لم تعد تلك الأماكن تشبهنا ..- بقلم صبحي منذر ياغي

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, July 3, 2024


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تعد تلك الأماكن في بلدي تشبهنا، منذ أن سكنها الطارئون ، وصادروا منها صورنا القديمة ، صادروا حنيناً زرعناه في مواسم الفرح، وكنا نتتظر الحصاد! ربما لم تعد تلك الأماكن تتذكر وجوهنا، وأنا ما كنت أعلم ان الاماكن نفسها تصاب بمرض "الزهايمر"! مؤلم جداً الاحساس "بالغربة "، وأنت في " بيتك "، فتخجل من صنع القهوة ،أو أن تستلقي بحريتك،أو أن تغني أغنية قد يجد فيها ( الطارئون) دعوة للكفر والالحاد، وربما دعوة لحب الحياة!موجع جداً الا تتذكر إسمك أيها الغريب ،فالغربة تزرع فيك الخوف ، والخوف يلجم الفكر، ويقتل كل ما لديك من أمنيات وأحلام ! لم تعد تلك المطارح تتسع لنا، فقد وضعوا الزمن الجميل في زنزانة انفرادية، وأقفلوا شبابيك البحر،وصادروا رمل الشطآن،وطاردوا نورساً هارباً بشراع ممزق ، ولونوا الغيم بسوادهم ، فكيف ستمطر الغيوم بمطرها الأسود؟ لم تعد تلك الطرقات تعرفنا ، ربما صادروا ذاكرتها ، فنسيت الطرقات صدى وقع أقدامنا،وأغانينا في ليلة صيف..ألم يدروا ان للمدن تاريخها ،ورجالها وأبطالها ، وذاكرتها ، وأرشيفها وشريط صورها؟ وأن هناك من ينام بين سطور كتاب المدينة، يلتحف فواصل الذكريات، ويسند رأسه على علامات التعجب ونقاط الاستفهام ؟لم تعد تلك المقاهي المهجورة لنا، وعلى طاولاتها هياكل عظمية لصحف كتبنا فيها قصائدنا وأفكارنا، لم يعد الصباح من رواد تلك المقاهي ، فقد غادر الصباح المدينة، وهذا الصباح الذي نعيشه لا يشبهنا ولا يشبه قهوتنا!
كيف استباحوا طرقاتنا ومدننا وشوارعنا ؟ وزرعوا كل هذا اليباس في حقولنا وكرومنا ؟كيف صاردوا حبة قمح من نملة وذبحوا السنابل في بيادرنا ، وكيف سرقوا أريج الزهر ،وانهالت فؤوسهم على تلك الاشجار التي كنا نسميها " ذاكرة الفصول"..فسقطت أرضاً رغم أننا تعلمنا منها كيف نموت واقفين !
أيها الغريب، إحمل قلمك واتبعني، وسجل على دفتر الزمن وصاياك لأجيال لم تولد بعد ،وأنت تدون هذه الخواطر اياك أن تفرط في مثاليتك ،أو نسيت انك الخائن ، والكافر،والزنديق وان مأواك جهنم .. وبئس المصير؟؟