خاص- صرخة مُدوّية لموظفي النافعة المُخلى سبيلهم: "نطالب بحقوقنا"!- نوال أبو حيدر

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 20, 2023

Nawal Abou Haydar

خاص- الكلمة اونلاين

نوال ابو حيدر

منذ بداية فتح ملف ما يسمى فساد هيئة إدارة السير، تحديدًا في أقسام وفروع جبل لبنان، عاش موظفو هيئة إدارة السير أيام صعاب، إذ أنّه تم الحُكم على الموظفين حتّى قبل التحقيق معهم، تم توقيفهم وسوقهم إلى السجون ومداهمة منازلهم دون مراعاة لكراماتهم ولأوضاعهم الإجتماعية ولأولادهم وعائلاتهم وعُوملوا كسائر المجرمين، وتناسوا أنّ هؤلاء موظفون رسميون، يتمتعون بالحصانة الإجتماعية قبل القانونية، وتم تنفيذ حكم الإعدام المعنوي في حقهم، فبالإضافة إلى دكهم في السجن جرى قطع رواتبهم وتجميد حساباتهم والحجز على ممتلكاتهم، وكأن المطلوب أن تبقى عائلة الموظف دون مأوى وحتى دون إمكانية العيش بالحدّ الأدنى، في ظل أسوأ أزمة إقتصادية مرت على لبنان.

وفي حديثٍ مع عدد من موظفي الهيئة المُخلى سبيلهم، وبينما يتقاذف الجميع تهم المخالفات، كان لافتًا منهم أن يعبروا عبر موقع "الكلمة أونلاين" عن "الظلم الذي لحق وما زال يلحق بهم لناحية وضعهم خارج الخدمة الوظيفية وحرمانهم من رواتبهم المحقة، علمًا أنّهم طلبوا من الجهات القضائية المختصة العمل على بت الملفات العالقة والإسراع في إصدار الأحكام، بحيث يُعاقب الموظف المُدان بالعقاب الملائم والمناسب لجرمه وتبرئة الغير مرتكب ليستعيد كرامته ومكانته الإجتماعية، وعدم ترك الموظفين أسرى التحاليل الصحفية والإتهامات غير المبنية على أيّ دليل، بمخالفة صارخة لقرينة البراءة بأنّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته".

كذلك رفعوا الصوت عاليًا وطالبوا "بوضعهم تحت سلطة القانون والعدالة، فنظام الموظفين ونظام المستخدمين بالهيئة يعطيهم الحق بتقاضي رواتبهم كاملة وإعادتهم إلى وظيفتهم أسوةً بباقي الموظفين، المشتبه بهم، في إدارات أخرى، علمًا أنه قد صدر عن هيئة مجلس الخدمة المدنية رأي استشاري مستنداً الى قرارات هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل، بناءً على كتاب مرسل من الإتحاد العمالي العام بواسطة رئاسة مجلس الوزراء، يعطي الحق للموظفين بتقاضي نصف راتب خلال فترة توقيفهم الإحتياطي ورواتبهم كاملة مع المساعدات الإجتماعية بعد تخلية سبيلهم شرط عودتهم الى العمل و حضورهم ١٤ يومًا إلى مركز عملهم، فليس هناك أي قرار قضائي يمنعهم من العودة إلى العمل من جديد".


انطلاقًا من كل تلك المعطيات، أوضحوا أنّه "استنادًا الى تحقيقات شعبة المعلومات وقضاة التحقيق والقرارات الظنية والتي طالبوا بنشرها أمام الرأي العام، لم يكن هناك تناسب بين هذا العقاب الظالم وبين الجرائم المدعى بها، فمجمل الإتّهامات تركزت حول تلقي إكراميات من سماسرة دون وجود اختلاس للمال العام أو حتّى هدر لهذه الأموال، وكل ذلك في ظل نظام سياسي وإقتصادي غارق بالفساد، بشهادة السياسيين أنفسهم وتقارير التفتيش المركزي وديوان المحاسبة".



كما وتساءلوا "عن سبب الإفراط بموظفي هيئة إدارة السير، بينما في أماكن أخرى المعلومة للجميع بكم السمسارات والسرقات والهدر للمال العام، لماذا لم نجد هذه القبضة الحديدية في ملفات الدواء والغذاء والتعليم والكهرباء والمياه والمحروقات وتدهور العملة وغيرها، هل المطلوب أن يكون موظفو هيئة ادارة السير كبش فداء عن كل الإدارات الأخرى"، مؤكدين أنّ "محاربة الفساد هي المطلب الأول للموظف العمومي لأنه هو الضحية الأساس للفساد في كل القطاعات وهو دائماً من يدفع الثمن، وتبقى حيتان الفساد تسرح وتمرح وغير مقدور على محاسبتها والذي حصل في التوقيفات الأخيرة يؤكد ذلك".



أمام هذا الواقع المأساوي، ناشدوا عبر موقعنا وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي التحرك ليحدد لهم موعد لدعوتهم إلى إجتماع سريع لمناقشة ذمام الأمور، وللإهتمام الكافي لعودة عملهم في هيئة إدارة السير بكافة أقسامها وفروعها وانتظام العمل العام في كل إدارات الدولة وإعطاء الموظفين حقوقهم كاملة لقطع الطريق على كل المستفيدين من تدمير القطاع العام خدمة لمصالحهم الشخصية الضيقة.



وفوق كل ذلك، أشاروا إلى أنّ "الإدارة تسعى لإحالة الموظفين المخلى سبيلهم إلى الهيئة العليا للتأديب، وهذا يخالف أبسط القواعد القانونية بأنه في ظل وجود دعوى جزائية لا تحرك الدعوى التأديبية إلّا بعد صدور حكم نهائي عن القضاء الجزائي، وان مثل هكذا إجراء يشكل إشهاراً بالإعدام في حق مجموعة من الموظفين، تتابع أكثريتهم الإجراءات القضائية والقانونية ذات الصلة، كما يحرم عشرات العائلات من الإستقرار الإجتماعي والمعيشي في حدّه الأدنى."

وتحت عنوان "دولة القانون"، شدّدوا على أنّه "بناءً على ما تقدم وفي ضوء ما جرى ويجري في هيئة إدارة السير والدوائر العقارية وسائر الإدارات العامة التي كانت حجر الأساس في بناء الدولة ورفد الخزينة بالأموال، ينم عن إتجاه واضح وصريح لتصفية الإدارة العامة، والرد يكون بدولة القانون والمؤسسات والقضاء ومحاكمة الفاسد وإنصاف الموظف الشريف".

ومن الواضح، أنّهم كانوا يأملون في أن يكون السبب من فتح ملف كهذا هو مكافحة الفساد، الا انه مع مرور سنة كاملة تعطلت من خلاله مصالح الناس و أُقفل المرفق العام، مما يطرح السؤال: هل كل ما يحصل هو تمهيد لبيع قطاع منتج للخزينة، والإستغناء عنه لصالح الشركات الخاصة وحيتان المال و تقاسم إدارته في ما بينهم؟ وما الهدف من وضع الموظفين الأساسيين، الذين لديهم الخبرة و الكفاءة الكافيتين لتسيير المرفق العام، خارج الخدمة والإستعانة بأشخاص لا خبرة لديهم في هذا المجال، والدولة بأمس الحاجة لجهودهم في الميادين الخاصة بهم لحفظ الامن و السلامة العامة ؟"
واعترفوا أنّ "ثمة حقد شخصي لهدف معين، ولأنّ الحق سلطان يرفضون فكرة ترك حقهم سائبًا دون الدفاع عنه، والتنازل عن سنوات طوال من الخدمة، كما والتنازل عن المعاش التقاعدي الذي يعود لكل فرد منهم".

لتبقى المأساة التي نعيشها في لبنان، منذ سنوات طوال حتّى اليوم، ومن المفترض إلى أبد الآبدين، نتيجة الفساد الكبير في إدارات الدولة، ففقدنا الأمل بأنّ يحصل يوم غد إصلاح فيه، تحت طائلة مسؤولية المسؤولين والقادة والسياسيين، فهذا حلم لا أمل فيه، لأنّ بوجود فاسدين همّهم زعاماتهم، مصالحهم، ترأس طوائفهم قبل أي شيء، وجمع المال والأنصار حولهم لتبقي على مراكزههم، فمن البديهي أن نرى الفساد أينما نظرنا وكيفما نظرنا، وطبعًا هذه حصيلة فسادهم التي سجلها التاريخ لهم في كتب الشعب المسكين تحت رحمة فسادهم المتعجرف حتّى إشعارٍ آخر... حتّى يتحوّل نظام البلد إلى نظام المواطنة والمساواة بين "الناس" في الحقوق والواجبات، حينئذ إذا صلُحَ الرأس الكبير سيصلح المجتمع، عندها يُعرف الحق من الباطل، وحينها يبقى الحق حقًا في ضمائر كثيرين!



Nawal Abou Haydar