة الحلف فقط على 80% من البلاد التي لا تزال تحت سيطرة كييف. واقترح أن من شأن ذلك أن يترك أوكرانيا حرة لاحقاً لحل ما يحدث للجزء المحتل من البلاد دبلوماسياً.
وبموجب هذه الصيغة، ستحتفظ روسيا بالسيطرة الفعلية على دونباس، وشبه جزيرة القرم، لكن دون اعتراف كييف بضمهما أو التنازل رسمياً عنهما، الأمر الذي يتطلب تغييراً في دستور أوكرانيا. وهي الخطوة التي ستثير بلا شك غضب الجنود في الخطوط الأمامية، وعدد كبير من الأوكرانيين. وقال أحد مستشاريه الأمريكيين أخيراً لبوليتيكو إنه يشك في أن يتمكن زيلينسكي من النجاة سياسياً إذا شطب نحو ربع البلاد. إن مقابلة سكاي نيوز هي أبعد ما ذهب إليه زيلينسكي في الإشارة إلى أن كييف قد تكون مستعدة للتخلي عن أرض، مؤقتاً أو بشكل دائم. في مقابلة مع لوموند في الصيف الماضي، جازف بالقول إن الأراضي المحتلة يمكن أن تنضم إلى روسيا إذا صوتت على ذلك في استفتاء حر ونزيه، لكن بعد أن تعود المناطق إلى أيدي الأوكرانيين اإجراء مثل هذا التصويت، كما قال.
ماذا عن ناتو؟ إن احتمال تأييد ترامب عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي ناتو، أقل حتى من احتمال قبول بايدن المتردد. فقد تكون هناك قضايا قانونية حول كيفية رفض تطبيق تعهد الدفاع الجماعي للحلف على الأجزاء المحتلة من أوكرانيا. وقد أوضح بوتين وكبار مساعديه مراراً وتكراراً أنهم لن يوافقوا أبداً على انضمام أوكرانيا إلى ناتو. مع ذلك، يمكن القول إن هذا لم يكن الهدف الحقيقي لما كان زيلينسكي يفعله يوم الجمعة. بدا التمرين قاصداً أكثر إظهار الاستعداد للنظر في خيارات مختلفة، حيث أوضح الرئيس الأوكراني أنه يريد العمل بشكل فردي مع ترامب. وقال زيلينسكي: "أريد أن أشاركه الأفكار، وأريد أن أسمع منه". الحيلة في حديثه لبوليتكو، يقول وزير الخارجية الأوكراني السابق دميتري كوليبا إن كييف تعلم قبل كل شيء أنها ستضطر إلى إعادة ضبط سياستها، والحرص على تجنب إغضاب ترامب، ومن هنا جاء تأكيد زيلينسكي لأهمية استكشاف الحلول الدبلوماسية. ويتوقع الوزير السابق أن يبدأ ترامب التحرك بسرعة لمحاولة وقف الحرب، لكنه يحذر أن "لا زيلينسكي ولا بوتين مهتمان بحل سريع لأنهما يعتقدان أن ذلك سيتحقق على حسابهما". وأضاف كوليبا "يعتقد بوتين اعتقاداً راسخاً أنه قريب من الحصول على كل شيء. فلماذا يوافق على أي شيء؟ المشكلة الثانية هي أنه إذا استمعت بعناية إلى بوتين، فهو يقول إنه مستعد لوقف إطلاق النار، ولكن ليس وقف إطلاق النار الذي سيستخدم لتسليح أوكرانيا. ولن تكون مطالبه مجرد تنازلات إقليمية وغياب عضوية ناتو، بل أيضاً غياب جيش أوكراني بشكل أساسي. وهذا من شأنه أن يقوض فكرة الضمانات الأمنية بأكملها". الحيلة عند زيلينسكي في تعاملاته مع ترامب هي التأكد أن بوتين هو الذي سيتحمل اللوم على أي مبادرة سلام فاشلة.