نجوم بددوا ثرواتهم في مشاريع خاسرة أو نمط حياة فاخر

  • شارك هذا الخبر
Friday, October 11, 2024

"فاقة بعد عز" قول ينطبق على عدد من النجوم الذين جمعوا ثروات ضخمة من خلال عملهم في الفن وما لبثوا أن فقدوها لأسباب مختلفة أبرزها استثمار أموالهم في مشاريع تجارية أو عقارية خاسرة.

ونمط الحياة الفاخر كشراء العقارات والسيارات الباهظة والسفر والمجوهرات يؤدي إلى نفاد أموالهم بسرعة، إضافة إلى الإدارة المالية السيئة وعمليات النصب والاحتيال من قبل مديري أعمال أو مستشارين ماليين غير نزيهين، فضلاً عن الضرائب المرتفعة في بعض البلدان التي تجعلهم يواجهون مشكلات قانونية والتقلبات في الدخل لأن تلك المهنة لا توفر دخلاً ثابتاً، كلها عوامل تؤدي إلى تقليص الثروة مع مرور الوقت.

كذلك خسر عدد مهم ثرواته بسبب الإدمان على القمار، ناهيك عن مشكلات إدمان تعاطي المخدرات والكحول، فهناك عدد من نجوم هوليوود ممن واجهوا مشكلات مالية كبيرة على رغم دخلهم المرتفع بسبب الإسراف في شراء العقارات الفاخرة والقمار، مما اضطرهم إلى بيع جزء كبير من ممتلكاتهم لتغطية ديونهم.

كيف يتحدث الإعلاميون والنقاد عن الأسباب التي تؤدي إلى خسارة النجوم ثرواتهم؟

تتفاوت هذه الأسباب بين جيل وآخر كما يقول الإعلامي روبير فرنجية لـ "اندبندنت عربية"، ويوضح أن "ناصيف زيتون هو واحد من الفنانين الذين أعلنوا بصورة واضحة أن ثرواتهم ضاعت في المصارف بسبب أزمة الودائع التي عانتها شريحة كبيرة من اللبنانيين، بينما سارت مادونا على خطى صباح وبذرت ثروتها ولم تخبئ قرشها الأبيض ليومها الأسود، أما ماجدة الرومي فسلمت إدارة أعمالها إلى زوجها ولم تكُن تهتم لمالها وعندما حصل الطلاق وضع يده عليه كما سمعنا، وينسحب الأمر على نوال الزغبي التي كان زوجها يدير أعمالها وعانت خيبة في حياتها المهنية والزوجية، ومنهم من ظنوا أن نجوميتهم ستدوم وأن ما يصرفونه اليوم يعوضونه لاحقاً ولكن أسهمهم تراجعت، وآخرون استثمروا أموالهم في مشاريع كبيرة ووقعوا في الخسارة، فضلاً عن فئة كبيرة قامرت بأموالها ولم تحصد إلا الخيبة".

كثير من الفنانين لم يعرفوا كيف يوازنون بين مداخيلهم وبين مصاريفهم كما فعلت سميرة توفيق، بحسب فرنجية الذي يردف أنها "ادخرت مالها وتسكن في المبنى الذي تملكه ولا تزال تصرف على الأقرباء لأنها كانت تعرف أن العمر لا يرحم وأنها ستحتاج إلى الرعاية الصحية والاجتماعية عندما تتقدم في السن". ويضيف أن "النجوم كانوا يضعون المال في الحقائب في صناديق سيارتهم بعد عودتهم من الحفلات ولكنه تبخر وكانت الآخرة صعبة، لذا يفترض بمدير أعمال الفنان أن يكون أميناً يحرص على مصلحته ويعتمد سياسة الإنفاق المعتدل من أجل تأمين حياة رغيدة له تغنيه عن الحاجة إلى النقابات والمحسنين عندما يتقدم في السن كما حصل في حالات كثيرة".

الناقد السعودي خالد ربيع السيد يؤكد على نزاهة العقود ويشير إلى أن الفنانين يعرفون كيف يفاوضون الشركات المنظمة والمنتجة، سواء بصورة مباشرة أو عن طريق مديري أعمالهم ويطلبون الأجور التي يرون أنها مناسبة وكريمة لهم، موضحاً أن "هناك سوقاً في العالم العربي وقائمة أجور غير معلنة ولكن كل فنان له أجر محدد أو سعر معروف لا يتنازل عنه، بل إنه قابل للزيادة إذا ما قدم عملاً حقق حضوراً وشهرة جماهيرية. وأنا أرجح أن يكون الإنفاق المفرط في سلوكيات الفنانين سواء في الـ’لايف ستايل‘ الذي يعيشونه والذي يشمل السفر السياحي والنزول في أغلى الفنادق إلى مشترياتهم الشخصية من سيارات فاخرة وملابس باهظة من أرقى دور الأزياء ومصففي الشعر والماكياج وعمليات التجميل المكلفة للسيدات وأحياناً للرجال، وتستتبع ذلك نوعية الطعام الذي يتناولونه والأكسسوارات والعطور والمجوهرات. فهناك بذخ ينتهجه معظم الفنانين يعكس سوء إدارة ذاتية للأموال لهم ولأسرهم، وبعضهم يحيط نفسه بفريق من المساعدين والمستشارين والمرافقين قد يصبح للمباهاة والمفاخرة وكلها مصاريف زائدة وإنفاق بلا تفكير. وعندما يخفت نجم الفنان، تشح موارده المالية ويجد نفسه في ضائقة، فيلجأ إلى الدين من البنوك والأصدقاء ولهذا الأمر عواقب وخيمة. وهناك قصص كثيرة لفنانين كانوا في قمة الشهرة والمجد والثراء تحولت حياتهم إلى مآسٍ، والمتابع لسيرة حياتهم يجد أنهم لم يعملوا حساباً للمستقبل والأمثلة كثيرة، على عكس آخرين أسسوا أعمالاً تجارية أو استثمارية درّت عليهم أرباحاً وثروات والأمثلة كثيرة أيضاً".

وتطرق ربيع السيد كذلك إلى علاقة الفنانين بشركات الإنتاج قائلاً "بعضهم يبني علاقات جيدة معها ويحقق سمعة جيدة في السوق الإنتاجية، فتغدق عليه العروض خصوصاً من يتمتعون بالشعبية والحضور، والبعض الآخر يدير نفسه بشيء من الطمع والعصبية والعنجهية، فيتم تجنبه بسبب تعامله غير المريح ويقع في الإفلاس، وهناك آخرون يغيرون تعاملهم بعد أن يحققوا جماهيرية كبيرة وتسيطر عليهم أوهام النجومية والغرور والتعالي، فتتردد تلك الشركات في التعاون معهم وقد يصلون إلى العزلة ويهوون في بئر الإفلاس، مما يعني أن الأمر يتطلب توازنات عدة للحفاظ على المكانة وتجنب الإفلاس".

الناقدة المصرية حنان شومان تشدد على الفرق الكبير في الوضع المادي بين فناني الجيل القديم وفناني الجيل الحالي، وتؤكد أن لا أحد من الجيل الجديد يمكن أن يموت "غلباناً"، موضحة أن "ظروف الحياة تغيرت وفي زمن الجيل الماضي لم يكُن هناك تلفزيون وعندما أصبح موجوداً كان عدد القنوات قليلاً ولم تكُن هناك فضائيات والإنتاج كان محدوداً وكان التمثيل يشكل دخل الممثل الوحيد والأجور لم تكن خيالية كما هي اليوم، وكان النجوم ينفقون ما يكسبونه على المهنة ومعظمهم كان منتجاً كماجدة وصلاح ذو الفقار وآسيا داغر التي دفعت كل مالها من أجل إنتاج فيلم ’صلاح الدين‘ وماجدة التي أنفقت أموالاً طائلة على إنتاج فيلم ’جميلة بو حريد‘. وانسحب الأمر على نجوم جيل التسعينيات والثمانينيات والتسعينيات مثل محمود ياسين ونور الشريف الذين كانوا يعملون في الفن من أجل الفن ومن أجل ازدهار صناعة السينما، أما اليوم فلا تقتصر مصادر دخل الفنانين على الفن فقط، بل هناك مصادر دخل متنوعة كالإعلانات والـ’سوشيال ميديا‘ لأنهم شخصيات مؤثرة، عدا عن أن كثراً منهم تعلموا الدرس من نجوم الأسود والأبيض وقرروا أن تكون لكل منهم مشاريعه الخاصة وما يكسبونه من الفن لا يستثمرون ماله في الصناعة نفسها".

وتطرقت أيضاً إلى أزمات فناني الأسود والأبيض الذين لم يتجهوا إلى الإنتاج، قائلة "هؤلاء صرفوا مالهم على أمور شخصية، مثلاً صباح كانت لديها عائلة كبيرة تنفق عليها واستمرت على هذا النهج حتى آخر يوم من حياتها، إضافة إلى أنها كانت مقبلة على الحياة وتبذخ على شكلها وجمالها، حالها حال غالبية الفنانين الذين ينفقون على عائلاتهم كنوع من التكافل. وهناك نوع ثالث صرف ماله على القمار، لكن الأصدقاء الفنانين تكفلوا بهم فالتكافل كان سمة بارزة من سمات الجيل الفني القديم، وأخلاقيات المجتمع الفني كانت مختلفة، ونسمع اليوم عن خلافات بين الفنانين في ما بينهم".

الناقد الصحافي محمد العشيوي يفرق بين "فنانين أذكياء استفادوا من المرحلة الذهبية في الثمانينيات والتسعينيات وأصبحوا من نجوم الصف الأول ومن الأثرياء قبل التضخم لأنهم أحسنوا إدارة أموالهم واستثمروها في العقارات، وهناك من واجهوا الإفلاس بعد نجاح مادي وفني وانسحبوا من الساحة لأنهم لم يواكبوا التطور بسبب سوء إدارتهم الفنية وتراجع الطلب عليهم واضطروا إلى الغناء في المطاعم لكسب لقمة العيش بعد تراجع الطلب عليهم في حفلات الأعراس وعلى المسارح". ويضيف أن "العقود غير العادلة ألحقت الضرر ببعض الفنانين ويعود الأمر في جزء منه لسوء إدارة أعمالهم، بينما يتقاضى آخرون الملايين لأنهم واكبوا التطور منذ الثمانينيات حتى المرحلة الرقمية لأن الفن تحول اليوم إلى رقم، وهناك من بدد ماله بسبب البذخ المفرط.

ولكن بصورة عامة لا تتجاوز نسبة الفنانين الذين جنوا الثروات الـ30 في المئة وهم لديهم شركات إنتاج ويقدمون أنفسهم على أنهم أعمال أو سيدات أعمال وبعضهم أطلق ’براندات‘، أما النسبة الباقية فتسعى إلى فرض نفسها أو تعمل من أجل تأمين لقمة العيش شهراً بشهر. الفن يرتبط بصورة كبيرة بالمال والمستفيدون هم فنانو التسعينيات ومن برزوا خلال الأعوام الـ10 الأخيرة فأخذوا منه ما يريدون من المال وانسحبوا بعدما جمعوا ثروات وتوجهوا للعمل في مجالات أخرى، فضلاً عن بعض الفنانات اللواتي تركن الإنتاج الفني وركزن على إحياء حفلات الأعراس لأنها أكثر ربحاً وأطلقن ’براندات‘ مختلفة بما فيها المجوهرات".

ويختم العشيوي أن "المال والفن وجهان لعملة واحدة وسلاح ذو حدين وبعضهم لم يحسب حساب الغد وصرف ماله وتوارى والبعض الآخر استغله لتأسيس الشركات الخاصة والتعاقدات العقارية واحتفظ بأصول مجدية له. ولا شك في أن هناك إفلاساً فكرياً وخذلاناً أصاب بعض الفنانين الذين عانوا التهميش وانتشرت صور لهم لا تليق بنجوميتهم بسبب تردي أوضاعهم المادية".


اندبندنت عربية