ناشونال إنتريست- فقدان النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط يجهض مشروع السلام

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, October 15, 2024

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على أكثر من جبهة في لبنان وغزة وتفكير تل أبيب بالرد على العدوان الإيراني، ظهر واضحاً فقدان "النفوذ الأمريكي على عملية صنع القرار الإسرائيلي منذ هجوم السابع من أكتوبر(تشرين الأول) بشكل مذهل".

وبحسب تقرير لمجلة "ناشونال إنتريست" ربما تتمكن إسرائيل (المهيمنة عسكرياً) من تحقيق وقف مؤقت للهجمات عليها، لكن أي سلام دائم سيكون بعيد المنال في الوقت الحالي.

وبحسب التقرير، كان الرئيس الأمريكي جو بايدن "غير كفء" في تعامله مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وربما يكون أضر عن غير قصد بحملة نائبه كامالا هاريس الرئاسية، إذا استمرت أسعار البنزين في الارتفاع واندلعت حرب إقليمية.

وعلى الجانب الآخر تبدو "خطة ترامب" لإحلال السلام من خلال العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والدول العربية والضغط الأقصى على إيران ضعيفة وغير واعدة، مع تقرب روسيا والصين من طهران.


جبهة جديدة
ووفقاً لـ"تقرير حالة" نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، اخترق ما لا يقل عن 20 صاروخاً إيرانياً بعيد المدى أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية وحلفائها وأصابت ما لا يقل عن 3 منشآت عسكرية واستخباراتية في إسرائيل.

جاء هجوم إيران بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي في تنفيذ "هجمات برية محدودة ومحلية ومستهدفة" ضد حزب الله في جنوب لبنان.

ووفقاً لبيان صادر عن الحرس الثوري الإسلامي، كانت الهجمات رد فعل على قتل إسرائيل لقادة من حركة حماس وحزب الله في الأشهر الأخيرة.

وهددت طهران بأنه إذا ردت إسرائيل على القصف الإيراني الأخير، فإن إيران ستهاجم مرة أخرى "بشكل أقوى".

وبحسب التقرير تأخذ الولايات المتحدة هذه التهديدات على محمل الجد وزادت من دعمها العسكري لإسرائيل للمساعدة في صد الهجمات الإيرانية.

وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها ستزيد من عدد الطائرات المقاتلة في المنطقة وستأمر حاملة الطائرات "يو.إس.إس.أبراهام لينكولن" بالبقاء في الشرق الأوسط.

وناقش وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت "العواقب الوخيمة على إيران في حال اختارت إيران شن هجوم عسكري مباشر ضد إسرائيل"، وفقاً بيان صدر عن البنتاغون.

وعلى الرغم من أن الحكومة الأمريكية تزعم أنها تنسق بشكل وثيق مع إسرائيل، إلا أن مبادرات نتانياهو تفوقت عليها وسبقتها في مرات عديدة.


شكوك إسرائيل
وبعدما ردت إدارة بايدن بحذر فقط على الهجمات الإيرانية ضد إسرائيل في نيسان (أبريل)الماضي، لم تعد تل أبيب تشعر بأنها ملزمة باتباع توصيات واشنطن وممارسة ضبط النفس في المستقبل.

ويبدو أن "ثقة إسرائيل" في تصميم بايدن على اتخاذ إجراءات ملموسة ضد إيران ومنشآتها النووية منخفضة.

وفي الوقت الحالي، يدعو بايدن إلى رد متناسب من إسرائيل ونصح بعدم شن هجمات إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار مصادر إيرانية إلى أن موقف إسرائيل العدواني ربما يدفع إيران إلى استكمال تطوير الأسلحة النووية، وتحدثت ذات المصادر عن أن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي، ربما يعمد إلى إلغاء فتواه السابقة التي تحظر حيازة الأسلحة النووية.

ومن الملاحظ أن النظام في طهران زاد من عدد وتوسيع أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم والآن لديه كمية كبيرة من المواد التي تقترب لدرجة كبيره من الحصول على السلاح النووي.



وألمح بايدن في معارضته للضربات الإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية، إلى أن واشنطن تدعم هجوماً إسرائيلياً على منشآت النفط الإيرانية، لكنه تراجع ويرجع ذلك جزئياً إلى أن أسعار الخام الأمريكي بدأت ترتفع بنسبة تزيد عن 5% إلى 77 دولاراً للبرميل بعد تصريحاته السابقة.

ويحذر المحللون من أن ضربة للمنشآت النفطية الإيرانية ستزيد أسعار النفط بأكثر من 12 دولاراً، وأن حصار مضيق هرمز من قبل إيران يرفع الأسعار إلى 28 دولاراً ومن شأن الصراع الكبير في الشرق الأوسط أن يرفع أسعار الطاقة بشكل كبير ويؤدي إلى تحويل الانتخابات الرئاسية الحالية المتعادلة لصالح المرشح الجمهوري دونالد ترامب.

معضلة إيران
ولا تريد طهران الترويج لانتصار ترامب المحتمل في الانتخابات من خلال تصعيد الصراع، والرئيس السابق انسحب من الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه بارك أوباما في عام 2015 وفي الثامن من مايو(أيار) 2018 أوفى ترامب بوعده الانتخابي وأنهى الاتفاق من جانب واحد، على الرغم من أن إيران أوفت بالتزاماتها. وفي الوقت نفسه، زاد ترامب من ضغوطه الاقتصادية على إيران، محذراً الشركات الأوروبية من التجارة مع إيران إذا أرادت تجنب العقوبات الأمريكية.

وبالنظر للعقوبات نرى أن روسيا والصين هما أصحاب الفائدة الكبرى، وكثفت موسكو وطهران تعاونهما العسكري، وتستفيد الصين من النفط الإيراني الرخيص الذي لم يعد يُسمح لأوروبا وحلفاء أمريكا الآسيويين بشرائه.

ومع ذلك، لا يمكن للقيادة الإيرانية أن تتأكد من أن روسيا أو الصين ستحمي نظام خامنئي إذا ما فكرت إدارة ترامب الثانية مرة أخرى في تغيير النظام في طهران.


مصالح روسيا والصين
تواجه إيران وروسيا عقوبات غربية شديدة، وبالتالي تحافظان على علاقات اقتصادية قوية كما عزز الرئيس فلاديمير بوتين التعاون العسكري الروسي مع إيران، وفي حين تستخدم إيران أسلحة محلية الصنع، فإنها لا تزال تشتري بعضها من روسيا، كما دعمت روسيا بتكنولوجيا الطائرات بدون طيار أثناء الحرب على أوكرانيا.

ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) زودت إيران روسيا أيضاً بصواريخ فتح 360 قصيرة المدى، بالإضافة إلى ذلك، قام مدربون من إيران بتدريب أفراد عسكريين روس على استخدام هذه الصواريخ. وتسمح الصواريخ قصيرة المدى لروسيا الاحتفاظ بصواريخها طويلة المدى الأكثر تقدماً لأغراض أخرى في حرب أوكرانيا.

وأشار البنتاغون إلى أنه ربما تم تبادل "معلومات استخباراتية" بين إيران وروسيا في اتصالات تتعلق بتسليم الصواريخ. وتتوقع وكالات الأمن الأمريكية المزيد من عمليات تسليم الأسلحة والتعاون العسكري الوثيق بين روسيا وإيران في المستقبل.

ومع ذلك، إذا عاد إلى البيت الأبيض بصفته "صانع صفقات"، ربما يطلب ترامب تنازلات من روسيا فيما يتعلق بإيران في حين يستسلم للمطالب الإقليمية الروسية في أوكرانيا، وهو ما أشار إليه بالفعل خلال تجمعات انتخابية متعددة.

في خضم التوترات المتصاعدة مع إسرائيل، تعهدت بكين بدعم طهران، لكن هذا لا يعني الكثير في الممارسة العملية، نظراً لأن إيران ليس لديها فرصة كبيرة لإشراك الصين في صراع بعيد الأمد.


24.AE