الانتخابات الأميركية: آلية معقدة تنتظر حسم النتائج

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 4, 2024

لم تتوقف وسائل إعلام أجنبية وعربية عن عرض سيناريوهات فوز أحد المرشحين في الانتخابات الاميركية، وتداعياتها، ويضيع المشاهدون في لغط معلوماتي حول النظام الأميركي الانتخابي المعقّد، مما يستدعي تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة والإحاطة بالمعلومات العامة حول نظام الانتخابات، وآلية الاقتراع في أكثر الدول تأثيراً في العالم.

ولا تقتصرالانتخابات الأميركية على الرئاسة فحسب، بل تجري المنافسة أيضاً على المقاعد في الكونغرس الأميركي، وهو المؤلف من مجلس النواب الذي سيتم تجديد مقاعده الـ435، ومجلس الشيوخ الذي تطرح 34 من مقاعده المئة في الانتخابات.

وخلافاً لما يعتقده كثيرون، لا ينتخب الأميركيون رئيسهم بشكل مباشر، بل يتم حسم الانتخابات عن طريق "المجمع الانتخابي" بمندوبيه الـ538. وهذا العدد، يوازي عدد الأعضاء في مجلسَي النواب والشيوخ الذين يمثلون الولايات الاميركية، علاوة على ثلاثة أعضاء من مقاطعة كولومبيا حيث العاصمة واشنطن.

الانتخاب الشعبي والمجمع الانتخابي
خلال الاقتراع، لا يتوجه الأميركيون لاختيار رئيس بلادهم، بل للتصويت لـ538 عضواً في المجمع الانتخابي، بالإضافة إلى أعضاء عددِ من المجالس المحلية تبعاً للولاية والمقاطعة والمدينة والمنطقة الانتخابية. ويقوم أعضاء المجمّع بعدها أيضاً بانتخاب رئيس، ليكون الأميركيون بذلك قد انتخبوا رئيسهم بطريقة غير مباشرة.

وينتخب رئيس للولايات المتحدة الأميركية كل أربع سنوات، وتشترط الرئاسة ترشّح من لا يقل عمره عن 35 عاماً، ويكون مقيماً في الولايات المتحدة الأميركية لمدة لا تقل عن 14 عاماً. بينما يتم اختيار أعضاء مجلس النواب مرة كل سنتين، وأعضاء مجلس الشيوخ مرة كل 6 سنوات، وتجرى الانتخابات كل سنتين لتجديد ثلث الأعضاء.

وتقسم أعداد المجمع الانتخابي على عدد الولايات، وتعتبر كل ولاية دائرة انتخابية واحدة، والمرشح الذي يحصل على غالبية أصوات الناخبين في إحدى الولايات، يحصل على جميع أصوات أعضاء المجمع الانتخابي الممثلين لهذه الولاية.

ويحتاج المرشح الرئاسي للحصول على غالبية الأصوات في المجمع الانتخابي 270 صوتاً أو أكثر، كي يفوز، بغض النظر عن عدد الأصوات الشعبية التي حصل عليها في الولاية نفسها. وبمعنى أوضح، إن عدد المجمع الانتخابي هو الحاسم للنتائج، لا الأصوات الشعبية.

على سبيل المثال، في الانتخابات الأميركية السابقة العام 2020، فاز المرشح الديموقراطي جو بايدن بـ306 أصوات من المجمع الانتخابي، على منافسه الجمهوري دونالد ترامب الذي حصل على 232 صوتاً من المجمع نفسه.

وفي التنافس الرئاسي الأسبق العام 2016، حصل ترامب على عدد أقل بثلاثة ملايين صوت مما حصلت عليه منافسته هيلاري كلينتون من الأصوات الشعبية، لكنه فاز بالرئاسة لأنه حصل على غالبية أصوات المجمع الانتخابي.

الولايات "المتأرجحة"
لولاية كاليفورنيا، العدد الأكبر من أعضاء المجمع الانتخابي، وهو 55 عضواً، وتعرف هذه الولاية بتأييدها للحزب الديموقراطي، إلا أن العاصمة واشنطن لديها الحد الأدنى من الأعضاء، وهو ثلاثة. علماً أن الحاسم الأساسي للانتخابات هي الولايات السبع المتأرجحة، والتي يبقى تصويتها مبهماً وغير واضح ما إذا كان مؤيداً للجمهوريين أو للديموقراطيين، على عكس كاليفورنيا التي تؤيد المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس، وغيرها من الولايات مثل كنتاكي المؤيدة للمرشح الجمهوري دونالد ترامب.

وتتمثل بنسلفانيا، وهي الولاية التي تعرض فيها ترامب لمحاولة اغتيال، بـ19 صوتاً من المجمع الانتخابي، ويحاول فيها ترامب جذب السكان البيض الريفيين وتحذيرهم من أن المهاجرين يسيطرون على البلدات الصغيرة. أما هاريس فتسعى للاستفادة من مشاريع البنى التحتية التي أطلقها فيها الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن.

كما تتمتع ولاية كارولينا الشمالية وولاية جورجيا بعدد الأصوات نفسه، أي 16 صوتاً، وتعمل هاريس في الولايتين على دعم الشباب خصوصاً الأميركيين من أصل أفريقي.

أما ولاية ميشيغن، فتتمتع بـ15 صوتاً، وتميل الولاية حيث تُعدّ وازنة أصوات المقيمين من أصول عربية ومسلمة، إلى التصويت لصالح هاريس، وفي المقابل يحاول ترامب التأثير في الطبقة الوسطى فيها.

أما ولاية أريزونا فلديها 11 صوتاً، وولاية ويسكنسن 10 أصوات، وولاية نيفادا 6 أصوات، كما لديها أقل عدد من السكان مقارنة بالولايات المتأرجحة الأخرى. وهي لم تصوت لصالح مرشح جمهوري منذ انتخاب جورج بوش في العام 2004.

سبب النظام الانتخابي الأميركي المعقّد
تشكل المساحة الكبيرة للولايات المتحدة الأميركية سبباً مباشراً لحصر التصويت الانتخابي في يد المجمع الانتخابي. فبعد وضع الدستور الأميركي العام 1787، لم يكن من السهل انتخاب رئيس بإحصاء عدد السكان الكبير، لذا خرج مهندسو الدستور بفكرة المجمع الانتخابي، حيث تقوم كل ولاية باختيار أعضائها الذين ينتخبون الرئيس. وتم الترحيب بالنظام المتبع في التصويت أكثر من التصويت الشعبي.

جنى الدهيبي
المدن