هل أوقف "الحزب" المساعدات المالية؟

  • شارك هذا الخبر
Saturday, November 2, 2024

بعد التاسع من تشرين 2023، أي مع بداية حرب الإسناد، اضطّر عددٌ كبير من أهالي القرى الحدودية، معظمهم من الطائفة الشيعية، إلى النزوح من قراهم وبلداتهم وأحيائهم إلى مناطق أخرى أكثر أماناً في الجنوب أو بيروت، أو جبل لبنان. وأدى هذا النزوح القسري إلى خسارة هؤلاء المواطنين أعمالهم وأرزاقهم. وسارع حزب الله إلى تقديم مساعدات رمزية تترواح قيمتها بين 100 و 200 دولار، وأخرى عينية لدعم صمودهم. لاحقاً تدخل حزب الله على خط دفع بدلات إيجار للذين لم يجدوا منازل أو أماكن إيواء، أو للذين تقدموا بطلب للحصول على هذه المساعدة التي تصل قيمتها إلى حوالي 300 دولار، خصوصاً للنازحين الذين لا يملكون منازل بديلة، في أماكن نزوحهم.

لا مساعدات حاليا
مع توسع العدوان الإسرائيلي على لبنان في الآونة الأخيرة، أخليت القرى الجنوبية الحدودية بالكامل من سكانها، وعاد ونزح النازحون إلى القرى الخلفية وإلى ضاحية بيروت الجنوبية مرة ثانية. وقدّرت الحكومة اللبنانية عدد النازحين بحوالي 1.2 مليون شخص. وقسم من هؤلاء النازحين كان مسجلاً لتلقي المساعدات التي يقدمها حزب الله، والتي طرأ عليها تعديلاً، أي باتت العائلة تتلقى 200 دولار عوضاً عن 100.

مرّ على نزوح هؤلاء السكان أكثر من عام من دون مداخيل لأنهم باتوا عاطلين من العمل، وما فاقم أزمتهم المعيشية توقف مساعدات حزب الله أيضاً. وقد حاول العديد منهم التواصل مع المسؤولين المعنيين بالحزب لمعرفة السبب، لا سيما أن بعضهم لم يحصل على المساعدة منذ أكثر من شهرين.

ص.ع، من بلدة حولا، نزح بعد التاسع من تشرين واستأجر بيتًا في النبطية، لكنه تهجّر منه مرة أخرى إلى مدرسة في شمال لبنان. يقول في حديثه لـ"المدن": "حاليًا، لا يصلنا شيء غير الأكل". ويؤكد: "كان الحزب يدفع لي أجار بيتي ويقدم لي 200 دولار شهريًا. لكن منذ حوالي الشهر، لم تصلنا أية مساعدة".

شروط المساعدة
عندما ينزح الشخص من مكان إلى آخر، يجب عليه تسجيل معلوماته ليتمكن الحزب من معرفة مكان إقامته بهدف مساعدته. في هذا السياق، يشير ص.ع: "تواصلنا منذ أسبوعين مع مسؤول في طرابلس، وطلب منا إبلاغه باحتياجاتنا لتأمينها، لكن حتى الآن لم نحصل على شيء".

إيجار الشقق
يعاني النازحون كثيراً، سواء من يقيم في مدرسة أو من يقطن في منزل، حيث لا يمتلكون أي مدخول، وخسر معظمهم كل ممتلكاتهم ومدخراتهم. حيث الأموال المدخرة، تقل تدريجياً مع زيادة المصاريف وغياب الدخل. على سبيل المثال، خسر ح.ع. بيته في النبطية، وهو نازح حالياً في الرميلة مع عائلته. أكد لـ"المدن" أن "مدخراتي تكفيني لفترة قصيرة، وشكرت الله أنني أقطن في بيت أحد معارفي، أي لم أتكبد ثمن إيجار مسكن".

وعند سؤاله عن المساعدات التي يقدمها حزب الله، عبر بانزعاج: "ما عم يوصلنا شي. آخر مساعدة وصلتنا كانت قبل شهرين ونصف، وكانت عبارة عن معلبات و200 دولار". وحين تواصل مع المسؤولين، جاء ردهم: "لا توجد مساعدات حالياً".

بعض النازحين اضطروا إلى الاستدانة لتسيير أمورهم لناحية السكن في وقت يستغل أصحاب العقارات الظرف للمطالبة بدفع بدل الايجاء مسبقاً. وتروي النازحة س.ح، من أحد القرى الحدودية، بعد نزوح لمرتين، الأولى إلى الزرارية ثم إلى الوردانية: "كنت أتلقى من الحزب بدل إيجار بقيمة 350 دولاراً. لكن في نزوحي الثاني الذي كان قبل توسع الحرب ببضعة أشهر، تواصلت مع رابط الحزب قبل أن أستأجر المنزل الجديد، الذي طلب مالكه دفع بدل الايجار لستة أشهر مسبقاً. استدنت ودفعت لأن الرابط أبلغني أن أول شهرين لن يتمكنوا من دفعها فوراً، لكنهم سيقومون بذلك لاحقاً. مرت ثلاثة أشهر ولم يصلني أي مبلغ. تواصلت معهم مؤخراً للاستفسار عما إذا كان بإمكاني تقاضي بدل الإيجار وجاء الرد "بأن الموضوع لا يزال قيد الدرس".

وأضافت أن الحزب كان يساعدهم سابقاً بـ100 دولار ثم ارتفعت إلى 200 دولار، إضافة إلى 25 دولاراً لاشتراك الكهرباء، وحصة غذائية. لكن هذه المساعدة توقفت منذ شهرين. والجواب الذي تلقيناه أن توسع الحرب أدى إلى ارباك وفوضى في كيفية ترتيب البيانات. وأن كل الأمور ستحل في أسرع وقت".

في السياق ذاته، تقول ن.ع، من بعلبك والتي نزحت إلى الضاحية الجنوبية: "منذ أن نزحت للإقامة مع ابنتي في الضاحية، لم أتلقَ أية مساعدة". وتضيف: "حتى ابنتي، التي كانت تتقاضى إعانات شهرية بالإضافة إلى معاش زوجها المجاهد، لم تعد تتلقى الراتب ولا الإعانات، وها نحن الآن نقيم في إحدى المدارس في بيروت".

الحزب لا يعلم من تلقاء نفسه
توقف هذه المساعدات أدى إلى زرع الشك في نفوس بعض النازحين بأن حزب الله لم يعد قادراً على دفع أي مبلغ مالي يقيهم شر العوز. لكن مصادر رسمية في حزب الله، أكدت لـ"المدن" أن "المساعدات قائمة وتصل إلى مستحقيها، لكن هناك ضغط كبير. بالنسبة للنازحين الجدد، خاصة من النبطية، لم يتم تنظيم أمورهم بعد، لكن سيتم تعويضهم. ومن لم يتقاضى مستحقاته في شهر معين، سيحصل عليها ولو تأخرت".

وأوضحت المصادر أن "بعض الحالات تواصلت مع المعنيين بالحزب للإبلاغ عن مشاكل. وقد تم حلها فوراً. فمعظم المشاكل تنشأ من عدم معرفة العائلات أين يجب عليها تسجيل المعلومات المتعلقة بها. فالحزب لا يعرف أماكن النازحين الجدد تلقائياً، بل يجب عليهم إبلاغنا".

وشددت المصادر على أهمية تحديث المعلومات إذا انتقل النازحون من منطقة إلى أخرى، حتى يعرف الحزب أماكن تواجدهم. ونبه إلى أن بعض الحالات تضمنت أشخاصاً نزحوا إلى بيروت ثم عادوا إلى النبطية وسجلوا في المدينتين، مما أدى إلى تقاضيهم مساعدات من كلا المدينتين، وهو أمر غير عادل. لذا يقوم الحزب بتنظيم هذه الأمور للتأكد من أن كل شخص يتلقى مستحقاته بشكل صحيح.

وعن تأخر الرواتب الشهرية نفت المصادر وجود أي تأخير، مؤكد أن "المعاشات تم تسليمها قبل تاريخها المستحق. والمعنيون يتواصلون مع العائلات لمعرفة أماكن إقامتهم لايصال المبالغ المقررة على أساس مساعدات". ولفت المصدر إلى أن "كل شيء منتظم ودقيق، لكن بسبب الضغط الكبير قد يحدث بعض التأخير البسيط".

نغم ربيع
المدن