ترامب يعد بوقف الحرب ودعم السلام في الشرق الأوسط: تغيير جذري أم وعود انتخابية؟"- بقلم المحامية جويس مارون
شارك هذا الخبر
Thursday, November 7, 2024
مع إعلان فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وتأكيده في خطابه الانتخابي على نيته العمل لوقف الحرب ضد لبنان ودعم السلام في الشرق الأوسط، يتساءل العديد من المراقبين عن مدى جدية هذه الوعود، وما إذا كانت تشير إلى تحول حقيقي في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، التي تعاني منذ عقود من النزاعات والتوترات المستمرة.
أولوية الوضع الداخلي: هل تؤجل أزمات أمريكا الالتفات إلى الشرق الأوسط؟
رغم الطموح الكبير الذي أبداه ترامب في التصريحات المتعلقة بالسلام، قد تكون الأزمات الداخلية في الولايات المتحدة عائقاً أمام تنفيذ هذا الوعد على المدى القصير. فمع الاقتصاد الأمريكي الذي يواجه ضغوطاً ناتجة عن التضخم، وازدياد المخاوف من ركود اقتصادي، إضافة إلى التحديات الصحية والتعليمية، قد تركز الإدارة الجديدة في المرحلة الأولى على ترتيب الأوضاع الداخلية. ومن المتوقع أن يكون توجه أمريكا نحو الشرق الأوسط متوقفاً على قدرة الإدارة على تحقيق الاستقرار الداخلي، مما يعني أن الالتفات الفعلي للمنطقة قد يتأخر حتى تتمكن الإدارة من تحقيق استقرار داخلي نسبي.
العلاقة الثلاثية: أمريكا، إسرائيل، وإيران وتأثيرها على غزة
إذا مضت الإدارة الجديدة في مسار السعي للسلام، فسيكون الصراع في غزة من المحاور المعقدة التي تتأثر بالعلاقة المتوترة بين أمريكا وإيران وإسرائيل. فغزة ليست مجرد ملف فلسطيني؛ بل ترتبط بشكل كبير بالتوازنات الإقليمية، خاصة في ظل الدعم الإيراني لبعض الفصائل الفلسطينية. فإذا حاول ترامب فتح قنوات للحوار مع إيران، فقد يؤدي ذلك إلى تهدئة نسبية، يمكن أن تنعكس إيجاباً على الأوضاع الإنسانية في غزة، حيث قد تضغط الإدارة الأمريكية على إسرائيل لتخفيف الحصار وتحسين الأوضاع المعيشية.
لكن في حال تصاعدت حدة التوتر بين أمريكا وإيران، فإن العواقب قد تكون معاكسة تماماً، حيث قد تتشدد إسرائيل في غزة لقطع أي تأثير إيراني متزايد. ومن هذا المنطلق، يبقى التوتر بين هذه القوى الثلاث محورياً في أي حل مستقبلي لغزة، إذ يمكن للتهدئة أو التصعيد بين أمريكا وإيران أن ينعكس مباشرة على مدى استقرار القطاع وعلى الوضع الأمني الإسرائيلي.
التأثيرات المحتملة على الساحة اللبنانية
أما لبنان، الذي يشهد انقسامات سياسية حادة وأزمات اقتصادية طاحنة، فقد يجد نفسه في قلب هذا الصراع الإقليمي مجدداً. وإذا كانت هناك نية حقيقية لدى الإدارة الأمريكية الجديدة لدعم السلام، فقد يعني ذلك تقليصاً للدعم الأمريكي لأي تصعيد إسرائيلي ضد لبنان. ومن جهة أخرى، قد يخف الضغط الدولي على لبنان فيما يخص موقفه من حزب الله، ما يتيح للبلاد فرصة أكبر للتركيز على حل مشكلاته الاقتصادية وتجاوز الانقسامات الداخلية، ولو مؤقتاً.
الوعد الأمريكي بالسلام: اختبار للسياسة الأمريكية الجديدة
في نهاية المطاف، فإن الوعد الأمريكي بدعم السلام في الشرق الأوسط يواجه تحديات واقعية على الأرض. التوازنات السياسية المعقدة، إلى جانب العلاقات المتشابكة بين القوى الإقليمية، تجعل تحقيق السلام في المنطقة رهناً بخطوات جادة ومتكاملة من الإدارة الأمريكية تجاه هذه الملفات. ورغم الآمال المعقودة على هذه الوعود، يبقى السؤال الأهم هو: هل تستطيع الإدارة الأمريكية تحويل هذه الوعود إلى سياسات ملموسة، أم أن هذه التصريحات ستظل مجرد شعارات انتخابية؟
خاتمة
وسط هذه التحديات، تترقب شعوب المنطقة مستقبل السياسة الأمريكية، متأملين في تحول نحو الاستقرار. وإذا تمكنت الإدارة الجديدة من الالتزام بتوجه سلمي حقيقي، فقد نشهد تغييرات ملحوظة في خريطة النزاعات، من لبنان إلى غزة. ولكن هذا التحول يتطلب أن تتجاوز الإدارة الأمريكية ضغوط الداخل أولاً، لتكرس جهدها نحو خلق شرق أوسط أكثر استقراراً وأمناً للجميع. بقلم رئيسة اتحاد الشباب العربي في لبنان المحامية جويس مارون