يتوقع الخبراء تسريع وتيرة خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة خلال الشهور المقبلة لدعم النمو الاقتصادي، بحيث لا تصبح التكلفة المرتفعة للاقتراض مقيِّدة للطلب بحلول نهاية العام المقبل. وبحسب المسح الذي أجرته وكالة بلومبرغ للأنباء فإن الخبراء يتوقعون قيام البنك المركزي الأوروبي بخفض الفائدة الرئيسية بمقدار ربع نقطة مئوية خلال اجتماع مجلس محافظيه في الأسبوع المقبل، بعد تراجع معدل التضخم إلى أقل من 2%. كما يتوقع الخبراء خفضين إضافيين للفائدة الأوروبية في حزيران/يونيو وكانون الأول/ديسمبر المقبلين ليصل سعر الفائدة الرئيسية إلى 2%. ويتوقع ما يقرب من نصف المشاركين في المسح أن تكون أسعار الفائدة محايدة (أي لا تسبب ارتفاعاً أو انخفاضاً لمعدل التضخم والاستثمار والتوسع الاقتصادي) بحلول تلك النقطة، في حين يتوقع نحو ثلثي المشاركين أن تكون منخفضة بما يكفي لتشجيع التوسع الاقتصادي. وكان الاستطلاع السابق للوكالة قد قدَّر أن تنتهي دورة خفض أسعار الفائدة الأوروبية عند 2.5% في أيلول/سبتمبر المقبل. هذا التحول في توقعات المحللين يعكس إعادة تقييم مماثلة من جانب الأسواق المالية، في ظل البيانات الاقتصادية التي تشير إلى تراجع أداء الاقتصاد مع تباطؤ في التضخم في منطقة اليورو التي تضم 20 دولة من دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعزز توقعات خفض الفائدة، إلى جانب قيام مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي بخفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية دفعة واحدة في الشهر الماضي. في هذه الأثناء أكدت بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي في ألمانيا أمس الجمعة تراجع معدل تضخم أسعار المستهلك في أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو، الشهر الماضي إلى أقل مستوى لها منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف. وذكر مكتب الإحصاء أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي بنسبة 1.6% سنوياً، مقابل 1.9% خلال آب/أغسطس السابق عليه، وهو ما جاء متفقا مع التقديرات الأولية الصادرة يوم 30 أيلول/سبتمبر الماضي. وفي الوقت نفسه، أظهرت البيانات تراجع معدل التضخم إلى أقل مستوياته منذ شباط/فبراير 2021 عندما سجل 1.5% سنوياً. وقبل يومين أعلن وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك تخفيض الحكومة لتوقعاتها بشكل ملحوظ فيما يتعلق بأداء الناتج المحلي للبلاد، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يسجل أكبر اقتصاد في أوروبا انكماشا بنسبة 0.2% في العام الحالي. وكانت توقعات الحكومة في الربيع تشير إلى أن إجمالي الناتج المحلي الألماني سيحقق نموا طفيفا في العام الحالي بنسبة 0.3%. وتعتبر هذه الخطوة ليست مفاجئة، حيث قامت معاهد كبرى في أبحاث الاقتصاد مؤخراً بتخفيض توقعاتها الخاصة بنمو الاقتصاد الألماني، حيث تشير توقعات هذه المعاهد إلى أن الاقتصاد الألماني سيسجل في العام الحالي انكماشاً بنسبة 0.1%. ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى حالة عدم اليقين لدى الشركات والمواطنين، ذلك لأن أسعارمستويات الفائدة التي لا تزال مرتفعة، تشكل عائقا أمام الاستثمار، كما أن الشركات تتصرف بحذر نظراً للأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية المتقلبة، في حين يفضل الأفراد ادِّخار دخولهم بدلاً من استثمارها في العقارات أو الاستهلاك.