زيارة قائد الجيش للقرنة السوداء… هل من رسالة لطرفيّ النزاع؟- بفلم إسراء ديب
شارك هذا الخبر
Tuesday, September 10, 2024
طرحت أوساط شمالية تساؤلات عدّة ترتبط بزيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون الى منطقة التدريب العسكرية في القرنة السوداء التي شهدت توترات بين بلدتيّ الضنية (بقاعصفرين) وبشرّي لأسباب حدودية أو مائية تمتدّ لأكثر من 15 عاماً، خصوصاً لجهة توقيتها وأبعادها لا سيما العسكرية منها، بحيث تحمل الزيارة التفقّدية لعناصر فوج المغاوير المتمركزين في المنطقة، رسائل عدّة لا يُمكن إخفاء أهمّيتها في مرحلة تتفاقم فيها النزاعات محلّياً حول حدود بعض البلدات وتحديداً شمالاً.
وتُشير الأوساط السياسية منها والعسكرية عبر “لبنان الكبير” إلى أنّه في ظلّ “حساسية” هذه المنطقة والعجز القضائي عن الوصول إلى حلّ يُرضي الأطراف كافّة، ومع غياب تسجيل أيّة خلافات أو نزاعات هذا العام خلافاً للأعوام الماضية التي اعتاد فيها الأهالي حدوث إشكالات تُؤدّي إلى وقوع ضحايا في هذا التوقيت تحديداً (فصل الصيف)، وتحسّباً لوقوع أيّ خلاف جديد، فإنّ زيارة عون إلى المنطقة تصبّ إيجاباً في مصلحة المنطقتيْن، على أنْ تتبعها خطوات أخرى من الوزارات المعنية لتدخل على خطّ الفصل الذي يضع حداً لأسباب النزاع التي قد تتحوّل أحياناً إلى رغبة في المطالبة بـ”الفيدرالية” حيناً أو إلى الضرب على الوتر الطائفي الحساس لإثارة الفتنة بين الطرفيْن حيناً آخر.
ولا يختلف اثنان على أهمّية زيارة قائد الجيش صاحب مقولة “ممنوع المساس بالسلم الأهلي” التي أطلقها من القرنة السوداء التي قد تشهد في أيّة لحظة زعزعة أمنية، وذلك بعد مرور أكثر من عام على الحادثة التي ذهب ضحيّتها مالك وهيثم طوق من دون الوصول إلى حسم واضح لهذه القضية التي شكّك بعض المتابعين بتأثيرها في محاولة قتل رئيس بلدية بقاعصفرين المحامي بلال زود عبر إطلاق النّار عليه أثناء خروجه من أحد مطاعم منطقة الضم والفرز في طرابلس منذ أشهر، ومع أنّ الأمنيين كانوا نفوا هذه الافتراضية التي تُهدّد الأمن ولا ترتبط بالقضية أساساً، يُشير مصدر موثوق لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ حماية المنطقة باتت أولوية عند الطرفيْن المتنازعيْن من جهة، ولدى قيادة الجيش من جهة ثانية.
ويقول: “منذ بداية شهريّ نيسان وأيّار، ومع ذوبان الثلوج وعودة رعي الأغنام التي لا يخفى على أحد أنّ رعيها كان انعكس على القضية، طالب الطرفان بوضع نقطة للجيش في المنطقة، فأُرسل فوج المغاير الذي لو كان موجوداً من الأساس لما كنّا شهدنا هذه الاشكالات الدّموية، فحجب المشكلات ووضع نقاطاً عدّة لتغطية المداخل الأساسية ومراكز تدقيق عسكرية في منطقة طبيعتها وعرة، ما يصف صعوبة العمل والمتابعة إلى حين البتّ بالنزاع، ولهذا السبب يُعدّ وجود الجيش ضمانة لا يتجرأ على تجاوزها أحد”.
الزيارة التي لمّح بعض المتابعين الى حدوثها عقب التوترات المتجدّدة بين فنيدق وعكّار العتيقة والخوف من تجدّدها بين بقاعصفرين وبشرّي بالصيغة عينها أو بطريقة مختلفة وللسبب نفسه والذي لم يبتّ فيه القضاء حتّى اللحظة، يُؤكّد المصدر أنّها خطوة إيجابية من قيادة الجيش، لكنّها لا ترتبط بأيّ نزاع أو حتّى بقرب حلّ النزاع، فهي تندرج ضمن إطار الوقاية من أزمتيّ الرعي والمياه بعد ذوبان الثلوج، وبالتالي إنّ المنطقة باتت أمنية وفيها حزم كبير يمنع الاقتراب منها حتّى إشعار قضائيّ آخر حول الحدود”.
في موازاة ذلك، يعرب مصدر قضائيّ يُتابع عمل لجنة “الصلح” التي تبحث في النزاعات الحدودية جغرافياً، أمنياً، عسكرياً، وقضائياً عن تفاؤله بزيارة العماد عون إلى القرنة السوداء، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “في حال نجحت تجربة القموعة بعد سحب التدخلات التي أقلّ ما يُقال عنها انّها شيطانية وشريرة لحلّ النزاع على الصعيد العكاريّ، فإنّها ستنسحب مباشرة على موضوع القرنة السوداء بين بشرّي وبقاعصفرين، ولوحظ أنّ عمل اللجان التي يرعاها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تُقدّم على صعيد هذه القضايا الكثير من فرص الصلح، المشاورات، التسويات، والمفاوضات الخيّرة بين الأطراف”. ويشدد على أنّ موضوع القرنة السوداء المستمرّ منذ أكثر من 10 أعوام، لا يُحلّ إلّا بالرضى المتبادل، التفاهم، والحلول المحبّبة والودّية، معتبراً أنّ زيارة قائد الجيش لا تحمل مفتاح الصلح، ولكنّها تتضمّن بالتأكيد مفتاح الأمان والاستقرار وصورتهما المطلوبين جداً بإطار قياديّ يُؤكّد حرص المؤسسة العسكرية على جنودها والأراضي، لتكون الزيارة “متنفّساً” لأبناء هذه المؤسسة ومحبّيها.
ويلفت الى أن “موضوع القموعة يحتاج نوعاً ما إلى تبريد، لكن يُمكن القول إنّه قطع شوطاً عظيماً يصل إلى 65 بالمئة، وهذا أمر إيجابي لم تتمكّن القضايا العالقة منذ أعوام من حلّه، وحين تنتهي التحضيرات لهذه الصُلحة التي نتمسّك بها، فلن يكون من الصعب حلّ مسألة القرنة السوداء”.