نيويورك تايمز- الحرب التجارية.. كيف ستؤثر على اقتصاد الصين وأميركا؟
شارك هذا الخبر
Wednesday, November 13, 2024
قبل ثمانية أعوام، عندما وعد دونالد ترامب المنتخب حديثاً باستخدام الصلاحيات التي يمنحه إياها البيت الأبيض لإطلاق حرب تجارية ضد الصين، كانت الصين تُعتبر بمثابة المصنع الذي لا غنى عنه للعالم، بالإضافة إلى كونها سوقاً سريعة النمو للسلع والخدمات.
وبينما يستعد ترامب لولايته الثانية، تعهد بتكثيف الإجراءات العدائية التجارية حيال الصين، من خلال فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 60% أو أكثر على جميع الواردات الصينية، وهو يضغط على بلد يضم خليطاً من عوامل متداخلة بما فيها: النهاية المأسوية للإسراف في الاستثمار العقاري، وخسائر لا تحصى في النظام المصرفي، وأزمة ديون الحكومات المحلية، ونمو اقتصادي ضعيف، وانخفاض مزمن في الأسعار، مما ينذر بركود طويل الأمد.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن تراجع الثروات في الداخل، جعل الشركات الصينية تركز خصوصاً على المبيعات في الخارج، وهذا يجعل البلاد عرضة لأي تهديد لنمو صادراتها، وهو ضعف من شأنه أن يعزز الضغوط المتوقعة من إدارة ترامب التي تخطط للبحث عن صفقة من شأنها زيادة المشتريات الصينية من البضائع الأمريكية.
وقال أستاذ السياسة التجارية في جامعة كورنيل إسوار براساد والذي كان في السابق رئيس قسم الصين في صندوق النقد الدولي: "لقد تحول ميزان القوى لمصلحة الولايات المتحدة بالتأكيد.. إن الاقتصاد الصيني ليس في وضع جيد تماماً، وهو يكافح منذ فترة".
ومع ذلك، فإن العوامل المعقدة الكامنة وراء هذا التقييم، قد تعزز من قدرة الصين على تحمل أي تدابير تتخذها إدارة ترامب المقبلة، فالحكومة الصينية تمتلك موارد هائلة لدعم الاقتصاد المحلي.
والصين هي الآن أقل اعتماداً على الوصول إلى الأسواق الأمريكية مما كانت عليه عندما زاد ترامب التعريفات الجمركية.
علماً أن موجة رسوم الاستيراد الأمريكية التي فرضتها إدارة ترامب، والتي بدأت عام 2018 واستمرت في عهد إدارة جو بايدن، شملت نحو 400 مليار دولار من البضائع الصينية. مما دفع المصانع الصينية لتركيز جهودها على جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية بحثاً عن العملاء.
وعلى مدى السنوات الست الماضية، انخفضت حصة الصين من الواردات الأمريكية من 20% إلى 13%، وفقاً لشركة تي إس لومبارد، وهي شركة أبحاث استثمارية في لندن، وعلى رغم أن بعض هذا التحول يعكس البضائع التي ينتهي بها الأمر في الولايات المتحدة، بعد مرورها عبر دول مثل المكسيك وفيتنام لتجنب الرسوم الجمركية الأمريكية.
ومع إضافة أوروبا مؤخراً تعريفاتها الجمركية على السيارات الكهربائية صينية الصنع، سارعت بكين إلى توسيع مبيعاتها في مناطق أخرى.
ووفقاً للزميل الباحث الأول في تشاتام هاوس بلندن جي يو فإن "بكين تستخدم الجنوب العالمي لتعويض خسارة حصتها في السوق لمصلحة الغرب".
وقد يختار ترامب التخفيف من تهديداته بفرض الرسوم الجمركية، مستنتجاً أن الاقتصاد الأمريكي سيتعرض للخطر بسببها.
ويحذر اقتصاديون من أن فرض ضرائب واسعة النطاق على الواردات، من شأنه أن يزيد أسعار المستهلكين، ويعوق المصنعين المحليين الذين يعتمدون على المكونات المستوردة.
ومع ذلك، إذا مضى ترامب في خطواته، فسيؤدي ذلك إلى معاناة الصناعة الصينية. وستنخفض الصادرات بنسبة 8% خلال العام التالي، بينما سينخفض النمو الاقتصادي السنوي للصين 2%، بحسب تقديرات لاري هو، كبير الاقتصاديين الصينيين في مجموعة ماكواري، وهي شركة خدمات مالية أسترالية.
وإذا سعى ترامب إلى حظر استيراد السلع التي تنتجها الشركات الصينية في دول أخرى مثل المكسيك، فإن الضرر سيكون أكبر.
ومما يؤكد تعرض الصين المتزايد لاضطراب تجاري، هو حقيقة أن البلاد تشكل الآن 17% من الصادرات العالمية، مقارنة بـ 12% خلال فترة ولاية ترامب الأولى، وفقاً لشركة تي إس لومبارد.
وستشكل الموجة التالية من الرسوم الجمركية التي يقترحها ترامب تحدياً، ومع ذلك، فإن من شأنها أن تعزز أيضاً فكرة اكتسبت رواجاً في بكين: وهي أن الصين لم تعد قادرة على الاعتماد على الأسواق الخارجية لتوفير المكونات والتقنيات الضرورية.