لم يكن ينقص اللبنانيين المحاصرين بين أزمات الداخل وشبح الحرب جنوباً، سوى واقعة «تلفريك» جونية، حيث علق عشرات المواطنين بين السماء والأرض، أو بالأحرى بين حبال الإهمال وتقاذف المسؤوليات. صحيح أنّ السبب المباشر لاصطدام مقطورتين خاليتين من الركّاب وتوقّف حركة الرحلات صعوداً ونزولاً، مردّه إلى عطل ميكانيكيّ، غير أنّ الحادثة جلبت معها «فضيحة» وزارية أطلقها وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصّار، في أثناء تفقّده عمليات الإنقاذ. إذ قال إنّ «التلفريك امتياز تابع لوزارة الطاقة وتحديداً للمديرية العامة للإستثمار فيها، وانتهى الإمتياز نهاية عام 2022»، مشيراً إلى أنّه تقدّم بكتاب إلى الوزارة سأل فيه عن «سبب وجود هذا الإمتياز لديها وليس في وزارة السياحة».
وأضاف: «أنا لا أنقل المسؤوليات، فهذا الامتياز مثله مثل التليسياج في محطة التزلج لا يختلف عنه بشيء ميكانيكياً، وهناك صيانة دورية وتقارير وشركات عالمية تقوم بالتدقيق في أعمال الصيانة». وفيما شدّد نصّار على «ضرورة المحاسبة»، اعتبر أنّ «هذا التلفريك عمره سنوات، ولا يتعرّض للأعطال مثل السيارة، بل أنه مثل الطائرة، ويجب أن يفهم اللبناني والتقني والمهندس وصاحب الامتياز، أنه من الممنوع وجود أيّ خطأ».
من جهّتها، أصدرت «الشركة اللبنانية لانماء السياحة والتلفريك» بيان إيضاح للمديرية العامة للإستثمار في وزارة الطاقة أنّ العطل ميكانيكيّ «جرى على مستوى المحطّة الثابتة في حارة صخر». وتجدر الإشارة إلى أنّ نظام الأمان الأوتوماتيكي هو الذي أوقف سير خطّ التلفريك فور حصول العطل المذكور. وأوضحت أنّ «أجهزتها موضوع كشف ومراقبة فنيّة من قبل شركة عالمية معروفة، وبالتالي لا داعي للقلق بالنسبة لإعادة إستئناف العمل بشكل طبيعي وآمن فور التأكد من أسباب العطل الميكانيكي الحاصل وإصلاحه بكل مهنية».
وتسبّب الحادث بحالات من الخوف والهلع لدى الركاب الـ25 العالقين وتعرّض بعض النساء والأطفال لحالات إغماء. وشارك في عمليات الإغاثة عناصر من الدفاع المدني استخدموا الحبال والسلال لإخراج العالقين، كما تدخّلت طوّافات تابعة للجيش اللبناني للمساعدة، فيما تسلّق عناصر فوج المجوقل خطوط التلفريك لسحب العالقين في المقصورات الأكثر ارتفاعاً. وقال الأب ربيع شويري، وهو كاهن علق مع أطفاله لساعات طويلة بعد إنقاذه، إنّ «أعجوبة» حصلت لأنّ الإصطدام كان بين مقصورتين فارغتين، ما ساهم في تجنّب «كارثة حقيقية».