فايننشال تايمز- بين أوكرانيا وغزة والسودان.. ما معايير التعاطف مع ضحايا الحروب؟

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, March 27, 2024

في بداية النزاع في غزة، انتشر فيديو على تطبيق تيك توك للناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي ظهر في جزئه الأول هادئاً وهو يصف سقوط المدنيين في غزة بأنه جزء من واقع الحرب "الوحشية والبشعة"، وفي الجزء الثاني، بدا كأنه يختنق عند وصفه الرعب الذي شعر به لمقتل مدنيين في أوكرانيا.

بالنسبة لمنتقدي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن هذا الفيديو يلخص المعايير المزدوجة لأمريكا.

وفي رأي صحيفة "فايننشال تايمز" أن كل الجدل حول التعامل النسبي مع أوكرانيا وغزة، يفتقر إلى نقطة أوسع تتعلق بالعاطفة الانتقائية.

وتحظى مأساة أوكرانيا وغزة باهتمام أكبر من حروب ومآسٍ إنسانية في أماكن أخرى من العالم.

وتستأثر المجاعة التي تهدد غزة بكل العناوين العالمية هذه الأيام، لكن الأمم المتحدة حذرت الأسبوع الماضي من أن "السودان سيواجه قريباً أزمة جوع هي الأسوأ في العالم"، مع مواجهة 18 مليون شخص نقصاً حاداً في الأمن الغذائي.

وسلطت الضوء على النزاع الذي يشمل "مقابر جماعية، واغتصابات تقوم بها عصابات، وهجمات عشوائية صادمة في مناطق مكتظة بالسكان"، فضلاً عن نزوح 6.5 ملايين نسمة.

وتحدثت تقارير واردة من مخيمات دارفور عن أطفال يموتون من جراء سوء التغذية كل ساعتين.

وعلى غرار غزة، يقع السودان على حدود مصر. لكن النزاع السوداني- والتحذير الذي صدر الأسبوع الماضي- تم تجاهله من غالبية العالم. والنداء الذي أطلقته الأمم الشهر الماضي، من أجل جمع 2.7 مليار دولار من المساعدات الإنسانية للسودان، لم يجمع حتى الآن سوى 131 مليون دولار فقط.

الرهائن الإسرائيليون
وباتت الجهود من أجل تحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، محور الدبلوماسية الدولية.

والأسبوع الماضي، انخرط مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليم بيرنز شخصياً في هذه الجهود.

وفي المقابل، فإن 287 طفلاً خطفوا في نيجيريا –أطلق سراح الكثير منهم نهاية الأسبوع، - حظوا بانتباه عالمي ضئيل جداً.

وبالعودة قليلاً إلى الوراء، فإن قدرة العالم على تجاهل القتل الجماعي والمعاناة –خصوصاً في أفريقيا- كانت صارخة، إن الحرب بين إثيوبيا وجبهة تحرير شعب تيغراي التي بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 أدت إلى مقتل 600 ألف شخص، وفقاً للرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو، الذي ساهم في التفاوض على معاهدة سلام، وأكثر من نصف الضحايا هم من المدنيين، مات معظمهم من الجوع.

وذكرت الصحيفة أن شعار "حياة السود مهمة" الذي انطلق في الولايات المتحدة تردد صداه عالمياً عام 2020. لكن العالم الأوسع-بما في ذلك الاتحاد الأفريقي- بالكاد سجل فقدان مئات الآلاف من الأرواح في الحرب بين إثيوبيا وإقليم تيغراي.
وتساءلت "ما هي الأسباب التي تجعل بعض المآسي والنزاعات تستأثر باهتمام العالم، بينما تستمر أخرى من دون أن يلحظها أحد؟."

الجغرافيا السياسية للهويات
ويكمن الجواب على ما يبدو في شيء يدعى الجغرافيا السياسية للهويات، ويرجح أن يثير الصراع قلقاً وغضباً دوليين، إذا تعاطفت أعداد كبيرة من الناس مع أولئك الذين يقاتلون أو يعانون.

وينظر الأوروبيون إلى الأوكرانيين الفارين ويتخيلون مدنهم تحت القصف. ويتعاطف العديد من المسلمين واليهود مع الطرفين المتحاربين في غزة.

وتضيف الصحيفة "لو كانت الحرب بين إثيوبيا وتيغراي قد شملت ذبح البيض للسود - أو العكس - لتسببت بضجة عالمية، ومع ذلك، فمن دون عنصر العداء العرقي أو الجماعي، يبقى الأطراف الخارجيون أقل تعاطفاً مع هذا الجانب أو ذاك".
ويقول داعمو القضية الفلسطينية أحياناً، إن السبب وراء شعورهم بالحماس الشديد حيال غزة، وعدم الخروج من أجل السودان أو هايتي، هو أن السياسة الغربية متورطة بشكل مباشر في الأحداث هنا. فالولايات المتحدة تزود إسرائيل بالأسلحة، ولكن ليس لأي من الطرفين في السودان.
وتختتم الصحيفة بأن "سياسات العالم تبدو وكأنها لا تزال تعيش وفق قول يعزى لستالين إن "قتل إنسان هو مأساة، لكن قتل الملايين هو مجرد إحصاء".


24.AE